ميزانيات الخليج تودع سنوات العجز وتعود إلى التوازن

ميزانيات الخليج تودع سنوات العجز وتعود إلى التوازن

لندن – أجمعت توقعات الخبراء الاقتصاديين على أن دول مجلس التعاون الخليجي أحرزت تقدما كبيرا في طي مرحلة العجز الاقتصادي وأن موازناتها اقتربت من التوازن بعد الاختلالات الكبيرة التي شهدتها منذ انحدار أسعار النفط في عام 2014.

وأكد محللون أن الارتفاع النسبي في أسعار النفط ساهم في معالجة مشاكل الموازنة لكن العامل الحاسم هو الإصلاحات الاقتصادية، التي تضمنت خفض الدعم الحكومي وفرض بعض الضرائب والرسوم لزيادة إيرادات الموازنة.

وتشير البيانات إلى أن ميزانيات الخليج تقترب من تحقيق التوازن والانتقال إلى تحقيق فائض لأول مرة بعد 4 سنوات عجاف، في وقت تنتظر فيه اتضاح اتجاه أسعار النفط ونتائج اجتماع منظمة أوبك في الشهر المقبل.

وتجتمع الدول الأعضاء في المنظمة مع منتجين من خارجها بقيادة روسيا في العاصمة النمساوية فيينا في 5 ديسمبر لاتخاذ قرار نهائي بشأن إمكانية خفض الإنتاج بعد تراجع الأسعار في الأسابيع الأخيرة.

وتشير تقديرات سابقة لصندوق النقد الدولي إلى أن سعر 60 دولارا لبرميل النفط هو متوسط السعر الذي يمثل نقطة التعادل (أي التساوي بين الإيرادات والمصروفات) لميزانيات دول الخليج خلال العام الجاري.

ورجح الصندوق في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر الماضي، أن تحقق الكويت والإمارات وقطر فوائض في العام الحالي والعام المقبل وأن يتراوح متوسط فائض موازنات دول المنطقة ككل في حدود 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين.

وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، توقعات عجز الموازنة السعودية خلال عامي 2018 و2019 إلى 3.5 و3.6 بالمئة على التوالي، مقارنة بتوقعات سابقة عند 5.8 و5.2 بالمئة.

وتتجه الإمارات إلى التوازن المالي خلال العامين الجاري والمقبل، بدون تحقيق عجز في الموازنة الاتحادية، مع إمكانية تحقيق فائض مع تحسن أسعار النفط.

وتوقع بنك الكويت الوطني أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة وتخطيه لمستوى 80 دولارا للبرميل، إلى تقليص العجز المالي للميزانية الحكومية هذا العام.

وتقلص عجز موازنة سلطنة عمان بنسبة 34 بالمئة على أساس سنوي خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي إلى 4.75 مليار دولار، بحسب بيانات وزارة المالية العمانية.

أما البحرين فتعد الأقل استفادة من تحسن أسعار النفط، لأنها الأقل إنتاجا بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تنتج نحو 200 ألف برميل يوميا. وهي تعتزم التخلص من العجز بحلول 2022 وفق برنامج مالي حصلت بموجبه على دعم مالي بقيمة 10 مليارات دولار من السعودية والإمارات والكويت، مطلع الشهر الماضي.

وحسب تقديرات الدول الخليجية، يبلغ متوسط سعر برميل النفط في موازنات العام الحالي 54 دولارا للبرميل. ومن المتوقع أن يساهم ذلك في تحقيق فائض في الموازنة في ظل متوسط الأسعار خلال العام الحالي.

وقال المحلل الكويتي أحمد حسن كرم، إن تحسن أسعار النفط يجب أن يستمر فترة أطول، حتى تتمكن الدول الخليجية من معادلة موازناتها العامة، وتغطي الإيرادات قيمة ما تصرفه هذه الحكومات في المقابل. وذكر كرم في تصريحات لوكالة الأناضول أن تحسن أسعار النفط ينعكس بشكل مباشر على موازنات دول المنطقة لأنه المصدر الرئيسي للإيرادات العامة. وأضاف أن أغلب الدول الخليجية تحتاج إلى أسعار نفط تتراوح بين 70 إلى 80 دولارا للبرميل لمعادلة موازناتها العامة، وأسعار أعلى من ذلك لتحقيق الفوائض. وأكد أنه مع استمرار معدلات الأسعار الحالية، فلن تكون هناك أرباح ضخمة كفيلة بالمضي بالمشاريع التنموية المعلقة كما حصل بالأعوام الماضية.

وقال كرم إن الإصلاحات الاقتصادية قد تشهد بطئا في بعض الدول مثل الكويت، التي تختلف عن باقي دول مجلس التعاون، لأنها تحتاج إلى موافقة تشريعية من البرلمان، الذي قد يعرقل الإجراءات.

ويرى الخبير الاقتصادي وضاح الطه أن موازنات الخليج تعد المستفيد الأكبر من أي ارتفاع يطرأ على أسعار النفط العالمية، والذي ينعكس بشكل مباشر على اقتصادات المنطقة خاصة السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم. وأضاف أن موازنة السعودية قد تستفيد من فرض العقوبات الأميركية على إيران لأنها الأكثر قدرة على التدخل للحفاظ على المعروض النفطي في الأسواق ولكن بالشكل الذي يحول دون هبوط كبير بالأسعار.

وذكر الطه أن زيادة الأسعار قد تشجع الحكومات الخليجية نحو زيادة الإنفاق الرأسمالي في العامين المقبلين، لكنه استبعد أن يرتفع سعر النفط إلى 85 دولارا للبرميل. ورجح أن تبقى الأسعار متوازنة بين 60 و70 دولارا خلال العام المقبل.

وقال الخبير والمحلل الاقتصادي محمد العون، إن الإصلاحات الهيكلية التي تتبعها الحكومات الخليجية منذ تراجع أسعار النفط تساهم بشكل كبير في العودة إلى تسجـيل فوائـض مالية بعد 4 سنوات عجاف.

وأضاف أن اجتماع أوبك سيحدد حركة الأسعار خلال العام المقبل، والذي سيكون له التأثير الأكبر على موازنات المنطقة وتحديد مدى إمكانية تحقيق فوائض مالية تساعد في تمويل الخطط التنموية.

العرب