تعثر محاولات تشغيل الحقول المشتركة بين السعودية والكويت

تعثر محاولات تشغيل الحقول المشتركة بين السعودية والكويت

لندن – كشفت مصادر مطلعة أمس أن السعودية والكويت تجدان صعوبة في استئناف إنتاج النفط من حقلين يُداران على نحو مشترك بسبب خلافات سياسية تفاقم الخلافات الفنية حول طريقة إدارة عمليات الإنتاج.

وأوقف البلدان الإنتاج من حقلي الخفجي والوفرة في المنطقة المشتركة قبل أكثر من 3 سنوات، التي كانت تنتج حينها نحو 500 ألف برميل يوميا، وهو ما يعادل 0.5 بالمئة من إمدادات النفط العالمية.

ويأتي تعثر المحاولات في وقت تتحرك فيه أسعار النفط قرب أعلى مستوياتها منذ أربع سنوات، وتتزايد فيه ضغوط واشنطن على منتجي دول أوبك لمنع استمرار ارتفاع الأسعار مع قرب تقييد الإمدادات الإيرانية عند دخول المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في الشهر المقبل.

وزار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الكويت الشهر الماضي لبحث استئناف إنتاج النفط من المنطقة، لكن المصادر قالت إن المحادثات فشلت في تقريب مواقف البلدين في ظل مقاومة الكويت لضغوط الرياض لتعزيز السيطرة على الحقلين.

الخلافات السياسية المتعلقة بالعلاقات مع قطر وإيران وتركيا تفاقم الخلافات الفنية بشأن عمليات الإنتاج

وقال أحد المصادر، التي طلبت عدم نشر هويتها لأنها غير مخولة بمناقشة المسألة علنا، إن الرياض لا تريد تطبيق القوانين الكويتية على شركة النفط الأميركية الكبيرة شيفرون التي تعمل في حقل الوفرة البري نيابة عن الحكومة السعودية.

وذكر مصدر آخر أن السعودية تريد أن يكون لها القرار والسيطرة الأكبر في إدارة العمليات النفطية في المنطقة.

وأشارت المصادر إلى أن الأمير محمد اجتمع مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ومسؤولين كويتيين آخرين، لكن الزيارة اُختصرت إلى بضع ساعات في 30 سبتمبر بعد أن كان مقررا أن تستمر لمدة يومين.

وأكدوا أن ذلك يكشف عمق الفجوة بين مواقف الطرفين التي لا تقتصر على المسائل الفنية بل تمتد إلى خلافات سياسية عن الخلافات بشأن إدارة عمليات الإنتاج.

وتقول المصادر إن التوترات بين البلدين بشأن الموقف من استمرار فرض المقاطعة على قطر واختلاف وجهات النظر بشأن العلاقات مع إيران المنافس اللدود للسعودية ألقت بظلالها على المحادثات الفنية، حيث تسعى الكويت لإنهاء الخلاف.

وقطعت السعودية والبحرين والإمارات ومصر العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل والتجارة مع الدوحة العام الماضي، متهمة قطر بتمويل الإرهاب. وسعت الكويت للبقاء على الحياد ولم تنجح جهودها في التوسط لإنهاء الخلاف.

كما حافظت الكويت، التي توجد فيها أقلية شيعية كبيرة، على خطوط الحوار مفتوحة مع إيران. كما وقعت هذا الشهر خطة تعاون دفاعي مع تركيا تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية، وهو ما يمكن أن يثير حفيظة الرياض وأبوظبي بسبب مساندة تركيا لقطر في النزاع الخليجي.

ونسبت وكالة رويترز إلى عضو البرلمان الكويتي صالح عاشور قوله إن “الوضع الإقليمي لا يبشر باستقرار. وبالتالي على كل دولة أن تفكر كيف تحمي نفسها”.

وتتقاسم السعودية والكويت إنتاج النفط في المنطقة المقسومة، التي تعود إلى اتفاقات أُبرمت في عشرينات القرن الماضي أرست الحدود الإقليمية، بالتساوي بين السعودية والكويت.

وتشغل حقل الوفرة الشركة الكويتية لنفط الخليج التي تديرها الحكومة وشيفرون نيابة عن السعودية. وتدير حقل الخفجي شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط والشركة الكويتية لنفط الخليج.

الرياض لا تريد تطبيق القوانين الكويتية على شركة شيفرون التي تعمل نيابة عنها في حقل الوفرة

واندلعت التوترات منذ العقد الماضي، حين ثار غضب الكويت جراء قرار سعودي لتمديد امتياز شيفرون بحقل الوفرة حتى عام 2039 دون استشارة الكويت.

وأغلقت السعودية حقل الخفجي في عام 2014 بسبب مشكلات بيئية. وفي عام 2015، أغلقت شيفرون حقل الوفرة بعدما فشلت في الاتفاق على حقوق التشغيل مع الكويت.

وقالت مصادر على دراية بعمليات الحقل إن وقف الإنتاج مكلف بسبب الاحتياج إلى استثمارات بعشرات الملايين من الدولارات سنويا لإجراء أعمال صيانة، تتزايد بشكل كبير كلما طال توقف نشاط الحقول.

وأشار أحد المصادر إلى أن المنطقة المقسومة “هي الأصل المنفرد الأكبر في العالم الذي أُوقف على نحو متعمد ولم يعد منتجا لأكثر من ثلاث سنوات… كلما تأجل استئناف الإنتاج زادت تكلفة الصيانة. والأمر الأكثر تعقيدا ربما يكون استئناف عمل الحقلين سريعا وبشكل كامل”.

وتفاقمت الخلافات منتصف العام الماضي، حين لوحت الكويت باللجوء للتحكيم الدولي لفض خلافاتها مع السعودية حول عدد من حقول النفط والغاز بينها الوفرة والخفجي.

ويلحق توقف العمل بالحقلين ضررا بالكويت التي لا تملك أي طاقة إضافية لإنتاج النفط، وهي تنتج نحو 3 ملايين برميل يوميا.

لكن توقف تلك الحقول لا يؤثر على إمدادات النفط من السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم، في ضوء طاقتها الإنتاجية الكبيرة التي تزيد على 12 مليون برميل يوميا، في حين يبلغ إنتاجها حاليا نحو 10.7 مليون برميل يوميا.

العرب