تواجه روسيا وأوكرانيا أخطر أزمة عسكرية – سياسية منذ العام 2014، بعد ما صوتت جزيرة القرم للانضمام لروسيا.
الأزمة بدأت بعد أن أطلقت القوات البحرية الروسية النار على ثلاثة قوارب وسفن أوكرانية ، واقتحامها واحتجازها عندما حاولت المرور من خلال مضيق كيرتش الى بحر أزوف.
تعد هذه الحادثة المواجهة الأخطر في البحر في سياق صراع طويل بين الدولتين . روسيا تقول إن القوات الروسية حذرت السفن من الاقتراب من المضيق ، وطلبت منها العودة حيث جاءت ، ولكنها رفضت ، فأطلقت النار عليها . بينما تقول أوكرانيا إن لها حقاً بالمرور من هذا المضيق.
أعلن رئيس أوكرانيا بورشنكو الأحكام العرفية في بعض أجزاء البلاد المحاذية لروسيا، بعد أن صوت البرلمان على ذلك . ولكنه قال إن ذلك لا يعني إعلان الحرب على روسيا ، وأنه ما زال يتأمل بالحل السلمي لأزمة بين الطرفين.
إعلان حالة الطوارئ يسمح للحكومة الأوكرانية بالتعبئة العسكرية ، واللجوء لاستخدام السلاح ضد روسيا دون الرجوع للبرلمان.
روسيا بدورها اتهمت رئيس أوكرانيا بأنه يريد استخدام هذه الحادثة لمصلحته الانتخابية في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. إضافةً إلى دعوة الدول الغربية لفرض مزيد من العقوبات على روسيا ،وبالفعل قام الرئيس الأوكراني بطلب ذلك من دول حلف الناتو .ودانت الدول الغربية بالفعل الحادثة ، وهددت بفرض عقوبات إضافية على موسكو.
الأزمة الروسية –الأوكرانية لا يمكن النظر إليها بوصفها أزمة محلية ، بل هي أزمة دولية بامتياز . حلف الناتو والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية تدعم أوكرانيا ضد روسيا في هذه الأزمة، وفرضت عقوبات اقتصادية متعددة على موسكو، بالرغم من محافظة بعض الدول على علاقات ودية مع روسيا. الرئيس الأميركي قال إنه سيقرر حول فرض عقوبات جديدة على روسيا بعد دراسة الملف كاملاً ، ولكنه أوضح أنه قد يلغي اللقاء المقرر مع الرئيس بوتين في قمة العشرين الكبار.
الأزمة الروسية – الأوكرانية تأتي على وقع تصاعد النبرة العدائية ضد روسيا ، وبعد سلسلة من المواقف التصعيدية ضدها ، وتطالب أوكرانيا روسيا بإعادة جزيرة القرم لها ، التي تعتبرها روسيا جزيرة لها ، وقد صوتت في العام 2014 بالانضمام لروسيا. بينما تتهم موسكو حلف الناتو باستخدام أوكرانيا، ليس فقط للتصعيد ضد روسيا ، بسبب نجاحاتها في مناطق أخرى (سورية مثلاً) وإنها تحاول أن تتوسع من خلال أوكرانيا بوجود حلف الناتو على حدود روسيا ، من أجل إضعافها ، وكبح جماح صعودها العسكري والسياسي على المستوى العالمي، ولكن بشكل خاص في الشرق الأوسط وأوروبا.
قبل أيام عدة ، وفي معرض الاحتفال بمرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى ، طالب ماكرون بإنشاء قوة عسكرية -أوروبية منفصلة عن “الناتو” ، لمواجهة الخطر الذي تمثله روسيا على أوروبا على حد قوله.
الأزمة الروسية-الأوكرانية تنذر بتصاعد التوتر بين الدول الأوروبية وروسيا، وربما أميركا ( لحد الآن قال الرئيس ترامب إنه سيترك هذا الأمر لأوروبا لتعالجه) ، ولكن ذلك لا يعني أن موقفه لن يتغير تحت ضغوطات اللوبي المعادي لروسيا في الولايات المتحدة . لقد حذر العديد من المراقبين من إمكانية نشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا تنجر إليها أوروبا في حال نشوبها ، ولكن البعض يجادل من أن هذه الأزمة والموقف الأوروبي تسير باتجاه العودة الى الحرب الباردة بين الغرب وروسيا.
الغد