بيروت – كشفت مصادر سياسية لبنانية عن عودة العلاقات بين حزب الله اللبناني وقطر إلى طبيعتها، واصفة الحال بـ”شهر عسل جديد” بين الطرفين، بعد فتور دام سنوات عدة تلا القطيعة بين الدوحة والنظام السوري في مرحلة ما بعد اندلاع الاحتجاجات السورية في العام 2011.
وأشارت المصادر إلى أن وفودا قطرية عادت تتردد على الضاحية الجنوبية لبيروت، كما كانت عليه الحال في السنوات التي سبقت حرب صيف 2006 بين حزب الله وإسرائيل وتلك التي تلت مباشرة تلك الحرب.
وذكرت في هذا المجال أن العداء للمملكة العربية السعودية يمثل القاسم المشترك بين حزب الله وقطر.
ولاحظت أن هذا العداء جعل قطر تقف في كلّ وقت في وجه آل الحريري في لبنان وذلك منذ الأيام التي كان فيها الراحل رفيق الحريري رئيسا للوزراء.
وذكر سياسي لبناني أن قطر شنت حملات على رفيق الحريري من منطلق أنّه كان “رجل السعودية في لبنان”. ولم تتردد العام 2000 في دعم رئيس الجمهورية، وقتذاك، إميل لحود في وجه رفيق الحريري من منطلق أنّ لحود يتخذ مواقف مؤيدة لحزب الله ويعارض كلّ من يقف مع السعودية.
ورأى السياسي اللبناني في تصريح لـ”العرب” أن الموقف الذي عبّر عنه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في خطاب السبت الماضي موجّه، في جانب منه، ضد رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اعتبر أنه ليس من حق النواب السنّة الذين يسمون أنفسهم بـ”السنّة المستقلين” أن يكون لهم وزير في الحكومة.
وتوقّع هذا السياسي تراجع عون عن موقفه المعترض على توزير “سنّي مستقل”، هو في الواقع من سنّة حزب الله، إلّا أن أخطر ما في الأمر هو أنّ حزب الله أظهر في الواقع عدم اهتمامه بأي انهيار اقتصادي في لبنان.
وأشار في هذا السياق إلى أن عدم تشكيل حكومة استنادا إلى مواصفات معيّنة سيجعل المجتمع الدولي يعيد النظر في أي مساعدات يمكن أن يقدّمها إلى لبنان. وركّز في هذا المجال على المساعدات المقررة للبنان بموجب مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في أبريل الماضي.
ولاحظ أن الشرط الأوّل لحصول لبنان على مساعدات أقرّت في مؤتمر “سيدر” هو تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات جذرية في كلّ المجالات، خصوصا في طريقة عمل مؤسسات الدولة اللبنانية.
والتقى هذا السياسي اللبناني مع ما ذكرته المصادر السياسية اللبنانية عن دعم قطري لحزب الله، وقال إن هذا الدعم جعل الحزب الذي يعبّر عن السياسة الإيرانية غير مهتمّ بأي انهيار اقتصادي في لبنان ما دام في استطاعته تأمين رواتب للمنتمين إليه ولمقاتليه على غرار ما هو حاصل مع حماس في غزّة.
وأضاف أن ما يفسّر كل هذا الاهتمام القطري المتجدّد بحزب الله هو العداء العميق للمملكة العربية السعودية الذي يتحكّم بالأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وتصرّفاته والذي انتقل إلى خليفته الشيخ تميم.
وكان حزب الله قد قطع الطريق على إمكانية تشكيل حكومة لبنانية جديدة برئاسة سعد الحريري عندما أعلن الأمين العام للحزب حسن نصرالله، السبت الماضي، الإصرار على توزير سنّي ينتمي إلى مجموعة من النواب المحسوبين على الحزب.
ويعكس خطاب نصرالله الأخير موقفا متشددا يتجاوز الأعراف المتبعة في تشكيل الحكومات في لبنان. واعتبرت مصادر سياسية لبنانية أن لهجة الأمين العام لحزب الله أظهرت رغبة في تغيير طبيعة النظام اللبناني بعدما رهن تشكيل الحكومة الجديدة بـ”معايير” وضعها بنفسه لرئيس الوزراء المكلّف.
وذكرت هذه المصادر أن ذلك لم يكن ممكنا لولا الرغبة الإيرانية في استخدام لبنان ورقة في مواجهة العقوبات الأميركية الجديدة من جهة ولولا وجود دعم قطري لحزب الله يجعله مطمئنا إلى أنه سيكون قادرا على تعويض النقص في الدعم الإيراني من جهة أخرى.
العرب