لندن – قالت مصادر في مدينة إدلب السورية إن الاتفاق الذي توصلت إليه تركيا وروسيا حول إمكانية اقتحام القوات السورية والروسية للمدينة شهد تقاطعات مع قوى لم تكن ممثلة فيه بطريقة مباشرة، لكنها شكلت رقما صعبا في الاتفاق، نتيجة علاقتها بفصائل وتنظيمات مقاتلة على الأرض، وتتمركز في مناطق استراتيجية.
ومن بين هذه القوى قطر، التي قالت المصادر إنها ما زالت تقدم دعما لمقاتلين في صفوف هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) المتمركزة في إدلب، يقدر بـ800 دولار للمقاتل. وطلبت روسيا من تركيا التدخل لدى الدوحة لوقف هذا التمويل، الذي شكل معضلة تضاف إلى صعوبة التخلص من التنظيم وتفكيكه، إذ ما زال يضم أعدادا كبيرة من المواطنين السوريين الذين ينتمون إلى محافظات مختلفة.
وتقول المصادر إن قطر، رغم النأي بنفسها في مناسبات عدة، حافظت على خطوط التمويل مفتوحة مع هيئة تحرير الشام حتى لا تخسر مقعدها بالقرب من طاولة التسويات النهائية.
وفي المقابل، وضعت تركيا شروطا أمام روسيا تتعلق بقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة.
وبحسب المصادر السورية، اشترطت تركيا تدخل روسيا لدى الولايات المتحدة من أجل الضغط على الأكراد للانسحاب لمسافة أكثر من 40 كلم من الحدود السورية مع تركيا، نظير تسوية ملف إدلب تماما، وتسليم عناصر هيئة تحرير الشام لأسلحتهم وانسحابهم من المنطقة منزوعة السلاح، ونتيجة لهذه الاجتماعات اعتبرت أنقرة هيئة تحرير الشام ضمن التنظيمات الإرهابية.
وتعهد الجانب الروسي بالتشاور مع واشنطن وقوات التحالف الدولي حول تمركزات قوات سوريا الديمقراطية في الشمال السوري، والحوار مع القوى الكردية حيال تمركزاتها المقبلة.
وحضرت الاجتماعات، التي بدأت في أغسطس الماضي، أجهزة أمنية تابعة لدولة عربية تقوم منذ فترة بالتنسيق مع روسيا في منطقة الساحل السوري وغيرها، وتحرص على أن يكون لها حضور مادي بموافقة موسكو، وشاركت في اتفاقات الهدن التي عقدت في الأشهر الماضية بمناطق مختلفة في سوريا.
وكشف مصدر لـ”العرب” أن اجتماعات أنقرة شارك فيها قادة فصائل مسلحة تتمركز في إدلب، خاصة ما يعرف بـ”الجبهة الوطنية للتحرير السورية” التي شكلتها أنقرة للهيمنة على الفصائل المسلحة، وأظهر قادة تلك الفصائل موافقة مبدئية على المقترح الروسي شريطة وجود ضمانات بعدم خرق النظام السوري للاتفاق.
ويعكس توقيع الاتفاق هزيمة للنفوذ القطري المتبقي في الشمال السوري، بعدما وافق المسؤولون القطريون على إيقاف الدعم لهيئة تحرير الشام، خصوصا بعد الضغط الروسي وتحذيرات أميركية مماثلة.
كما يعكس أيضا بدء حصول دول عربية وخليجية أخرى على نفوذ ضمن المعادلة الجديدة في الشمال، التي يجري تشكيلها وفقا للاتفاقات (مثل اتفاق إدلب) التي تحظى بتوافق دولي.
العرب