عمّق حزب العمال المعارض الاثنين، الضغوط الداخلية على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بعد أن طالب بإجراء انتخابات مبكرة أو ربما استفتاء جديد حال فشل بريكست، فيما تكافح ماي تمردا داخل حزبها المحافظ للإبقاء على خطتها للانفصال بعد تهديد عدد من نوابها بإسقاط بريكست في البرلمان ما لم تعدّل خطتها، وذلك قبل وقت قصير من قمة حاسمة في بروكسل أواخر الشهر الجاري.
بروكسل – أعلن ميشال بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي الاثنين، أمام وزراء الدول الـ27 المجتمعين في بروكسل أنه “لم يتم التوصل بعد” إلى اتفاق حول بريكست بالرغم من “جهود مكثفة” تبذل في هذا الشأن، فيما تنامت الضغوط الداخلية على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بعد مطالبة حزب العمال المعارض بانتخابات مبكرة أو ربما استفتاء جديد حال فشل التوصل لاتفاق حول الخروج من التكتل الأوروبي.
وقال مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان إن “ميشال بارنييه أوضح أن جهود تفاوض مكثفة لا تزال متواصلة غير أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد”، بعدما تحدثت تكهنات كثيرة منذ بضعة أيام عن فرص التوصل إلى اتفاق سريعا.
وتابع البيان المقتضب الذي صدر في ختام اجتماع مع وزراء الاتحاد الـ27 المكلفين بالشؤون الأوروبية، أن “بعض المسائل الأساسية لا تزال موضع نقاش وفي طليعتها تسوية تحول دون قيام حدود فعلية بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية”.
وأعلن الوزير النمساوي غيرنوت بلومل الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي أن الوزراء أكدوا مرة جديدة ثقتهم في بارنييه “في هذه المراحل الأخيرة من المفاوضات”.
وكان الاتحاد يأمل في المصادقة على اتفاق خلال قمة مقررة في منتصف أكتوبر، لكنه رأى في غياب أي تقدم في الملف الأيرلندي، أن الأمر بحاجة إلى المزيد من الوقت، إلا أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بحاجة إلى مهلة قبل استحقاق بريكست المقرر في 29 مارس 2019، ليتسنى للبرلمانين البريطاني والأوروبي المصادقة على اتفاق الانفصال.
وعمّق حزب العمال البريطاني المعارض، الضغوط على رئيسة الوزراء البريطانية التي تواجه تمردا من قبل أعضاء حزبها المحافظ، المتحفظين على خطتها في شأن بريكست، بالمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة أو ربما استفتاء جديد إذا تم رفض الاتفاق الذي تقترحه للخروج من التكتل.
وقال كير ستارمر المتحدث باسم شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي في حزب العمال البريطاني المعارض إن الحزب سيدعو إلى إجراء انتخابات عامة وربما استفتاء جديد إذا تم رفض الاتفاق الذي تقترحه رئيسة الوزراء تيريزا ماي للخروج من التكتل.
وأضاف ردا على سؤال حول ما إذا كان الحزب سيصوت ضد اتفاق ماي “حاليا رئيسة الوزراء مضت أبعد مما ينبغي”.
وتابع “إذا تم رفض الاتفاق سندعو لانتخابات عامة… وإذا لم يحدث ذلك فإن جميع الخيارات يجب أن تبقى على الطاولة وهذا يتضمن خيار إجراء استفتاء”.
ويريد المتشككون من الاتحاد الأوروبي من ماي أن تسقط قبولها لدعم يضمن حدود أيرلندية مفتوحة، لكن يمكن أن يترك أيرلندا الشمالية تحت ترتيبات جمركية مختلفة عن باقي المملكة المتحدة.
ولم تشهد المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا انفراجا حتى الآن، ولا تزال العقبة الرئيسية للتوصل إلى اتفاق تتمثل في كيفية تجنب الرقابة مستقبلا على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بين جمهورية أيرلندا التابعة للتكتل، وأيرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة.
وتعثرت مفاوضات بريكست بسبب الاختلاف حول كيفية تفادي وضع نقاط تفتيش على الحدود الأيرلندية مع مغادرة بريطانيا الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، والسوق الأوروبية المشتركة، لدى مغادرتها للاتحاد في مارس المقبل. واتفق الطرفان على “شبكة أمان” أو اتفاق ضمانات (باكستوب) لتجنب نقاط التفتيش إلى حين التوصل إلى اتفاق تجاري أشمل يحل الأزمة.
ويودّ الاتحاد الأوروبي أن تستمر أيرلندا الشمالية في تطبيق قواعده التجارية، لكن لندن تضغط في المقابل أن تبقى كل بريطانيا مؤقتا خاضعة للقواعد الأوروبية.
والمعركة الرئيسية تتعلق بما يطلق عليه سياسة المساندة لمنع عودة الحدود الصلبة بين إقليم أيرلندا الشمالية ودولة أيرلندا وهو ما سيحدث فقط إذا ما لم يتحقق اتفاق على مستقبل العلاقات التجارية دون احتكاك لإبقاء الحدود مفتوحة.
وتركزت الانتقادات لخطة ماي على المخاوف من أن تعني المقترحات إبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي إلى أجل غير مسمى أو أن أيرلندا الشمالية قد تضطر لقبول قواعد مختلفة عن بقية بريطانيا.
ورغم رفض بروكسل لخطة لندن بشأن الحدود الأيرلندية، ترى برلين أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأنها، ما يمثل جرعة دعم لرئيسة الوزراء البريطانية التي تقاتل من أجل الدفاع عن تصوراتها بشأن الحدود.
وأعربت الحكومة الألمانية عن اعتقادها بأنه من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال وزير الدولة الألماني للشؤون الأوروبية ميشائيل روت الاثنين إن الوقت طال كثيرا، موضحا أنه يعول على التمكن من إنجاز الأمر. وأكد روت أن إقامة اتحاد جمركي بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي أمر اختياري، وقال “يتعين في ذلك ضمان عدم تطور الأمر إلى علاقات غير عادلة”، موضحا أنه يتعين ضمان استمرار الالتزام بمعايير عالية للبيئة، وسوق العمل والنظام الاجتماعي بين الطرفين.
ولم يحدد ما إذا كان من الممكن عقد قمة طارئة لإتمام مفاوضات بريكست خلال هذا الشهر، مشيرا إلى أنه سيظل متفائلا.
وعلى غرار روت، أوضح وزراء آخرون أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عملا خلال الأيام الماضية على نحو مكثف مجددا على التوصل لاتفاقية الخروج.
وقال وزير الشؤون الأوروبية النمساوي جيرنوت بلومل “المفاوضات زادت حيويتها مجددا”، مضيفا أن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، هو المعني بوضع تفاصيل ما يجرى على الطاولة لباقي الدول الأعضاء في الاتحاد”.
العرب