بدأ الخناق يشتد حول الرجل القوي الجديد في السعودية ووريث عرشها المرتقب محمد بن سلمان بعد أن أصبحت بعض الشكوك تحوم حول دور محتمل له في مقتل الصحفي جمال خاشقجي بسفارة بلاده بداية الشهر الحالي، فهل سيتمكن محمد بن سلمان من حسم الوضع لصالحه؟ وهل يستطيع والده تهميشه؟ وهل يمكن لحاميه الأميركي الرئيس دونالد ترامب أن يتخلى عنه؟
أسئلة قال الصحفي المخضرم بصحيفة لوفيغارو الفرنسية جورج مالبرونو إنها تشغل بال الخبراء بشأن هذه المملكة التي لم تشهد أزمة بحجم أزمة خاشقجي منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة، والتي كان 15 من أصل 19 من منفذيها سعوديون.
مالبرونو قال إن محمد بن سلمان يعيش -حتى قبل قضية خاشقجي- في جو من الريبة والخوف، لدرجة أنه كما يشاع يفضل قضاء فترات طويلة على يخته في البحر الأحمر، حيث يشعر بأمان أكثر من قصره في الرياض، بل إن شائعات انتشرت على الشبكات الاجتماعية في الأشهر الأخيرة تقول إنه تعرض لمحاولات هجوم.
ومنذ اندلاع قضية خاشقجي، تفاقم التوتر بين ولي العهد وبقية أفراد العائلة المالكة -وفقا لمالبرونو- ولكن ماذا يمكنهم أن يفعلوا؟ فولي العهد يحجب عنهم الملك سلمان بل ويستأثر حتى بهاتفه الخلوي، وهو ما تأكد لملك إسبانيا خوان كارلوس.
فعندما اتصل كارلوس بسلمان على هاتفه الخاص قبل سنتين، رد عليه ولي عهده بطريقة تفتقد للباقة الدبلوماسية قائلا “الملك مشغول”.
ونسب مالبرونو لصحيفة وول ستريت جورنال قولها إن عدم تمكن الأمراء من مقابلة الملك مباشرة جعلهم يلجؤون لاجتماعات سرية.
وأضاف أن أحد الأمراء القلائل الذين قابلوا الأيام الأخيرة الملك سلمان هو الأمير خالد الفيصل ابن عمه ورجل ثقته والذي أرسله إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وبحسب ما يقال فإن تركيا قدمت للفيصل تسجيلًا صوتيًا قصيرًا يثبت أن خاشقجي خدر ثم قُتل قبل أن تشوه جثته، وذلك بعد وقت قصير من دخوله للقنصلية في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
ورغم أنه من المؤكد -حسب الكاتب- أن الفيصل سلم للملك تفاصيل الرواية التركية، فإن هذا الأخير لم يتردد في تعزيز سلطات ابنه عندما عينه على اللجنة التي كلفت بالتحقيق في ممارسات جهاز الاستخبارات السعودي.
ورغم أن مالبرونو يرى أن سلمان لم يكن مستعدا لتهميش ابنه -كما تصبو لذلك تركيا والعديد من حلفاء السعودية- فإنه لفت إلى أن ذلك كان قبل أن يصعد حليفه الأميركي ترامب من نبرته ويصف الروايات السعودية بأنه “أكاذيب وخداع”.
هنا -يقول مالبرونو- ظهر القلق على محمد بن سلمان، وانتشر التوجس بين المحيطين به، لدرجة أنه عبر عن “صدمته” من كل هذه “الضجة” التي لا يفهمها.
لكن بعد أن استحوذ ولي العهد على جميع السلطات تقريبا بأقل من سنتين، سيحتاج والده على الأرجح للكثير من الضغط لكي يوافق على تهميشه في بنية السلطة، وإن كان ظهوره بالمنتدى الاقتصادي الأخير بالمملكة يبدو تحديا لخصومه.
وتحاول وكالات الاستخبارات الغربية الكبرى منذ أسبوعين الكشف عن مستوى تورطه ومعرفته بالجريمة التي ارتكبت بحق خاشقجي.
وينقل مالبرونو عن مصدر من أوساط الاستخبارات قوله إن “محمد بن سلمان كان فضفاضا عندما أمر زعيم الكوماندوز بتحييد خاشقجي” فهل سيمثل ذلك طوق نجاة له من الإعصار الذي ما زال يعصف بالسعودية؟
المصدر : لوفيغارو