الفوضى تسود مناطق السيطرة التركية في سوريا

الفوضى تسود مناطق السيطرة التركية في سوريا

دمشق – تشهد مناطق السيطرة التركية في سوريا حالة من الفوضى والانفلات الأمني، الأمر الذي ذاق به سكان تلك المناطق ذرعا، ومنها جرابلس التي انتفض مواطنوها مؤخرا مطالبين بخروج جميع الفصائل المسلحة من المدينة بشكل كامل.

وتحاول تركيا التسويق إلى أن سيطرتها المباشرة أو عبر الفصائل السورية الإسلامية الموالية لها على مناطق في ريف حلب ومحافظة إدلب هي عنصر استقرار، بيد أن الأمر في الواقع على عكس ما تروّج، حيث تسود حالة من الانفلات الأمني في ظل صراع على النفوذ بين الفصائل فضلا عن الاختراقات الأمنية التي كان آخرها انفجار سيارة مفخخة في مدينة جرابلس، ما خلف قتلى وجرحى معظمهم من المدنيين.

وقطع أهالي مدينة جرابلس في ريف حلب الشرقي الثلاثاء، عددا من الشوارع الرئيسية في المدينة بالإطارات المشتعلة احتجاجا على تدهور الوضع الأمني في المدينة.

وقالت مصادر في المعارضة السورية في ريف حلب الشرقي، إن الأهالي يطالبون بخروج جميع المقرات العسكرية من المدينة بشكل كامل، ومحاسبة المقصّرين في وصول السيارات المفخخة إلى جرابلس.

وصرح علي أبوعمشة، أحد المتظاهرين في جرابلس لموقع “حرية برس”، بأن “سبب خروجنا في مظاهرة هو الفلتان الأمني غير المقبول الذي أوصل المنطقة إلى جحيم لا يطاق”. وطالب بـ“إخراج المقرات العسكرية من المدينة حتى لا تكون هدفا للتفجيرات التي لا تقتل سوى المدنيين”.

وكانت سيارة مفخخة انفجرت الاثنين أمام مبنى الشرطة العسكرية وسط المدينة خلفت 3 قتلى و10 جرحى أغلبهم من المدنيين.

وتسيطر فصائل درع الفرات المدعومة من تركيا على مدينة جرابلس وريفها وصولا إلى حدود مدينة منبج الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية.

وشهدت مدينة جرابلس عدة انفجارات خلال العام الجاري سقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى، وتتهم فصائل المعارضة وحدات حماية الشعب الكردي وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالوقوف وراء تلك الانفجارات.

انفجار سيارة مفخخة في مدينة جرابلس، ما خلف قتلى وجرحى معظمهم من المدنيين

والوضع ذاته ينطبق على مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية في ريف حلب الشرقي التي سيطرت عليها القوات التركية مدعومة بفصائل سورية معارضة في بداية العام الجاري عبر عملية دامت قرابة ثلاثة أشهر تحت عنوان “غصن الزيتون”، وانتهت بطرد تنظيم وحدات حماية الشعب الكردي الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا.

ويتعرض سكان تلك المدينة الذين اضطروا للبقاء إلى انتهاكات شبه يومية من اعتقالات تعسفية وعمليات تعذيب واضطهاد وخطف للمدنيين.

ويرى مراقبون أن تركيا تراهن على أنه بوضع يدها على مناطق سورية محاذية لها، هي بذلك تمتلك نفوذا دائما في سوريا، كما أن من شأن ذلك أن يقطع الطريق أمام إمكانية سيطرة الأكراد على المنطقة.

ويقول متابعون إنه على وقع حالة الفوضى السائدة والتي لا تعتبر محافظة إدلب التي تخضع لنفوذ تركي غير مباشر استثناء، فإن ذلك من شأنه أن يشكل عبئا كبيرا على أنقرة وقد يدفع المدنيين في النهاية إلى الانتفاض ضد وجودها.

ويشير مراقبون إلى أن أنقرة تجد صعوبة حتى اللحظة في التعامل مع الصراعات بين القوى المعارضة السياسية والعسكرية منها، وهناك حالة ارتباك واضحة ترجمت بوجود حكومتين في مناطق سيطرتها اليوم: الأولى هي الحكومة الانتقالية التي تدير الوضع في ريف حلب فيما مقرها المركزي أنقرة، والثانية هي حكومة الإنقاذ تشكلت في العام 2017 في إدلب وتعتبر واجهة لهيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة فتح الشام (النصرة سابقا).

وعمدت حكومة الإنقاذ مؤخرا إلى استبدال العلم المتعارف عليه للمعارضة السورية بإضافة عبارة “لا إله إلا الله محمد رسول الله”.

وأثارت هذه الخطوة استفزازا داخل الأوساط الشعبية المناصرة للمعارضة، وسارعت الحكومة المؤقتة وعدد من الفصائل إلى إعلان رفضها للخطوة.

واعتبر قائد في جيش إدلب الحر أن “هذا القرار هو أسلمة الثورة السورية وجرها للتبعية للفصائل الإسلامية، نحن نتمسك بعلم الثورة ونرفض أي تغيير عليه، وهذا التغيير يمس مشاعر إخوتنا المسيحيين”.

وانتقدت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تغيير علم الثورة، معتبرة أن هذه التعديلات تغيّر من طبيعة الثورة ومبادئها وأهدافها الأولى وخيانة “لدماء الشهداء”.

ويرى مراقبون أن هناك صراعا اليوم بين الجماعات المعارضة الإسلامية المتطرفة والمعتدلة، يرجّح أن يتفاقم وإن كانت خواتيمه من الواضح أنها ستكون لفائدة الإسلاميين المتطرفين ما لم يتم التسريع في إنجاز اتفاق إدلب بين روسيا وتركيا، الذي تم التوصل إليه في سبتمبر الماضي ويشهد تعثرا في تطبيقه.

العرب