كعادته دائما أمتعنا د. على الدين هلال بمقاله الرائع: مصر شريك مهم فى انتصار الحرب العالمية الأولى, (الأهرام 11/11) والذى نشر فى نفس اليوم – الأحد الماضى- الذى شهد الاحتفال الكبير الذى أقيم فى باريس بمشاركة عشرات من زعماء العالم بمناسبة مرور مائة عام على الهدنة التى أدت إلى إنهاء الحرب العالمية الأولى فى 11 نوفمبر عام 1918. فى هذا الاحتفال وقف قادة الدول- التى سبق أن تصارعت فى واحدة من أشرس الحروب فى التاريخ المعاصر- جنبا إلى جنب، وفى مقدمتهم قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا وإيطاليا والولايات المتحدة وتركيا… إلخ. وكما قال د. على فقد بلغ عدد أفراد الجيوش المتحاربة 70 مليونا من الضباط والجنود، وعدد القتلى عشرة ملايين! وعدد الجرحى أكثر من 21 مليونا. وفى غمار تلك الحرب وتطوراتها الدرامية نشبت الثورة البلشفية فى روسيا (التى ادت إلى معاهدة برست ليتوفسك التى انسحبت بمقتضاها روسيا من الحرب باعتبارها حربا بين القوميات البرجوازية) وتفككت امبراطوريات، وأنشئت عصبة الأمم كتنظيم دولى شامل (سبق قيام منظمة الأمم المتحدة التى أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية). غير أن جوهر ما ذكرنا به د. على هو حقيقة المشاركة المصرية الكبيرة فى الحرب بما قدره بمليون ومئتى ألف ضابط و جندى، وفقا لما وثقته هيئة البحوث العسكرية، وكذلك د. اشرف صبرى. وهنا، يقفز إلى ذهنى تساؤل وملحوظة. التساؤل هو: لماذا لم تدع مصر إلى ذلك الاحتفال العالمى الأخير خاصة أنه سبقت دعوتها لمئوية بدء الحرب فى 2014، أما الملحوظة فهى أن انعقاد مؤتمر الصلح عام 1918 كان هو الذى أوحى لسعد زغلول ورفاقه بتشكيل الوفد المصرى للسفر لباريس للمطالبة باستقلال مصر، وهو ما عارضته السلطات البريطانية، واعتقلت سعدا ورفاقه ونفتهم إلى مالطة، مما أدى إلى انفجار ثورة 1919 المجيدة، التى جسدت -على نحو غير مسبوق- تبلور الهوية القومية لمصر الحديثة.
الاهرام