بيروت تحتاج 3 سنوات على الأقل لمعالجة أزمة الكهرباء

بيروت تحتاج 3 سنوات على الأقل لمعالجة أزمة الكهرباء

بيروت – وصلت معاناة اللبنانيين مع الكهرباء إلى درجة مقلقة للغاية مع استمرار ضياع السلطات في متاهة تشكيل الحكومة والأزمات المالية في وقت تتفاقم فيه مشاكل تحكم أصحاب المولدات الخاصة في الأسعار.

واعترف وزير الاقتصاد والتجارة، رائد خوري، في مقابلة مع الأناضول أن آلية اتخاذ القرارات الحكومية بالإجماع تؤخر حل أزمة الكهرباء بما فيها مسألة الاستغناء عن المولدات، الذي هو أمر غير شرعي وغير مستدام.

وقال إن “تأمين الكهرباء لمدة 24 ساعة يحتاج لثلاث سنوات وبناء منشآت لتوليد الكهرباء تحتاج لقرارات تأخذها الحكومة مجتمعة”.

ويعيش المواطنون مأساة فعلية، فأزمة انقطاع التيار الكهربائي تتفاقم منذ انتهاء الحرب الأهلية، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة معالجتها.

ولذا اعتمد اللبنانيون على شركات مولدات خاصة لتأمين احتياجاتهم من الكهرباء، ما أدى لدفع المواطن فاتورتين للكهرباء، وكذلك تحكم بعض أصحاب المولدات بالأسعار.

ويعاني لبنان أزمة كهرباء خانقة، فبعد أن كانت مؤسسة الكهرباء تؤمن التيار، قبل اندلاع الحرب الأهلية، 24 ساعة يوميا، وتبيع الفائض إلى سوريا، تغير الحال بعد الحرب.

وأصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة مطلع أغسطس قراراً ينظم آلية إصدار تصاريح لأصحاب المولدات. كما ينظم القرار، العلاقة التعاقدية بين أصحاب المولدات والمشتركين، مع اعتماد أصحاب المولدات لنظام العدادات.

وأوضح خوري أنه لا علاقة بين إصدار قرار المولدات وأزمة الكهرباء، وخلال السنوات الثلاث المقبلة لن تقبل الحكومة بأن يبقى المواطنون “تحت رحمة أصحاب المولدات”. وقال إن “أصحاب المولدات يبالغون بالفواتير، بما يؤثر على معيشة الناس ودخلهم الشهري بشكل مؤلم وغير عادل”.

ويتجاوز متوسط فاتورة الكهرباء للأسرة في لبنان 1200 دولار سنويا، أكثر من ثلثيها يحصل عليه أصحاب المولدات الخاصة، التي تنتج قرابة 750 ميغاواط من الكهرباء.

ويخفض تنظيم العدادات على المواطن الفاتورة الكبيرة إلى النصف، فهي تتوفر في أماكن معينة بنسبة 100 بالمئة إذا كانت الفاتورة 300 ألف ليرة (200 دولار).

وأشار الوزير إلى أن “الالتزام من جانب أصحاب المولدات تدريجي وإيجابي، كل يوم أفضل وسنستمر بمحاضر الضبط حتى تصبح نسبة التطبيق 100 بالمئة” في كافة أنحاء البلاد.

وتشكو الشركات اللبنانية من أن أزمة نقص الكهرباء تشكل عائقا رئيسيا أمام النمو والقدرة التنافسية.

ويزداد الطلب على الطاقة الكهربائية 5 بالمئة سنويا، فيما تتراجع القوة الإنتاجية لمعامل إنتاج الكهرباء 3 بالمئة سنويا، أي يوجد فرق بـ8 بالمئة سنويا بين العرض والطلب.

وأبدى أصحاب المولدات تذمرهم من القرارات المتعلقة بتنظيم العلاقة بينهم وبين المتعاقدين، وهدد بعضهم بالتوقف عن إنتاج الكهرباء. واشترطوا وضع تسعيرة “عادلة ومربحة” للكيلوواط، قبل تركيب العدادات.

وقال المتحدث باسم أصحاب المولدات بمنطقة الشوف، أمين غانم، إن “المشكلة بدأت بعد صدور قرار وزارة الاقتصاد، الذي ألزمنا بتسعيرة محددة، ويلزم آخرين بتركيب عدادات”. وأضاف “إذا أمنت الدولة الكهرباء نرتاح، فنحن حالة أتت نتيجة تقصير الدولة، ولا نريد شرعية ولا أن نحل مكان الدولة”.

وتأتي التعليقات قبيل تهديد وزير الداخلية، نهاد المشنوق، الجمعة الماضي، بمصادرة أي مولد يتوقف عن تزويد المواطنين بالكهرباء.

وقال مالكو المولدات، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي، إن “كل تسعيرة تناقض التي قبلها تثبت أن التسعيرة القديمة لم تكن عادلة ولا مربحة”.

ورأى المتحدث باسم أصحاب المولدات، أحمد يونس، أن “410 ليرة (0.27 دولار) للكيلوواط، التي حددتها وزارة الطاقة، غير عادلة وغير مربحة، وتتسبب في خسارتنا وإفلاسنا، وبالتالي بقطع أرزاقنا”.

وتنتج مؤسسة كهرباء لبنان 1500 ميغاواط، بينما يبلغ الطلب 3 آلاف ميغاواط، مما يفرض بناء محطات جديدة.

ويكلف قطاع الكهرباء خزينة الدولة أكثر من 1.6 مليار دولار سنويا، أي نحو 20 بالمئة من إجمالي وارداتها، ويصل عجز المؤسسة المتراكم منذ عام 1992 إلى 30 مليار دولار.

وفي إطار الجهود المتواصلة لتحسين القطاع الكهربائي، اجتمع وزير الطاقة، سيزار أبي خليل، الاثنين الماضي، بوفد من شركة سيمنز الألمانية، واطلع على رؤية المسؤولين فيها بشأن تحديث النظام الكهربائي في لبنان.

وقال أبي خليل، في مؤتمر صحافي “اتفقنا على الالتزام بالتعاون لبلورة الأفكار المطروحة للتوصل إلى حلول نهائية”، فيما أكد المتحدث باسم وفد الشركة الألمانية أن الاجتماع كان إيجابيا “ولا نريد الكشف عن أي شيء حاليًا”.

ويوجد في لبنان 13 معملا لتوليد الطاقة الكهربائية، بقدرة مجهزة بنحو 3016 ميغاواط، بينما تتراوح قدرة الفعالية لهذه المعامل بين 1500 وألفي ميغاواط من معامل حرارية ومائية.

وأعلنت شركة كارادينيز التركية، المالكة والمشغلة لبواخر الطاقة في لبنان، الشهر الماضي، أن 3 من بواخرها تؤمّن من 35 إلى 40 بالمئة من الكهرباء في لبنان.

العرب