عندما تدرّج فلاديمير بوتين من طائرته في الأرجنتين، كانت أربع سيارات فاخرة تنتظره عند السلم لتقلّه إلى حيث يحتشد زعماء مجموعة العشرين الذين تملك دولهم 80% من إجمالي اقتصاد العالم.
هذه السيارات روسية الصنع وقد شحنت جوا إلى الأرجنتين قبيل وصول الرئيس، وبينها اثنتان مصفحتان وواحدة عادية وحافلة صغيرة.
ومنذ أن كشفت موسكو عن سيارة أوروس قبل عام، بات بوتين يستقبل بها زواره وتسبقه إلى الدول التي يزورها، لتجسيد أبهته من جهة، ولتسويق صناعة تريد موسكو أن تشق طريقها نحو الأثرياء.
لكن عربات أوروس التي ترافق بوتين في الحِل والترحال ليست وحدها ما يعكس حرصه على تأكيد قوته أمام الزعماء الغربيين بالذات.
قبل عام اكتشف الأوروبيون أن عميل “كي جي بي” السابق يجوب أجواء العالم في قصر فخم يليق بعظمة قيصر روسيا الجديد.
أربع طائرات
طائرة بوتين التي أبهرت الصحافة الغربية عندما أقلته إلى هلسنكي للقاء نظيره الأميركي، تختلف كليا على الطائرات العادية بحكم جسمها العريض جدا وقدرتها على مواصلة التحليق نحو المسافات البعيدة دون توقف.
الطائرة من طراز 96-300 وتحمل رقم R96016 واحدة من أربع يستقلها بوتين في رحلاته الخارجية ويجب أن تكون جاهزة في أي وقت، ولكن لا يكشف عن أي واحدة سيغادر عليها الرئيس إلا عندما تحين لحظة الإقلاع.
كلفة الطائرة تبلغ 700 مليون دولار أميركي، وتصفها بعض التقارير بالقصر الروسي الطائر وبأنها الأغلى في العالم.
بوتين الذي يحرص على الظهور هادئا في القمم العالمية، يحضر قمة العشرين وما يزال يمسك بملفات حساسة ويواصل تحديه للأوروبيين والأميركيين.
وفي تقرير عن أبرز الحاضرين بالقمة، قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن بوتين أحد أهم الشخصيات المشاركة كونه نجح في ضمان الاستقرار الاقتصادي في بلاده، ويمسك بملفات دولية كبرى مثل النزاع في سوريا والأزمة في أوكرانيا.
القوة والتحدي
قصة التحدي الكبرى بدأت عام 2014، عندما اجتاحت دبابات روسيا جزيرة القرم الأوكرانية في وضح النهار، وعلى بعد مرمى حجر من قوات حلف الناتو التي اكتفى قادتها بالشجب والتنديد.
وعام 2015، انقض الدب الروسي على نفوذ الغرب فتدخل لإنقاذ صديقه بشار الأسد وطحن ثوار سوريا في حلب ومناطق أخرى بعد أن خذلهم الأوروبيون والعرب والأميركيون وبخلوا عليهم بالسلاح.
تحدي بوتين للقوى الغربية هو ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإلغاء لقاء كان مقررا أن يجمعهما في الأرجنتين على هامش قمة مجموعة العشرين.
ترامب الذي يتهم بالضعف أمام نظيره الروسي، برر إلغاء اللقاء بعدم إفراج موسكو عن سفن أوكرانية سيطرت عليها، مما أثار حفيظة الغرب المشلول أمام طول يد روسيا.
أوقفوا الإمبراطور
وأمس الخميس، اتهم الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو نظيره الروسي بالسعي لضم أوكرانيا بأكملها، ودعا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لمساعدة كييف في أزمتها القديمة المتجددة مع موسكو.
وفي مقابلة مع صحيفة بليد الألمانية، قال الرئيس الأوكراني “بوتين يريد عودة الإمبراطورية الروسية القديمة. القرم ودونباس والبلد بأكمله كقيصر روسي، كما يرى نفسه، لا يمكن أن تصلح إمبراطوريته من دون أوكرانيا. إنه ينظر إلينا على أننا بلده”.
وقال لصحيفة فونكه “نحتاج إلى رد فعل قوي وحازم وواضح على السلوك العدائي الروسي. هذا يعني أيضا وقف مشروع خط أنابيب الغاز نورد ستريم2” الذي يربط ألمانيا بروسيا.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية