“لم نعد نعرف ماذا نفعل، كل الناس في منبج شرق حلب شمال سوريا على أعصابهم، حالة قلق وفوضى تسود المنطقة بعد ما أعلن النظام دخول المدينة.. الوضع أشبه بيوم القيامة السكان خائفون ويتجهزون للهروب والنزوح”.
بلهجة محلية، عبر خالد الأحمد (46 عاما) للجزيرة نت عن حالة الخوف والهلع التي تسبب بها إعلان النظام دخوله المدينة (55 كلم شرقي حلب) التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية -التي تعد وحدات حماية الشعب الكردية مكونها الرئيس- صباح اليوم.
وقال الأحمد إن قوات النظام لم تدخل بعد أي حي في المدينة، وإنما تسببت بحالة من الخوف والقلق بين المدنيين وبضغط نفسي كبير عليهم، فمعظمهم نازحون ومهجرون من مناطق مختلفة، مضيفا أن عودة النظام تنذر بكارثة نزوح جديدة.
وأوضح أن المدنيين تلقفوا الأخبار التي تناقلتها مجموعات واتسآب وتلغرام لاستجلاء حقيقة الوضع، بعد أن أصبحت المدينة في واجهة الأحداث، كونها تقع بين فكي كماشة النظام وروسيا من جهة والمعارضة وتركيا من جهة أخرى، إضافة إلى القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية.
ردود فعل
وأثار إعلان النظام صباح اليوم انتشاره في منبج بعد انسحاب مفترض لقوات سوريا الديمقراطية، ردود فعل مختلفة من المعارضة ومن تركيا على وجه الخصوص.
وقالت مصادر إن قوة صغيرة تابعة للنظام مؤلفة من عدة ضباط وعناصر توغلت نحو خطوط المواجهة المتقدمة بين فصائل المعارضة من جهة وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى، في نقطة نهر الساجور (17 كلم جنوب جرابلس).
ورفعت قوات النظام علمي النظام وروسيا وبقيت لنحو ساعة ثم انسحب في عربات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، بحسب مصدر مقرب من مجلس منبج العسكري التابع لهذه القوات ويسيطر على منبج.
وأكد المصدر -في حديثه للجزيرة نت- أن اتفاقا جرى بالفعل بين قيادة مجلس منبج العسكري وبين روسيا والنظام، على أن تنتشر قوات النظام على طول خط المواجهة مع المعارضة شمال المدينة وشمال غربها، مقابل إعادة تفعيل دور مؤسسات النظام الخدمية والأمنية ورفع علمه عليها، لكن لم يطبق بسبب رفض القوات الأميركية مغادرة المدينة تنفيذا لـخارطة الطريق مع تركيا التي تقضي بسيطرة الأخيرة عليها.
وأوضح المصدر أن القوات الأميركية بدأت جولات تفقدية وتطمينية في أحياء المدينة، وتحركت على جبهاتها خاصة الغربية والجنوبية، مقابل الحشود الكبيرة التي جلبتها قوات النظام لمحيط مدينة منبج.
وتبحث قوات سوريا الديمقراطية عن نموذج اتفاق مشابه لما حصل في مدينة تل رفعت التي سيطرت عليها بدعم روسي ثم سلمتها للنظام بذات الشروط التي طلبتها بخصوص منبج، وهي تخضع الآن لسيطرة مشتركة بين النظام و”الوحدات الكردية” وشكلت عائقا كبيرا أمام المعارضة وتركيا في استعادتها.
قوات وتعزيزات
وقال الناطق الرسمي باسم جيش الوطني التابع للمعارضة السورية المسلحة الرائد يوسف الحمود، إنهم أرسلوا قوات وتعزيزات كبيرة لجبهات منبج بعد انتشار الشائعات عن دخول النظام إليها، كما رفعوا الجاهزية الكاملة وانتشروا على نقاط الجبهات بهدف بدء معركة السيطرة عليها والتي من المحتمل أن تنطلق قريبا جدا، بحسب قوله.
وأوضح الحمود أن “الجيش التركي دفع بتعزيزات إضافية ظهر اليوم، وأن قوات الجيش الوطني مصرة على دخول مدينة منبج مهما كلف الأمر، كون سيطرة النظام عليها ستؤدي لكوارث كبيرة على الأهالي من جهة وعلى المناطق المحررة من جهة أخرى”.
من جهته، يقول المحلل السياسي حسن النيفي إن من الواضح ومنذ أن أصدر الرئيس الأميركي قرار انسحاب القوات الأميركية من سوريا، أن هناك شعورا باليتم السياسي والعسكري بدأ يتنامى شيئا فشيئا ثم أصبح متداولا الآن لدى قوات سوريا الديمقراطية.
وأضاف أن هذه القوات بدأت تبحث عن بدائل، ومن البديهي أن البديل لديها هو النظام، لأن المصالح المتبادلة الموجودة بين الطرفين ليست حديثة العهد، بل هي موجودة منذ انطلاق الثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
ثمن الانسحاب
وأوضح النيفي أن هناك إشكالية بين قوات النظام من جهة وقوات سوريا الديمقراطية، وهي محاولة الأخيرة الحصول على ثمن مقابل انسحابها وقبولها بعودة النظام، لكن النظام يرفض أي شروط تضعها.
وأشار المحلل إلى أن هذه القوات في النهاية ستحاول أن تسلم كل المناطق للنظام نكاية بتركيا والمعارضة، لكن كل هذا مرتبط بالتفاهمات الدولية ومحاولات النظام الدخول إلى منبج ووضع ضغوط على الأتراك.
وفي خضم الشائعات التي انتشرت حول دخول النظام إلى المدينة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات والتغريدات الساخرة من دخول النظام والمفندة له.
ورأى البعض إعلان النظام مشابها لما جرى في مدينة عفرين، فيما رآه البعض حربا نفسية على المدينة، كما انتقد بعض المغردين وتهكموا على ما يدور في منبج معتبرين أنه استعراض للعضلات لا أكثر.
المصدر : الجزيرة