الإسلام الألماني بدلا من الإسلام التركي يهدد نفوذ أنقرة في أوروبا

الإسلام الألماني بدلا من الإسلام التركي يهدد نفوذ أنقرة في أوروبا

أنقرة – لم تقدر السلطات التركية على إخفاء انزعاجها من نتائج مؤتمر الإسلام الألماني الذي عقد نهاية الشهر الماضي لكونه يهدد نفوذها الديني والسياسي بين الجالية التركية التي يقدر عددها بالملايين.

وتحركت وسائل الإعلام التركية لتحذر من نتائج هذا المؤتمر على “الإسلام” الذي تريده أن يسود في ألمانيا وأوروبا عموما، وهو إسلام داعم لأجندة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قيادة الإسلام السياسي في المحيط الجغرافي لبلاده سواء في آسيا الوسطى ودول البلقان أو في أوروبا أو في المنطقة العربية.

وقالت وكالة الأناضول الرسمية التركية إن الهدف من الإسلام الألماني هو “قطع صلات المسلمين بعقيدة الإسلام العالمية، وإنهاء العلاقة القائمة بين المسلمين المهاجرين وبين أوطانهم، ووضعهم ضمن صيغ معينة على المدى القريب والمتوسط”.

وحمل تحليل نشرته، بإمضاء عضو البرلمان التركي مصطفى يانار أوغلو، هجوما على شخصيات ومؤسسات إسلامية حضرت المؤتمر. وقال يانار أوغلو إن هؤلاء “أضفوا الشرعية على هذا المشروع وعلى الخطابات الموجهة للمسلمين، والتي تستهدف فرض الهيمنة عليهم ضمن المجتمع الألماني. وبالتالي يكون المسلمون قد تقبلوا وجهة النظر التي تعتبرهم مشكلة بحد ذاتها”.

وقال منظمو المؤتمر، الذي عقدت دورته الرابعة في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي، إنه يؤسس لإدماج المسلمين في الثقافة الألمانية وفك ارتباطهم بالدول والتيارات الإسلامية في الخارج، تحت إشراف وزارة الداخلية الألمانية، ومشاركة هيئات إسلامية عربية وتركية (غير موالية لأردوغان) وممثلين للجالية المسلمة في ألمانيا.

واستنجدت وسائل إعلامية تركية بآراء خبراء وشخصيات محسوبة على حزب العدالة والتنمية، حزب الرئيس التركي، لقيادة حملة على المؤتمر واتهامه بأنه يحاول الحد من حرية المسلمين في التعبد والتضييق على أنشطتهم.

وأعلن وكيل وزارة الداخلية الألمانية، ماركوس كيربر، أن بلاده ستبذل جهدها للتخفيف من تأثيرات “جهات أجنبية” على الجالية المسلمة في ألمانيا.

وقال “نحن نلمس ونشاهد كيف أن بعض القوى الأجنبية تملي على المسلمين الألمان كيفية ممارسة دينهم لفترة طويلة جدا”، مضيفا “المسلمون الألمان مواطنون، وسوف نقدم لهم المزيد من الدعم لتعزيز ثقتهم بأنفسهم”.

وتعتقد أوساط إسلامية في ألمانيا أن المؤتمر جاء ردة فعل على الأنشطة التي يقف وراءها الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية (ديتيب)، الذي يعتبر ذراعا سياسية لأردوغان في ألمانيا. وقد جلب هذا الاتحاد الأنظار إليه بعد التظاهرة الاحتفائية التي أقامها بمناسبة زيارة الرئيس التركي إلى ألمانيا نهاية سبتمبر الماضي.

وأثارت أنشطة ديتيب تساؤلات واسعة بشأن وضعه بعد أن انتشرت مقاطع فيديو تصور أطفالا في مساجد تابعة له يمثلون مشاهد لمحاربين يحملون رايات تركية. كما تردد أن أئمة بعض المساجد التركية في ألمانيا استجابوا لطلب القنصلية التركية العامة إبلاغها بما يتوفر لديهم من معلومات عن أتباع الداعية فتح الله غولن.

ويُشتبه في أن عددا من أئمة ديتيب كانوا يتجسسون على معارضي أردوغان وينددون بهم بتعليمات من أنقرة، حيث ترسل رئاسة الشؤون الدينية التركية “ديانت” كافة أئمة ديتيب، وعددهم نحو 900 إمام، إلى ألمانيا وتدفع لهم رواتبهم.

ويقول متابعون إن الحملة التي تقودها وسائل الإعلام التركية على النموذج الجديد للإسلام الذي يرتبط ببيئته تعكس مخاوفها من أن يتم تحجيم تأثيرها في المجتمعات الأوروبية التي تضم جاليات تركية، وكذلك تلك التي تضم جماعات للإسلام السياسي متحالفة مع أنقرة مثل الإخوان المسلمين التي تسيطر على الكثير من المراكز الإسلامية والجمعيات الثقافية والاجتماعية وتبني مجتمعات صغيرة منغلقة على نفسها داخل المجتمعات الغربية.

العرب