لم ينقشع غبار معركة غزة الأخيرة حتى أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان استقالته، مجسدا بذلك قاعدة مفادها أنه كلما فرض وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، استأنِفت فورا الأعمال العدائية في الكنيست الإسرائيلي، حسب صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية.
مراسل الصحيفة في تل أبيب غيوم جندرون قال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يدرك جيدا أنه بفرض قناعته بوقف الحرب ضد حركة المقاومة الإسلامية في غزة بوصفها “غير ضرورية”؛ سيبدو ضعيفا أمام الرأي العام الإسرائيلي، خصوصا أمام أعضاء ائتلافه القابع تحت رحمة منافسيه من اليمين المتطرف.
فهذا الائتلاف كان يدعو -حسب المراسل- إلى توجيه أقوى ضربة ممكنة لحماس رغم تعارض ذلك مع ما يراه التسلسل الهرمي العسكري في إسرائيل.
لقد قدم ليبرمان اتهاما أيدولوجيا شديد اللهجة للمقاربة الأمنية المتلكئة لنتنياهو الذي لا يحل المشاكل -حسب رأيه- وإنما يؤجلها.
وأراد ليبرمان -“الحيوان السياسي” على حد تعبير جندرون- الذي عمل حارسا للملاهي الليلية في شبابه، أن يُنظر إليه كمن يجسد القسوة والشدة والغلظة.
وتعليقا على استقالة ليبرمان، نقل المراسل عن أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس جدعون رهط قوله إن “ليبرمان هو آخر من ينضم إلى الائتلافات وأول من يستقيل، وتلك سجيته”.
وتأتي هذه الاستقالة على وقع صور احتجاجات مئات الأشخاص القاطنين في المناطق الإسرائيلية المحاذية لغزة، إذ أغلقوا مدخل مدينة سديروت مساء الثلاثاء بإطارات محترقة لإعلان معارضتهم لوقف غارات الجيش الإسرائيلي على غزة.
سياسة العلم الأبيض
واستغل ليبرمان هذه الاحتجاجات والحملة التي شنها رؤساء تحرير يمينيون على وقف إطلاق النار في غزة بوصفه “سياسة العلم الأبيض”.
واعتبر رهط أن هذا التصرف ربما يكسب ليبرمان جمهورا هو في أمس الحاجة إليه، إذ كان ينظر إليه على أنه وحزبه “إسرائيل بيتنا” يترنحان، ولكنه يأمل الآن أن “يتخيل أن هناك ثروة انتخابية يمكن الحصول عليها من خلال الاستفادة من القرارات غير الشعبية لنتنياهو بشأن غزة، وذلك على خلفية “أنهم لا يريدون السماح لي بأن أكون قاسيا”.
وأضاف المراسل أن ليبرمان -بحركته هذه- سحب البساط من تحت أقدام نتنياهو الذي كان ينتظر سانحة للدعوة إلى انتخابات يحولها إلى استفتاء حول مشاكله القضائية، وذلك بعد التأكد بأن غزة خرجت من الحسابات، لكن نتنياهو خسر في كلتا الحالتين، بحسب جندرون.
المصدر : ليبيراسيون