واشنطن – على القراء الأعزاء الاستعداد لانتهاء عصر الحصول على الجنسية الأميركية بطريقة غير مكلفة، عبر سفر الأمهات إلى الولايات المتحدة قبل الولادة بشهور قليلة من أجل منح الطفل المنتظر الجنسية هناك. فقد قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغيير طبيعة بلاده كبلد قائم أساسا على الهجرة.
وفي مقابلة مع موقع أكسيوس الأميركي الإخباري، قال ترامب إنه يعمل مع مستشار قانوني لوضع حد لمنح الجنسية لأي شخص يولد داخل الأراضي الأميركية.
وشكلت هذه الميزة، التي كانت بمثابة حلم للكثيرين من أجل منح أبنائهم الجنسية الأميركية، إحدى خصائص شخصية الولايات المتحدة التي تتغير بوتيرة متسارعة منذ صعود ترامب إلى الحكم العام الماضي. وتعود البلاد مرة أخرى إلى حقبة انعزالية وتوجس من المهاجرين، ارتبطت بشكل وثيق بأزمة كبرى عصفت بالاقتصاد العالمي مع بداية القرن العشرين.
وفي ذلك الوقت، كانت جزيرة أليس، الواقعة في مواجهة تمثال الحرية على سواحل مدينة نيويورك، “معتقلا” مفتوحا لغير المرغوب فيهم من المهاجرين، الذين كانوا يخضعون للاحتجاز على الجزيرة لفترة قد تصل إلى سنوات، ولا يسمح لهم بدخول الولايات المتحدة. واستمرت هذه الممارسة، التي بدأت مع ثمانينات القرن التاسع عشر، واستمرت حتى النصف الثاني من القرن العشرين، في تشكيل وجه أميركا الانعزالية.
لكن في عام 1968 بدأ لأول مرة تطبيق نظام منح الجنسية تلقائيا للمولودين على الأراضي الأميركية. وشهدت هذه الفترة مولد القوة الأميركية العظمى، التي كانت تطمح لوراثة النفوذ العالمي القوى الأوروبية التقليدية، وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا.
واليوم يعيد ترامب السياسة الانعزالية التي وضعها أندرو جاكسون، الرئيس السابع للولايات المتحدة (1829 – 1837)، والتي استمرت في حكم المزاج الأميركي في العلاقات الخارجية إلى الحرب العالمية الثانية.
وبعد إرسال أكثر من 5 آلاف جندي إلى الحدود الأميركية لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المكسيك، يبدو ترامب وكأنه يبحث عن كل الثغرات التي يعتقد أنها تسمح للهجرة إلى الولايات المتحدة بالاستمرار.
ويريد الرئيس الأميركي أن ينهي هذه الحالة التاريخية عبر إصدار أمر تنفيذي رئاسي فقط. وقال إنه تشاور مع مستشار قانوني، ووصل إلى تقييم قائم على أن أمرا تنفيذيا كافيا لإنهاء منح الجنسية للمولودين على الأراضي الأميركية.
ومنح الجنسية لمن يولدون في الولايات المتحدة منصوص عليه في التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي، والذي ينص على أن “جميع الأشخاص المولودين أو المجنّسين في الولايات المتحدة والخاضعين للولاية القضائية فيها هم مواطنون أميركيون ومواطنون في الولاية التي يقيمون فيها”.
ولم يتضح ما إذا كان ترامب سوف يتمكن من التخلص من منح المواطنة لمن يولدون في الولايات المتحدة عبر إصدار أمر تنفيذي.
ويريد ترامب أن يحذو حذو رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، التي أنهت الحق للأطفال المولودين على الأراضي البريطانية في الحصول على الجنسية البريطانية، من خلال قانون الجنسية البريطانية رقم 1981 لسنة 1983. ومنذ ذلك الحين تراجع بشكل جذري عدد الراغبين في السفر إلى بريطانية للولادة فيها من أجل حصول أبنائهم على الجنسية.
ويقول خبراء إن الفرق بين البلدين هو أن الولايات المتحدة بلد حديث قائم على انصهار الأعراق، كما اعتمد اقتصاده منذ إنشائه على هذا المزيج الذي شكلت الهجرة التي تقف وراءه مولد القوة العمالية والصناعية الكبرى. لكن بريطانيا بلد قديم، ويقع تحت سيطرة العرق الأبيض للسكان الأصليين منذ المئات من السنين. وبالتزامن مع صعود الجدل الذي يقوده ترامب حول قضية الهجرة في الولايات المتحدة، كانت نفس القضية تشكل الدافع الرئيسي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
العرب