الرياض – يسير الحديث عن معالجة الوضع الإنساني في اليمن وتحسين الظرف الاقتصادي والمالي للبلد، بالتوازي مع حديث السلام الذي ارتفعت نبرته بشكل غير مسبوق برغبة مشتركة من قوى إقليمية ودولية شرعت بالفعل في اتخاذ خطوات عملية لإفساح المجال أمام حلّ سياسي تفاوضي لإخراج البلد من حالة الحرب التي يعيشها منذ تنفيذ جماعة الحوثي لانقلابها في خريف سنة 2014 وغزوها لعدد من المناطق اليمنية.
وطيلة سنوات الحرب لم تنقطع كلّ من الإمارات والسعودية، الشريكتان الأساسيتان في تحالف دعم الشرعية باليمن، عن بذل جهود للتخفيف من وقع الحرب على اليمنيين من خلال مبادرات إنسانية وإغاثية لسكان المناطق التي طالتها تبعات الحرب، إضافة إلى تلك المتضرّرة من الكوارث الطبيعية وعلى رأسها أرخبيل سقطرى.
ويعلن البلدان انخراطهما، في الوقت الحالي في معالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية لليمن كخطوة ضرورية لتحسين الوضع الاجتماعي.
وفي حال التوصّل إلى حلّ سلمي مستدام في اليمن، فسيكون البلدان بما يمتلكانه من خبرات ومقدّرات مالية كبيرة في مقدّمة الدول التي ستشارك في إعادة إعمار البلد الذي تضرّرت بناه التحتية بشكل كبير، وهو الأمر الذي سبق للرياض وأبوظبي أن عبّرتها في أكثر من مناسبة عن استعدادهما للانخراط فيه حرصا على ضمان عودة الاستقرار لليمن ذي الموقع الاستراتيجي الهام للمنطقة والعالم، خصوصا وأنّ كميات كبيرة من نفط الخليج تعبر مياهه الاقليمية بشكل يومي صوب الأسواق العالمية.
وضمّ اجتماع عقد في الرياض عددا من المسؤولين والسفراء من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة بهدف تحديد الإجراءات والتدابير الرئيسية والعاجلة لمعالجة الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن.
حديبو (اليمن) – تخطو جزيرة سقطرى بثبات نحو تجاوز آثار إعصار ميكونو الذي ضربها في مايو الماضي وألحق أضرارا جسيمة ببناها التحتية. ولعبت المساعدات الإماراتية المتنوّعة التي تدفّقت على الأرخبيل دون انقطاع، في إحداث تحسّن ملحوظ في ظروف عيش سكّانه وتنشيط دورته الاقتصادية، حيث لم تقتصر تلك المساعدات على الجهود الإغاثية ذات الطابع الاستعجالي، بل اكتست طابعا تنمويا أطول مدى من خلال المساهمة في تحسين البنى التحتية وتوفير موارد الرزق للسكان.
ويعبّر سكان سقطرى ومشائخها عن ترحيبهم بالجهود الإماراتية، متجاوزين حملة التشويه التي طالت تلك الجهود وحفلت بها وسائل إعلام قطرية، في إطار الموقف السلبي القطري العام من جهود إنقاذ اليمن ومساعدة مواطنيه على تخطّي ظروفهم الصعبة. واستقبل سكّان سقطرى وفدا من مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، المؤسسة الخيرية الإماراتية التي شاركت في مختلف عمليات إغاثة أهالي الجزيرة وتقديم المساعدات لهم في الظروف الاستثنائية لا سيما تلك التي أعقبت إعصار ميكونو. ووصل مندوب المؤسسة خلفان المزروعي إلى الجزيرة بهدف الوقوف على احتياجات أهلها والاستماع لمطالبهم ومقترحاتهم.
وعقد المزروعي اجتماعا بمشاركة أعضاء في مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية وممثلين عن الحكومة المحلية بينهم محافظ سقطرى رمزي محروس، إضافة إلى كبار مشائخ الجزيرة، تعلّق بالأعمال الإغاثية والتنموية التي أنجزت في الجزيرة، والمشاريع المستقبلية المقرّر إنجازها.
وأوضح بيان صادر عن الاجتماع أنه تم حتى تاريخ عقد الاجتماع اتخاذ عدد من الخطوات لمساعدة اقتصاد اليمن ودعم استقرار عُملته. وشملت هذه الإجراءات الوديعة المقدّمة من السعودية بمبلغ 2 مليار دولار للبنك المركزي اليمني، متبوعة بمنحة قيمتها 200 مليون دولار من المملكة إلى الحكومة اليمنية، وتبرع شهري بقيمة 60 مليون دولار من المشتقات النفطية لمولدات الكهرباء في المحافظات.
واستدرك البيان بالإشارة إلى أنّ قيمة الريال اليمني مازالت متدنية والوضع الاقتصادي في البلد مازال هشّا مما يتطلب بذل المزيد من الجهود للحفاظ على ما تحقق من مكاسب. وحثّت الدول الأربع الممثّلة في اجتماع الرياض المجتمع الدولي على زيادة دعمه لليمن.
وفي الجانب الإجرائي العملي، وافقت الدول الأربع على تأسيس لجنة استشارية فنية تجتمع شهريا بهدف الموافقة على اتخاذ تدابير إضافية لتحقيق استقرار العملة اليمنية وتعزيز إدارة تدفقات العملات الأجنبية ودعم جهود الحكومة اليمنية لتحسين إدارتها الاقتصادية.
كما اتفقت الدول المشاركة في الاجتماع على دعم إنشاء برنامج تسهيلات تجارية ضمن مؤسسة التمويل الدولية وتحت إشراف البنك المركزي اليمني، وتكثيف الدعم لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن تدابير اقتصادية لبناء الثقة، على اعتبار أنّ التدهور الاقتصادي ستكون له تبعاته على العملية السياسية.
وتم التوافق أيضا على تقديم الدعم للحكومة اليمنية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة، بما في ذلك دفع أجور المدنيين من موظفي القطاع العام وتحسين القدرة الشرائية لليمنيين.
وأكدت الدول الأربع أهمية التنمية الاقتصادية في التخفيف من حدة الوضع الإنساني، وشدّدت على أهمية الوصول الإنساني والتجاري وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، كما التزمت بأن تجري مناقشة أكثر تفصيلا وعلى مستوى رفيع لهذه القضايا وغيرها من القضايا الإنسانية في الأسابيع المقبلة.
العرب