أصبحت الأحياء العربية في اللد أشبه بمخيمات لاجئين، حيث بات هدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمنازل العربية أمرا متكررا، بينما تسارع إلى إقامة مشاريع الاستيطان.
ويعيش في اللد 85 ألف نسمة هم 50 ألفا يهودي و35 ألف فلسطيني يتمركزون في أحياء شنير، والمحطة، والسكة، والواحة الخضراء.
وفي الأعوام الأخيرة انتقلت عائلات عربية للسكن داخل الأحياء اليهودية بسبب هدم المنازل والضائقة السكنية وشح مسطحات البناء، وعدم مصادقة البلدية على توسيع نفوذ الأحياء العربية للسكن والبناء.
ويعكس مشهد الهدم والتشريد الذي تعيشه عائلة شعبان في اللد واقع من تبقى من فلسطينيي 48 داخل الأحياء العربية في المدينة، حيث يقف غازي شعبان ونجله عمر وزوجته وأحفاده الخمسة في حي شنير عند أطلال منزل عائلته الذي هدمته سلطات الاحتلال بذريعة البناء دون ترخيص.
هواجس التهجير
وأسوة بعائلة شعبان، تعيش مئات العائلات في حي شنير -الذي يقطنه خمسة آلاف عربي- هواجس التهجير، وتخشى أن تستيقظ يوما ما على أصوات مجنزرات وجرافات الهدم.
يقول غازي شعبان “نفتقد الأمان.. الشرطة كما البلدية التي رفضت احترام قرار المحكمة تجميد أمر الهدم، وسلوك الشرطة أشبه بنهج عصابات وليست سلطة لتطبيق القانون”.
لم ينقذ المسار القضائي منزل عائلة شعبان من الهدم رغم استصدار المحامي ضرغام سيف أمرا يقضي بتجميد الهدم إلى حين البث في الملف في جلسة المحكمة المقررة يوم 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
يقول سيف “سارعت الجرافات إلى هدم حتى الطابق الأول الذي لا يشمله الإخطار، وتتعامل البلدية وحتى الشرطة مع ملفات هدم المنازل العربية في اللد ومظالم السكان بشكل يتنافى حتى مع قوانين التنظيم والبناء الإسرائيلية”.
ولفت إلى أن معاناة عائلة شعبان لم تتوقف عند هدم منزلها، بل واصلت الشرطة التضييق عليها وترهيب أفرادها باعتقال صاحب المنزل عمر مع ثلاثة من أقربائه بزعم تصديهم لعملية الهدم.
كما تم اعتقال العشرات من أهالي المدينة وسكان الحي ممن شاركوا في المظاهرات والحراك الشعبي الرافض للهدم والتشريد.
احتجاج
وأطلقت اللجنة الشعبية في اللد سلسلة من الفعاليات الاحتجاجية والمظاهرات التي تدعو إلى إنجاز مخططات التنظيم والبناء والخرائط الهيكلية والمفصلة للأحياء العربية لضمان ترخيص آلاف المنازل.
يقول عضو اللجنة خالد الزبارقة إن العام 2005 كان محطة فارقة في تاريخ اللد، حيث استغلت الحكومة الإسرائيلية خطة الانسحاب من مستوطنات قطاع غزة، وراحت توطّن المستوطنين في المدينة لشطب هويتها العربية وتهويدها.
وأكد الزبارقة للجزيرة نت على “تصعيد معركة البقاء والصمود في المدينة التي كان يقطنها قبل 20 عاما قرابة 15 ألف عربي واليوم فاق تعدادهم الـ35 ألفا”.
وبيّن أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي أعلنت اللد مدينة للعلاج الموضعي وذات أفضلية قومية يشرف عليها مكتب رئيس الحكومة، تعتمد سياسة ممنهجة لتفريغ المدينة من الفلسطينيين وتغيير طابعها من مدينة عربية إلى يهودية، ورصدت لذلك ميزانية أولية تقدر بنحو 50 مليون دولار، منها 10 ملايين لتمويل عمليات الهدم والإخلاء.
وشدد الزبارقة على أن الهدم يأتي امتدادا لسياسة التهجير والتهويد التي اعتمدتها المؤسسة الإسرائيلية ضد المدن الساحلية: اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا منذ النكبة.
ولفت إلى أن اللد خصت بمشروع لجذب مجموعات من المستوطنين من الضفة الغربية المحتلة، حيث أقيمت مشاريع استيطانية قرب الأحياء العربية التي حُرمت من التوسع والمصادقة على الخرائط، فضلا عن حجب التراخيص عن منازل العائلات.
وحذر عضو اللجنة الشعبية من مخطط توسيع مشاريع التهويد والاستيطان على حساب الوجود العربي في المدينة، مؤكدا أن سلطات الاحتلال -ممثلة في البلدية والشرطة- تتعامل مع العرب في اللد بعقلية وأدوات الحكم العسكري، من خلال الهدم ونشر وتشجيع العنف والجريمة والترويج للسلاح والمخدرات، والمضي نحو تفكيك المجتمع العربي كمرحلة أولى للتطهير العرقي.
المصدر : الجزيرة