الحكومة المصرية تطوّق تداعيات حادث الأهرامات

الحكومة المصرية تطوّق تداعيات حادث الأهرامات

تحاول الحكومة المصرية استباق العواقب الناجمة عن الهجوم الإرهابي الأخير، الذي حدث بمنطقة الأهرامات بالجيزة القريبة من القاهرة وراح ضحيته أربعة أشخاص. وتسعى الحكومة إلى احتواء الأضرار السياسية والأمنية والاقتصادية، عبر سلسلة إجراءات تهدف إلى التأكيد على أن البلاد آمنة وأن الحادث عابر، ولا ينم عن وجود خلل في الإجراءات المتبعة.

القاهرة – أعلنت الحكومة المصرية، السبت، عن مقتل 40 إرهابيا، إثر تبادل إطلاق نار مع جماعات إرهابية في غربي العاصمة القاهرة وشمال شرقي البلاد. وجاء الإعلان بعد تفجير وقع قرب منطقة الأهرامات، واستهدف حافلة سياحية، كانت تقل 14 سائحا من فيتنام، وأسفر عن مقتل 4 أشخاص، بينهم مرشد سياحي مصري و3 من السياح، وإصابة 11 آخرين.

وأوضحت الشرطة المصرية أنه تم قتل المسلحين، في ساعة مبكرة من صباح السبت، خلال مداهمتها لثلاثة أماكن في نطاق محافظتي الجيزة وشمال سيناء، تابعة لخلايا كانت تخطط لتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية، ضد مؤسسات الدولة ومقومات صناعة السياحة ودور عبادة مسيحية، قبل أيام من بدء احتفالات رأس السنة.

ووجدت الحكومة المصرية نفسها في موقف حرج، فالحادث ربما يؤثر على سلسلة الإجراءات الواعدة في ملف الإصلاح الاقتصادي وإنعاش السياحة، لأنه الأول منذ أكثر من عام، ويكشف عن عدم وجود استقرار كامل. وركزت التصورات الحكومية على نفي وجود قصور أمني، وحصرت التفجير في أنه محاولة بائسة لجماعات متشددة تلفظ أنفاسها الأخيرة، بسبب الحصار الأمني، وعندما أخفقت في هزّ أركان الدولة الرئيسية، من خلال استهداف معسكرات الجيش والشرطة والشخصيات القضائية، عادت إلى الأهداف التي قد تحدث دويا خارجيا، يشي بأن الحكومة المصرية لم تتعاف أمنيا.

ورغم عدم وجود علاقة مباشرة بين مقتل 40 إرهابيا وهجوم الأهرامات، إلا أن غالبية القتلى ينتمون إلى تنظيمات إسلامية مختلفة، لكن يبدو الإعلان عن توقيت العملية الأمنية الغرض منها “إشاعة شعور عام بالرضا وتوفير قدر من التهدئة المقصودة، لتخفيف عواقب تأثير الهجوم الإرهابي مستقبلا على ملفي السياحة والاستثمار الأجنبي”.

قراءات عديدة تقول إن هجوم الأهرامات استهدف سياحا أجانب بعد أن أضحى المتطرفون عاجزون عن مهاجمة المناطق الأمنية والدينية كما في السابق

وأكد مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية الأسبق لـ”العرب”، أن الإعلان عن القضاء على عدد من الأوكار الإرهابية، السبت، هدفه تشتيت العناصر المتطرفة وإخماد الأمل الذي يراودها بفعل هذا الحادث، كي لا تستطيع استجماع قواها، وقطع الطريق على قيامها بحوادث إرهابية جديدة.

وتعرض عدد من دور العبادة المسيحية، قبيل أعياد الميلاد، السنوات الماضية لعمليات تفجير طالت البعض من الكنائس في القاهرة والإسكندرية وطنطا، وهو ما تخشى تكراره حاليا أجهزة الأمن والتي أمعنت في إجراءاتها لمنع حدوث انتكاسة في ما تحقق من تقدم على صعيدي الأمن والاستقرار.

ويريد جهاز الشرطة البرهنة على أن الأوضاع الأمنية تحت السيطرة، وحادث الأهرامات لن تكون له تأثيرات على مستوى التشكيك في كفاءة التواجد الأمني في الشارع، والتي تزايدت أخيرا. وأضاف البسيوني أن حادث الجيزة “لا يفزع على المستوى الأمني، لأن توقيت التنفيذ جاء متزامنا (تقريبا) مع حوادث إرهابية تقع في دول أوروبية عدة”، بمعنى أن ما يجري في مصر لا يقتصر عليها.

وشدد على أن تقلص العمليات الإرهابية في مصر في الفترة الماضية يبرهن على أن خطر الخلايا الإرهابية قارب على الانتهاء.

ولم تعلن أي من الجماعات الإرهابية مسؤوليتها عن الحادث، حتى ظهر، السبت، لكن البعض من المراقبين قالوا لـ”العرب”، إن “طريقة تنفيذ الهجوم تتشابه مع العمليات التي تتباناها تنظيمات صغيرة تابعة لجماعة الإخوان وذيولها”.

وقال منير أديب، الخبير في شؤون التنظيمات الإرهابية، إن بدائية الحادث الإرهابي ومحدودية الأضرار التي نتجت عنه مقارنة بحجم الخسائر البشرية والمادية وطبيعة الأماكن المستهدفة في عمليات مماثلة جرت في القاهرة سابقا وتورط فيها تنظيم داعش، تشير إلى تورط حركتي “حسم” أو “لواء الثورة”، التابعتين لجماعة الإخوان المسلمين. ويبدو أن من وقفوا خلف حادث الأهرامات يريدون تذكير المصريين بفترة قاسية خلال تسعينات القرن الماضي، كانت فيها السياحة هدفا رئيسيا للإرهابيين.

وأضاف أديب لـ”العرب”، أن رد قوات الأمن السريع على العملية مع عدم التأكيد على تورط العناصر التي تمت تصفيتها، يبرهن أن الأجهزة الأمنية تمتلك معلومات بشأن تحركات هؤلاء. وأشار إلى أن القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)، تعاني من انتشار عدد من الخلايا الإرهابية النشطة التابعة للإخوان، وليس لتنظيم داعش الذي فقد غالبية قوته بعد العملية الشاملة التي انطلقت بسيناء في فبراير، لافتا إلى أن هذه العناصر لا تعمل بشكل منظم وتغلب عليها التصرفات البدائية والعشوائية ما يصعب التعامل معها.

ويعزز غياب هوية مرتكب الحادث تبريرات الحكومة التي تقول مصادر قريبة منها، إن الهجوم استهدف سياحا أجانب بعد أن أضحى المتطرفون عاجزون عن مهاجمة المناطق الأمنية والدينية، كما في السابق.

ويحمل اختيار الهجوم على فوج سياحي دلالات متعددة، أهمها بحث الجهاديين على مناطق ونقاط بديلة للهجوم على المراكز الأمنية والكنائس لتعزيز التأثير السلبي، كما أنها تعد ضربة قوية لقطاع السياحة الذي بدأ مرحلة التعافي مؤخرا.

العرب