شركات النفط الصينية تغلق أكبر منافذ الصادرات الإيرانية

شركات النفط الصينية تغلق أكبر منافذ الصادرات الإيرانية

لندن – كشفت مصادر مطلعة أمس أن أكبر شركتي نفط حكوميتين في الصين وهما سينوبك ومؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي.أن.بي.سي) لم تحجزا أي نفط إيراني للتحميل في نوفمبر بسبب المخاوف من انتهاك العقوبات الأميركية.

ولم يصدر أي إعلان رسمي عن بكين، التي تعارض العقوبات الأميركية على إيران وتشتبك في مواجهة تجارية ساخنة مع واشنطن، لكن الخطوة تشير إلى أنها تركت حرية الاختيار للشركات الحكومية لتحديد مصالحها.

ويرى محللون أن شركات الصينية العملاقة يبدو أنها اختارت مصالحها الكبيرة مع الولايات المتحدة على حساب المصالح الضئيلة المحفوفة بالمخاطر مع إيران، خاصة أن سينوبك مدرجة في سوق نيويورك للأوراق المالية.

وتقترب واشنطن من فرض المرحلة الثانية من العقوبات على إيران مطلع نوفمبر والتي ستقيّد صادرات النفط وخدمات الشحن وتغلق آخر منافذ التعاملات المالية، دون أن تلوح أي إمكانية لمنح إعفاءات، رغم محاولات الهند واليابان وتركيا لإقناع واشنطن.

ويوجه توقف أكبر شركتين صينيتين للتكرير ضربة موجعة لآفاق مستقبل صادرات النفط الإيرانية التي وجهت معظم ناقلاتها إلى الصين، بعد توقف كوريا الجنوبية واليابان وأكبر الشركات الهندية عن الشراء.

وكانت طهران تعول على الصين، أكبر مشتر للنفط الإيراني، في التمرد على عقوبات واشنطن، خاصة في ظل حرب الرسوم التجارية المندلعة بين الصين وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

لكن يبدو أن بكين فضلت عدم مفاقمة النزاع التجاري مع الولايات المتحدة التي تستقبل أكثر من ربع صادراتها.

ونسبت وكالة رويترز أمس إلى مصدرين، طلبا عدم ذكر اسميهما بسبب حساسية الأمر، تأكيدهما على أن سينوبك وسي.أن.بي.سي لن تطلبا أي نفط إيراني للتحميل في نوفمبر في ظل انحسار إمكانية حصول المشترين الصينيين على استثناءات من العقوبات.

وقال مسؤول في شركة نفط حكومية إنه “في غياب الوضوح بشأن الإعفاءات، لن تخاطر أي شركة بشراء برميل نفط إيراني.. المخاطرة أكبر بكثير من كمية النفط المخفّضة”.

شركات النفط الصينية فضلت مصالحها الكبيرة مع الولايات المتحدة على المصالح الضئيلة مع إيران

وامتنعت الشركتان الصينيتان عن التعقيب. ولم ترد شركة النفط الوطنية الإيرانية على طلبات التعليق من وسائل الإعلام.

وأكدت المصادر أن قرار الشركتين جاء بعد زيارتين في يونيو وسبتمبر قام بهما مسؤولون من وزارة الخارجية الأميركية منهم فرانسيس فانون مساعد وزير الخارجية لمكتب موارد الطاقة الصيني.

وخلال اجتماعات مع شركات النفط الصينية، أكد المسؤولون الأميركيون على موقف واشنطن التي تطالب المشترين الصينيين بخفض واردات النفط الإيرانية في نوفمبر أو مواجهة عقوبات.

وفي الأسبوع الماضي كشفت شركة ريلاينس اندستريز الهندية، التي تملك أكبر مجمّع تكرير في العالم، أنها أوقفت استيراد النفط الخام الإيراني، قبل 3 أسابيع من سريان العقوبات الأميركية.

ومن المرجح ألا تجد الإمدادات الإيرانية سوى نوافذ ضئيلة لتصدير النفط بعد فرض العقوبات الأميركية وبعد أن تسارع إغلاق معظم المنافذ في الأسابيع الأخيرة.

وكشفت مصادر بالقطاع أن شركة توبراش، أكبر شركة تكرير نفط في تركيا، لا تزال تسعى للحصول على إعفاء أميركي بمواصلة شراء النفط الإيراني بعد فرض العقوبات.

ويقول محللون إن قرار الشركة الهندية يعد ضربة قوية لإيران وربما يجعلها في موقف أكثر تخبطا بحثا عن منافذ لتصريف نفطها في الأسواق العالمية بعيدا عن الحظر الأميركي.

وفي هذه الأثناء تشير التعاملات في أسواق النفط العالمية وتراجع سعر مزيج برنت إلى أدنى مستوياته منذ نحو شهرين عند نحو 76 دولارا للبرميل، إلى أن أسواق النفط أسقطت مخاوفها من تأثير الغياب الوشيك للإمدادات الإيرانية.

واطمأنت الأسواق بعد تأكيد استعداد السعودية لزيادة الإنتاج بشكل كبير في ظل امتلاكها لطاقة إضافية تصل إلى 1.5 مليون برميل فوق إنتاجها الحالي. وكانت الرياض قد رفعت الإنتاج إلى 10.7 مليون برميل يوميا في الشهر الحالي ووعدت بزيادة أخرى في الشهر الحالي.

وفي مؤشر على وفرة الإمدادات، قال معهد البترول الأميركي الثلاثاء إن مخزونات النفط الخام الأميركية زادت 9.9 مليون برميل متجاوزة التوقعات.

وأكد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في وقت سابق من الأسبوع الحالي أن السعودية ستزيد جهودها من أجل “تلبية أي طلب يتبلور بما يكفل رضا المستهلكين” حول العالم.

ويرى العديد من المحللين أن المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية ستكمل خنق الاقتصاد الإيراني بشكل كبير أكثر من السابق وهناك احتمال بأن تفاقم الاحتجاجات المستمرة في الكثير من المدن الإيرانية منذ نهاية العام الماضي.

ويتقاذف المسؤولون الإيرانيون إلقاء اللوم على بعضهم البعض بشأن تردي الأوضاع الاقتصادي بالنسبة لمعظم الإيرانيين، وقد أدى ذلك إلى إقالة عدد من الوزراء والمسؤولين في محاولة لتفادي احتقان غضب الشارع الذي يقترب من انفجار شامل.

العرب