استنزاف إعلامي في قضية خاشقجي لإفشال دافوس الصحراء

استنزاف إعلامي في قضية خاشقجي لإفشال دافوس الصحراء

أنقرة – تتحفظ السلطات القضائية التركية عن تقديم أي أدلة أو قرائن بشأن اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وتترك العنان للتسريبات، في خطوة تبدو وكأن الهدف منها هو تفتيت المشاركة المكثفة التي كانت مقررة في مؤتمر استثماري كبير تعتزم السعودية عقده الأسبوع القادم. خصوصا وأن السعودية أعلنت بعد يومين من اختفاء خاشقجي أنها مستعدة لتفتيش قنصليتها.

وقال وزير العدل التركي، عبدالحميد غل، إن “التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، تسير بسرية”، مما يؤكد عدم صحة التسريبات التي تتعمد نقلها وسائل الإعلام التركية والقطرية والغربية لخلق مناخ معاد للسعودية ومعرقل لمؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” المقرر للثالث والعشرين من الشهر الجاري، وهو الذي يمكن أن يرتقي إلى مستوى مؤتمر دافوس الدولي من حيث أهمية الحضور والآفاق والاتفاقيات التي يمكن أن ينتهي إليها.

ولم ينه التحقيق الثنائي الذي بدأت به لجنة تركية مشتركة موجة التسريبات التي يطلقها مسؤولون أتراك مجهولو الهوية، أو مصادر وهمية توصف بالهامة والمطّلعة التي ترفض الكشف عن أسمائها وصفاتها.

وكشفت سبعة مصادر أمنية أميركية وأوروبية لرويترز عن أن تركيا لم تسلم واشنطن أو حلفاء أوروبيين رئيسيين تسجيلات صوتية أو مصورة تردد أن أنقرة حصلت عليها بشأن زيارة خاشقجي إلى القنصلية السعودية في إسطنبول.

وأعلنت النيابة العامة في مدينة إسطنبول أن التحقيق في قضية خاشقجي لا يزال جاريا بما يتوافق مع مقتضيات القوانين والاتفاقيات الدولية، مشيرة إلى استمرار الإجراءات الخاصة بالفحوصات والتحقيقات.

ويشير متابعون لقضية خاشقجي إلى أن هناك شكوكا جدية في أن الهدف من سياسة الاستنزاف الإعلامي التي استخدمت ضد السعودية هو إفشال مؤتمر الاستثمار وإحاطته بحال من الضبابية والاتهامات، لكي تتمكن وسائل الإعلام من أن تأخذ الوقت الكافي للضغط على السياسيين ورجال الأعمال لكي يتخذوا موقفا بالمقاطعة، أو المشاركة المحدودة.

وسيكون المؤتمر الاستثماري، الذي ينظمه صندوق الاستثمارات العام السعودي، واجهة لعرض الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبدا بشكل واضح أن التسريبات التركية تستهدف المس من مسار تلك الإصلاحات وخيار الانفتاح السعودي الذي تتبناه.

وذكرت الحكومة البريطانية أن وزير التجارة ليام فوكس لن يحضر المنتدى الاستثماري في السعودية، لينضم بذلك إلى مسؤولين غربيين آخرين في عدم المشاركة عقب اختفاء خاشقجي.

وقال ناطق باسم الحكومة في بيان “قرر وزير الدولة للتجارة الدولية أن الوقت ليس مناسبا له ليحضر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض في 23 أكتوبر”.

وأعلن وزير المالية الفرنسي برونو لومير، الخميس، أنه لن يحضر إلى المؤتمر، وهو نفس الموقف الذي اتخذه نظيره الهولندي فوبكه هوكسترا.

وأعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين عدم مشاركته في المؤتمر الاستثماري بالسعودية. وكتب منوتشين على تويتر “التقيت للتو (بالرئيس) دونالد ترامب والوزير (مايك) بومبيو وقررنا أنني لن أشارك في قمة مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية”.

وكان منوتشين ربط مشاركته في المؤتمر بفحوى التقرير الذي قدمه بومبيو للرئيس ترامب بعد زيارته للرياض الثلاثاء والتي التقى خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية عادل الجبير.

وقال بومبيو إنه أطلع الخميس الرئيس ترامب على نتائج زيارته للسعودية، وإنه أبلغه بضرورة منح السعوديين بضعة أيام أخرى من أجل التحقيق قبل الرد، وإنهم أكدوا له أنهم سيجرون تحقيقا وافيا.

وكانت متحدثة باسم وزارة الخارجية قالت إن بومبيو لم يسمع خلال زيارته لتركيا أي تسجيل صوتي يشير إلى مقتل خاشقجي، ما يزيد من منسوب الشكوك في التسريبات التركية والتضخيم الإعلامي الذي يرافقها خاصة من وسائل إعلام قطرية، وأخرى غربية تقود حملة ضغط واسعة لابتزاز السعودية الجديدة التي تتمسك بخيار الاعتماد على الذات وتنويع الشركاء الاقتصاديين بدل حصر علاقاتها التجارية والمالية والعسكرية في دائرة واحدة.

ودخلت موسكو على خط الأزمة، الخميس، حين أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لا يجوز الضرر بالعلاقات مع السعودية قبل انتهاء التحقيق في قضية خاشقجي. وقال “نحن لا نعرف ما حدث وينبغي أن ننتظر التفاصيل”.

وشدد بوتين على أن الولايات المتحدة تتحمل جزءا من المسؤولية عن اختفاء الصحافي السعودي، لكونه مقيما على أراض أميركية.

العرب