طهران – صادقت هيئة تحكيم إيرانية السبت، على مشروع قانون لمكافحة غسيل الأموال يعد غاية في الأهمية للمحافظة على العلاقات التجارية والمصرفية الدولية.
وقال عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام غلام رضا مصباحي، لوكالة “إرنا” للأنباء، إنه “تمت المصادقة على مشروع إصلاح قانون مكافحة غسيل الأموال بتغييرات معينة وسيرسل إلى رئيس مجلس الشورى ليتم إيصاله إلى الحكومة”.
ويثير قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب جدلا كبيرا في إيران، إذ يعتبر المحافظون أنه يشكل تهديدا للنظام، فهو يعد نافذة يمكن التعرف من خلالها على معلومات حساسة تهم تمويل طهران لحلفائها وميليشياتها خارج البلاد ومن بينها جماعة حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والأحزاب والميليشيات التابعة لها في العراق وغيره من بلدان المنطقة.
ويتولى مجمع تشخيص مصلحة النظام مهمة فض النزاعات بين مجلس الشورى (البرلمان) ومجلس صيانة الدستور. وكان مجلس الشورى قد أقر مشروع مكافحة غسيل الأموال العام الماضي، لكنه قوبل برفض مجلس صيانة الدستور الخاضع لهيمنة التيار المحافظ والذي يدرس جميع القوانين.
وأشار المحافظون إلى أن الصيغة المعدّلة من قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ستمنح القوى الغربية تأثيرا على الاقتصاد الإيراني وكيفية تمويل طهران لحلفاء في المنطقة، على غرار حزب الله اللبناني.
لكن حكومة الرئيس حسن روحاني تقول إن على القوانين أن تفي بالمتطلبات التي حددتها “مجموعة العمل المالي” الدولية والتي تراقب جهود الدول في التعامل مع الجرائم المالية.وكشف آخر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي الإيراني أن نسب عمليات غسيل الأموال في طهران وصلت إلى أرقام فلكية، حيث تم فتح حسابات مصرفية زائفة تقدر بنحو 49 مليون حساب بنكي. ووفق نفس المصدر، فإن حسابات بنكية لأكثر من مليون شخص داخل البلاد تفتقد لوجود أرقام التعريف البنكي، فيما تحوم شبهات حول قانونية نحو 55 مليون حساب بنكي في إيران.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف قد أقر في نوفمبر أن “تبييض الأموال هو حقيقة في إيران والكثير يستفيدون منها”.
مشروع مكافحة غسيل الأموال قوبل العام الماضي برفض مجلس صيانة الدستور الخاضع لهيمنة التيار المحافظ، حيث رأى فيه تهديدا للنظام
وعرفت شعارات مقاومة الفساد أوجها خلال انتخابات مايو 2017 التي فاز فيها الرئيس حسن روحاني بولاية ثانية، لكن هذه الشعارات بقيت بمثابة أسلحة لتهدئة الوضع الداخلي دون أن ترى النور.
ولا تشمل لائحة مجموعة العمل المالي السوداء إلا إيران وكوريا الشمالية، رغم أن المنظمة التي تتخذ من باريس مقرا لها علقت مؤقتا الإجراءات ضد طهران منذ يونيو 2017 في وقت تعمل إيران على إدخال إصلاحات في هذا المجال. وستجتمع المجموعة مجددا في فبراير لمناقشة التقدم الذي حققته إيران. وتأمل الحكومة الإيرانية في إنقاذ العلاقات المصرفية والتجارية بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي التاريخي المبرم في 2015 بين القوى الكبرى وإيران وأعادت فرض العقوبات بشكل أحادي على طهران.
وحاولت باقي الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي، بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا، إنقاذ الاتفاق والمحافظة على التجارة مع إيران لكنها حضّت طهران على الإيفاء بمتطلبات مجموعة العمل المالي.
ومشروع قانون مكافحة غسيل الأموال هو أحد أربعة تشريعات طرحتها الحكومة لهذا الغرض. ولا يزال بانتظار التوقيع عليه من قبل روحاني ليتحول إلى قانون.
وتم في أغسطس إقرار قانون سابق يتعلق بآليات مراقبة ومنع تمويل الإرهاب. وصادق البرلمان على مشروعين آخرين يسمحان لإيران بالانضمام إلى معاهدات أممية تتعلق بتمويل الإرهاب والجريمة المنظمة، لكن إقرارهما تأخر من قبل السلطات العليا بما فيها مجلس صيانة الدستور.
ويضم مجمع تشخيص مصلحة النظام 38 عضوا عينهم جميعا المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي. وتأتي معارضة رجال النظام في إيران للقوانين الأربعة المتعلقة بمنع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من خشيتهم من أن يؤدي سن هذه القوانين إلى الحيلولة دون الدعم المالي الإيراني لميليشيات حزب الله اللبناني وغيره من الجماعات المسلحة في اليمن والعراق وفلسطين وأماكن أخرى.
ويعاني أكثر من ربع الشعب الإيراني الفقر المدقع. ورغم ذلك، لا يتردد النظام الإيراني في صرف الأموال بسخاء على ميليشياته في كل من اليمن ولبنان وسوريا. وفي المقابل، تزيد الاتهامات بالفساد للدوائر المقرّبة من المرشد علي خامنئي وعلى رأسها مؤسسة الحرس الثوري.
ويقول مراقبون إن التقدم الذي تحرزه إيران في سياق مصادقتها على قوانين واتفاقيات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ليس خطوة “بريئة” غايتها فقط إظهار حسن النية والسلوك، مرجحين أن تكون مراوغة تخفي وراءها طهران هدفا تسعى لتحقيقه على غرار استغلالها في السابق لمفاوضات الاتفاق النووي من أجل توسيع تواجدها العسكري في سوريا والعراق واليمن وتطبيق أجندتها في المنطقة.
العرب