على مدار ما يزيد عن (11 عاما) مضت، لم تتوقف محاولات الوسطاء لإنهاء الانقسام الفلسطيني دون أن تنجح أي منها في تحقيق تقدم حقيقي يخرج الفلسطينيين من أسوأ حقبة في تاريخ قضيتهم.
وتوّجت تلك المحاولات بإعلان روسيا، يوم الجمعة الماضي، استعدادها لعقد لقاء بين حركتي “فتح” و”حماس” في عاصمتها موسكو للإسهام في تحقيق المصالحة الفلسطينية، وفق ما نقلته، الجمعة، وكالة “إنترفاكس” الروسية للأنباء.
ورغم ترحيب الحركتين، بالدعوة الروسية، إلا أن المراقبين لا يتوقعون لها النجاح، بسبب العديد من الاعتبارات.
محاولة لتوسيع الدور الروسي
ويتوقع طلال عوكل، الكاتب والمحلل السياسي، فشل روسيا في تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية.
وحول أسباب توقعه فشل هذه الجهود، يقول عوكل: “ما لم تحققه مصر وهي دولة إقليمية ولها مصلحة في إنجاز المصالحة لا تحققه أي دولة أخرى”.
ويعتقد المحلل السياسي أن سبب تعطيل المصالحة الفلسطينية، لم يعد له علاقة بالوسطاء، ومدى قوتهم، وإنما في “حسابات طرفي الانقسام”.
وتقود مصر منذ سنوات جهودا لتحقيق المصالحة الفلسطينية كان آخرها قبل نحو شهر عندما دعت وفدين من “حماس” و”فتح” إلى القاهرة، ولكن تلك جميع تلك المساعي لم تنجح.
ويرى عوكل أن جهود روسيا لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ما هي إلا “محاولة للاقتراب من ملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وفي إطار التحضير لتوسيع الدور الروسي لاحقا بالقضية الفلسطينية”.
جهود روسيا لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ما هي إلا محاولة للاقتراب من ملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية
ويضيف: “موسكو موجودة بقوة في سوريا، وأصبحت لاعبا مهما في المنطقة، وإن كانت الظروف لم تمكنها من التدخل بقوة على خط المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، فهي تستطيع الاقتراب من تصحيح مسار المصالحة”.
ومنذ إعلان الولايات المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها منتصف العام الجاري، ترفض السلطة الفلسطينية أن تقتصر الوساطة في المفاوضات مع تل أبيب على واشنطن، وتصر على وجود أطراف دولية وسيطة أخرى.
وأوضح أن موسكو “لا تسعى لتعطيل الدور المصري بل هو الهدف مساندة هذا الدور وتذليل العقبات للتوجه نحو المصالحة”.
الفشل مصير محتمل
من جانبه، قال الكاتب السياسي الفلسطيني، مصطفى الصواف، إن محاولة موسكو لرأب الصدع بين الفلسطينيين تأتي في سياق “سعي روسيا لإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة ومنافسة الإدارة الأمريكية”.
وأضاف الصواف: “الدعوة الروسية تأتي أيضا في سياق العلاقات الجديدة، التي تريد أن تبنيها مع كل الأطراف، على اعتبار أن القضية الفلسطينية تهم الرأي العام الدولي، كما أنها تسعى لإمكانية تحقيق ما لم يحققه أحد خلال الأعوام الماضية”.
واستبعد الصواف إمكانية نجاح الدور الروسي، بتحقيق المصالحة، مضيفا: “خلال السنوات الماضية حاولت مصر إنهاء الانقسام ولا تزال تحاول، ولم تنجح بذلك حتى الآن”.
ومن وجهة نظر الكاتب السياسي الفلسطيني، فإن دور روسيا يأتي ليكمل مساعي القاهرة للمصالحة، دون أن يعطلها أو يشكل أي خطر عليها.
علاقات عامة
في ذات السياق، يرى هاني حبيب، المحلل السياسي الفلسطيني، أن روسيا تحاول العودة للتأثير على كافة مستويات العلاقات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.
وقال حبيب: “تدخّل موسكو بملف المصالحة الفلسطينية يعد شكل من أشكال العلاقات العامة أكثر من أن تكون لدى روسيا قدرة على التأثير بهذا الملف”.
وأضاف: “لا أتوقع نجاح الجهد الروسي بإنهاء الانقسام الفلسطيني، ولكن قد تتمكن موسكو من إثارة ملف المصالحة على النطاق الدولي”.
وشدد حبيب على أن موسكو غير قادرة على تخطى الدور المصري بملف المصالحة.
وكانت “حماس” قد أعلنت نهاية الشهر الماضي، أن رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، قد تلقى دعوة رسمية من وزارة الخارجية الروسية لزيارة موسكو، حملها السفير الروسي في فلسطين حيدر رشيد.
ولم تحدد حركة “حماس” حتى الآن موعد زيارة هنية، لكنها قالت على لسان عدد من قادتها إنها “قريبة”.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية الجمعة الماضي، عن استعدادها لعقد لقاء بين حركتي (فتح) و(حماس) في موسكو، “للإسهام في المصالحة الوطنية بينهما”، وفق ما نقلته وكالة “إنترفاكس” المحلية للأنباء.
وآخر اتفاق للمصالحة وقعته “حماس” و”فتح” كان في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، لكنه لم يطبق بشكل كامل؛ بسبب نشوب خلافات كبيرة حول عدة قضايا، منها: “تمكين الحكومة، وملف موظفي غزة الذين عينتهم حماس أثناء فترة حكمها للقطاع”.