قبل أربع أيام بدأ سريان الحزمة الجديدة من العقوبات الأميركية على إيران، والتي أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها بعدما رُفعت بموجب الاتفاق النووي الموقع عام 2015، الذي تم التوصل إليه بين إيران من جهة والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين وروسيا من جهة أخرى. ومع بدء تطبيقها التي استهدفت قطاعي النفط والمال الإيرانيين، برزت مخاوف من أن يقع العراق الذي يعتمد بشكل كبير على جاره الشرقي في مجال الكهرباء والسلع الاستهلاكية ضحية للأزمة. لكن بغداد استطاعت أن تحصل على إعفاء.
وقد جاءت هذه التطورات السياسية لتثبت صحة المعلومات الواردة في مقال سابق نشر من قبل مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية بعنوان: ” عادل عبدالمهدي وإرث من المعضلات الداخلية والخارجية“، حيث أشار المقال في إحى فقراته بالتالي:” العراق يحاول أن يحصل على إستثناء من الولايات المتحدة الأمريكية في تطبيق العقوبات على إيران، كما حصل تمامًا مع الأردن حينما حصل على ذلك الاستثناء بعد حرب الخليج الثانية”. فوفق هذا السياق أعلن مبعوث وزارة الخارجية الأميركية إلى إيران بريان هوك يوم الخميس الفائت: «منحنا العراق إعفاءً للسماح له بالاستمرار في دفع ثمن استيراد الكهرباء من إيران». وأفاد مصدر عراقي مطلع لوكالة «فرانس برس» بأن العراق حصل على هذا الإعفاء في مقابل التزامات. وأضاف: «أعطتنا الولايات المتحدة فرصة 45 يوماً لنجد حلاً للتوقف عن استخدام النفط والغاز، ولكننا أبلغناهم أننا نحتاج 4 سنوات حتى نعتمد على أنفسنا، أو نجد بديلاً». وحصل العراق على هذا الاستثناء بعد مفاوضات بين مسؤولين عراقيين وأميركيين ممثلين للبيت الابيض ووزارة الخزانة الأميركية وأجرى ممثلو الحكومة العراقية محادثات بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين لأشهر من أجل ضمان عدم انهيار اقتصادهم الهش بسبب تصاعد التوترات.
ومن جانبه، قال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في تصريحات صحافية إن بغداد تجري محادثات مع كلا الجانبين لحماية مصالحها، والعراق ليس جزءاً من منظومة العقوبات، فهو أولاً يحمي مصالحه، ويراعي كل مصالح الآخرين».وبلغت قيمة هذه الواردات غير الهيدروكربونية نحو 6 بلايين دولار عام 2017، ما يجعل إيران ثاني أكبر مصدر للسلع المستوردة في العراق.لكن ربما الأكثر أهمية بالنسبة إلى 39 مليون شخص في العراق، هو اعتمادهم على إيران للحصول على الكهرباء.
وقالت المستشارة في «المعهد الأوروبي للسلام» نسيبة يونس: «يبدو أن إعفاء العراق الخاص جاء بشرط خاص به يحدد كيف سيتوقف عن استخدام الكهرباء الإيرانية». وأوضحت لوكالة «فرانس برس»: «من أجل الحصول على هذا الاستثناء، قدم العراقيون نوعاً من خريطة طريق». وقد تساعد الشركات الأميركية في ملء الفراغ الذي تركته إيران. وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، وقع العراق مذكرة تفاهم مع شركة الطاقة الأميركية «أوريون» لاستغلال الغاز في حقل نفطي جنوبي، كما وقع مذكرة مع شركة «جنرال إلكتريك» الأميركية لإصلاح قطاع الكهرباء، بعد توقيع اتفاق مماثل مع شركة «سيمنز» الألمانية.
ترتبط بغداد بعلاقة قوية مع الولايات المتحدة وتنسق معها حول الأمن والسياسة والحكم. لكن اقتصادها متشابك بشكل كبير مع اقتصاد إيران. ولا تنتج المصانع العراقية سوى القليل جدا من المنتجات إثر الحصار الدولي الذي فرضته الولايات المتحدة في مطلع التسعينات والغزو الذي قادته ضد العراق في عام 2003. وبدلا من ذلك، تغزو حاليا المنتجات الإيرانية الأسواق ابتداء من المعلبات الغذائية مثل الألبان إلى السجاد والسيارات. وبلغت قيمة هذه الواردات غير الهيدروكربونية نحو 6 مليارات دولار في عام 2017، ما يجعل إيران ثاني أكبر مصدر للسلع المستوردة في العراق، لكن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلى 39 مليون شخص في العراق هو اعتمادهم على إيران للحصول على الكهرباء.
ويعد نقص الطاقة، الذي غالباً ما يترك المنازل بلا كهرباء لمدة تصل إلى 20 ساعة في اليوم، عاملاً رئيساً وراء أسابيع من الاحتجاجات الكبيرة في العراق خلال الصيف.وللتغلب على هذا النقص، تستورد بغداد الغاز الطبيعي من طهران إلى مصانعها، كما تشتري بشكل مباشر 1300 ميغاوات من الكهرباء الإيرانية.وهذا الاعتماد غير مريح بالنسبة للولايات المتحدة التي سعت إلى تقليص نفوذ طهران وإعادة فرض العقوبات على المؤسسات المالية الإيرانية وخطوط الشحن وقطاع الطاقة والمنتجات النفطية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية