تنازل الصدر عن الحقائب الوزارية يربك نظام المحاصصة في العراق

تنازل الصدر عن الحقائب الوزارية يربك نظام المحاصصة في العراق

بغداد – حاول رئيس الوزراء العراقي المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، عادل عبدالمهدي، الاستثمار في المساحة السياسية التي وفرتها مبادرة أطلقها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، تقضي بتنازل تحالف “سائرون”، الذي يرعاه، عن كامل حصته في الكابينة الوزارية المرتقبة.

ووفقا لمصادر رفعية تحدثت مع “العرب”، فإن “عبدالمهدي يحاول تعميم مبادرة الصدر على جميع القوى السياسية، مستغلا الحرج الشعبي الذي ربما تواجهه في حال أرادت العكس″.

واضطرت جميع القوى السياسية العراقية إلى تحية الصدر على مبادرته، التي تنازل بموجبها عن نحو 8 وزارات والعشرات من المناصب التنفيذية المهمة في حكومة عبدالمهدي، لا سيما الإدارات العامة للمؤسسات الحكومية والسفارات وغيرها من المواقع، التي عادة ما تستغلها الأحزاب العراقية لتعميق نفوذها في جهاز الدولة الإداري.

وحلت القائمة التي يرعاها الصدر في المرتبة الأولى في الانتخابات العامة التي جرت خلال مايو الماضي، وحققت 52 مقعدا من مقاعد البرلمان العراقي المكون 329 كرسيا، لذلك تكون حصتها أكبر من باقي القوائم الفائزة.

واعتاد الفائزون الكبار في الانتخابات العراقية المتعاقبة منذ 2005 على اقتسام المناصب الحكومية بحسب الحجم الانتخابي لكل كتلة، لكن الصدر يبدو أنه مصر على ضرب هذه القاعدة ومنح رئيس الوزراء المكلف حرية الاختيار من خارج المنظومة المعروفة.

وعلمت “العرب” أن “عبدالمهدي أبلغ الكتل السياسية، بأنه لن يستوزر نوابا فائزين في البرلمان الحالي، ويفضل ألا يكرر تكليف أي مسؤول سابق بالعمل ضمن كابينته الجديدة”.

وفي حال حقق عبدالمهدي طموحاته، فإن العراق ربما يكون في مواجهة كابينة وزارية مستقلة عن أي نفوذ حزبي منذ تشكيل أول حكومة مؤقتة في العام 2004.

وسيحتاج عبدالمهدي، وفقا لمراقبين، إلى أكثر من دعم الصدر للمضي في سبيله قدما.

ووفقا للدستور العراقي، فإن على رئيس الوزراء المكلف أن يقدم تشكيلته الحكومية إلى البرلمان العراقي في غضون ثلاثين يوما من تكليفه، على أن يتولى البرلمان التصويت على أعضاء الكابينة منفردين.

ومن شأن سياق من هذا النوع أن يتحول إلى فخ لرئيس الوزراء المكلف، الذي يمكن أن يذهب ضحية مناورات سياسية قد تلجأ إليها بعض الأطراف لتعطيل عرض الكابينة المقترحة على البرلمان خلال المدة المحددة دستوريا، ما يستدعي تكليف رئيس وزراء جديد.

لذلك، فإن عبدالمهدي ربما سيضطر إلى إرضاء الكتل التي يخوض معها مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة أولا، والتي ستصوت نفسها على منح الكابينة الجديدة الثقة تحت قبة البرلمان ثانيا.

لكن مصادر مقربة من عبدالمهدي أبلغت “العرب” بأن “رئيس الوزراء المكلف يضع استقالته في جيبه فعليا، ولن يتردد في تقديمها في حال تعرض لضغوط سياسية من أجل إشراك طرف أو شخصية في كابينته”.

وسبق لعبدالمهدي أن استقال من منصبين كبيرين بمجرد إثارة الجدل حولهما، الأول هو نائب رئيس الجمهورية، والثاني هو وزير النفط.

وتقول المصادر إن “الكتل السياسية تدرك حقيقة عدم تمسك عبدالمهدي بمنصبه، لكنها ستحاول أن تخرج منه بأكبر قدر من المكاسب، بشرط ألا تدفعه إلى الاستقالة، حيث يمكن أن يسبب لها هذا الأمر حرجا بالغا أمام الجمهور، ويظهرها بصفة المتمسكة بالمحاصصة”.

لذلك، تجنبت معظم الأطراف التفاعل العلني مع مبادرة الصدر، أو التعليق على نوايا عبدالمهدي بالتوجه نحو كابينة مستقلة، بينما تقول مصادر مطلعة إن هذه الأطراف ستحاول عمل العكس في السر.

لكن تيار الحكمة، الذي يتزعمه عمار الحكيم، يقول إن من حق الصدر اتخاذ هذا المنحى بشأن التعامل مع الكابينة الوزارية الجديدة، لكن هذا ربما لن ينطبق على الجميع.

ويقول المتحدث باسم تيار الحكيم إن إقصاء الحزبيين من الكابينة الجديدة هو بمثابة تعميم، ربما يغلق الباب أمام كفاءات مهمة.

ويقول مراقبون إن الضغوط السياسية على عبدالمهدي ربما تشتد مع مضي الوقت، وصولا إلى انتهاء المهلة الدستورية، وسط توقعات بأن تتشكل حكومة جديدة تضم خليطا من التكنوقراط والحزبيين، على أمل أن تلبي مطالب العراقيين.

العرب