جرت الانتخابات التركية الأسبوع الماضي يوم الأحد بتاريخ 7 حزيران/ يونيو، وبعد صدور النتائج تبين أنه ليست هناك إمكانية لأي حزب أن يؤسس الحكومة بمفرده، وهذا ما جعل الوضع السياسي للبلاد في حالة غموض وتوتر سياسي، بعد طفو حالة الغموض على السطح تأثر الاقتصاد منها بشكل كبير مما جعل الليرة تواجه بعض الانخفاضات مقابل العملات الأخرى.
وبعد رؤية الأحزاب السياسية لحالة الزعزعة التي أصابت البلاد، اتجه جميع زعماء الأحزاب إلى الدعوة للتعجيل في تأسيس حكومة ائتلافية، جميع الأحزاب وافقت على التحالف مع حزب العدالة والتنمية أو مع الأحزاب الأخرى من أجل تأسيس حكومة ائتلافية ولكن لكلٍ منهم كانت شروطه الخاصة.
حزب العدالة والتنمية
أوضح حزب العدالة والتنمية منذ اللحظة الأولى لخروج النتائج الأولية للانتخابات، على لسان نائب رئيس الوزراء ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية “نعمان كورتولموش”، عن نيته التحالف مع الأحزاب الأخرى لتأسيس حكومة ائتلافية وقال إنه لا يرجح خيار الذهاب لانتخابات مُبكرة. ولكن لم يوضح كورتولموش ماهية شروط حزب العدالة والتنمية لشروط التحالف.
وبعد عدة اجتماعات مكثفة أجراها الحزب، أعلن عن شروطه للتحالف مع الأحزاب الأخرى لتأسيس حكومة ائتلافية. وأُعلنت شروط حزب العدالة والتنمية على لسان زعيمه “أحمد داود أغلو” في احدي اللقاءات التلفزيونية الذى قام بها الأخير. وقال داود أوغلو، خلال لقائه التلفزيون بما يخص شروط الحكومة الائتلافية “نحن على استعداد للتحالف مع جميع الأحزاب وليس عندنا أي خطوط حمراء، ولكن عندنا بعض الشروط الأولية التي يجب علي الحزب، الذي يرد أن يتحالف معنا، أن يقبلها”.
وكشف داود أوغلو عن شروط حزبه للتحالف، من خلال اللقاء التلفزيوني نفسه، فقال: “نحن لا نملك شروطًا صعبة ولكن شروطنا هذه لا يمكن لنا التخلي عنا، وهي كالتالي:
ـ قبول “عملية السلام” والسعي لإتمامها.
ـ الاستمرار في مواجهة “الكيان الموازي” حتي يتم تنظيف جميع أغلاله المنتشرة داخل مؤسسات الدولة بالكامل.
ـ عدم المساس بشخصية السيد رئيس الدولة رجب طيب أردوغان والقبول به كرئيس شرعي منتخب من قبل الشعب.
هذه هي شروطنا المبدئية من يقبل بها يممكنا الالتقاء به والتباحث معه ليكون شريكنا في الحكومة المُقبلة”.
حزب الشعب الجمهوري
حزب الشعب الجمهوري هو أكثر حزب متضارب ومتناقض على الساحة التركية، فتارة يؤكد أنه لا يمكن التحالف مع حزب العدالة والتنمية إطلاقاً لتأسيس حكومة ائتلافية وتارة يقول يمكن أن نتحالف ولكن بشروط، ولكن سرعان ما يخرج ويقول لا نحن نتراجع عن تصريحاتنا المتعلقة بالتحالف مع حزب العدالة والتنمية ولكن بعد ساعتين يخرج بتصريح آخر يوضح أنّ من الممكن التحالف مع حزب العدالة والتنمية ولكن بشروط، وعندما لا يأتي رد من حزب العدالة والتنمية بخصوص هذه الشروط يعاود ويلقي تصريحات أخرى مغايرة تفيد بأنه يمكن التحالف مع حزب العدالة والتنمية بشروط أقل من الماضية وهكذا يستمر في تضاربه وتناقضه. ويمكن إيجاز شروط حزب الشعب الجمهوري الأخيرة المتعلقة بهذا الشأن، والتي تم توضيحها على لسان زعيم الحزب “كمال كلجدار أوغلو” في تصريح صحفي له لصحيفة جمهوريت التركية، كالتالي:
“نحن نعتقد بأن التحالف مع حزب العدالة والتنمية هو خيارانا الأخير ولكن للتحالف مع الأحزاب الأخرى فشروط حزبنا كالتالي:
ـ أن يتم تعيين كمال كلجدار أوغلو رئيساً للوزراء
ـ إذا وافق حزب الحركة القومية الانضمام للتحالف الثنائي المحتمل بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديموقراطي، يمكن أن يتم تقاسم الوزارات، وإذا احتاج الأمر سيتم تسليم رئاسة البرلمان لحزب الحركة القومية.
ـ رئاسة اللجان البرلمانية ستكون خاصة لحزب الشعوب الديموقراطي.
ـ تنفيذ الوعود المشتركة مثل؛ اصلاح القضاء، رفع أجرة الحد الأدنى، رفع راتب المتقاعدين، تنظيم قوانين العمل.
ـ قضية الوزراء الأربعة السابقين “المتهمين بالفساد” سيتم تفعيلها حتى تتم محاكمتهم محاكمة عادلة.
وبين كلجدار أوغلو، في تصريحاته للصحيفة نفسها، أنه “في حين لم يتم التوافق مع الأحزاب الأخرى، سنسعى للتحالف مع حزب العدالة والتنمية كخيار أخير”. وأوضح كلجدار أوغلو شروطه للتحالف مع حزب العدالة والتنمية بالشكل التالي:
ـ إرساء نظام رئاسة وزراء تناوبي بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، في هذا النظام سيكون كلجدار أوغلو رئيسًا للوزراء لمدة عامين.
ـ في التحالف لن يكون هناك شريك صغير أو كبير، بحيث أن أعداد الوزرات يجب أن تتقسم علي الحزبين بالتساوي.
ـ ضمن هذه الوزرات يجب أن تكون وزارة العدل والداخلية والتعليم تابعة لحزب الشعب الجمهوري.
ـ رئاسة البرلمان يجب أن تكون من حق حزب الشعب الجمهوري.
ـ إلغاء تدخل السطلة التنفيذية بالسلطة التشريعية.
ـ تشكيل هيئة تحقيقات خاصة بالوزراء الأربعة السابقين “أصحاب قضايا الفساد والاختلاس”.
ـ رفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 1500 ليرة شهرياً.
وفي نهاية لقائه الصحفي قال كلجدار أوغلو أنه “في حال قبلت الأحزاب الأخرى أو حزب العدالة والتنمية هذه الشروط يمكن لنا التحالف معها”.
حزب الحركة القومية
على الرغم من إصرار حزب الحركة القومية على الانتخابات المُبكرة في الأيام الأولى من صدور نتائج الانتخابات، إلا أنه بعد ذلك قبل إمكانية التحالف مع الأحزاب الأخرى لتأسيس حكومة ائتلافية “حرصاً منه للمحافظة على اقتصاد البلاد وسلامتها”.
وبين حزب الحركة القومية شروطه المتعلقة بالتحالف مع الأحزاب الأخرى من أجل تأسيس حكومة ائتلافية، على لسان زعيمه دولت باهتشالي في تصريح صحفي له ألقاه الخميس الماضي، بتاريخ 11 حزيران/ يونيو، وأيضًا على لسان رئيس كتلته البرلمانية يوسف هالاج أوغلو الذي عاد وأكد شروط الحزب التي أقرها دولت باهتشالي في لقاء صحفي، من خلال لقاء تلفزيوني له علي قناة “أن” التركية بالأمس. وحسب تصريحاتهم فإن شروط حزب الحركة القومية للتحالف وتأسيس حكومة ائتلافية كالتالي:
ـ إلغاء “ما يُسمى باسم عملية السلام”.
ـ التزام أردوغان بمنصبه السياسي كرئيس دولة “فخري” وليس “رئيس تنفيذي”.
ـ محاكمة ومحاسبة جميع الورزاء والنواب الفاسدين.
ـ أن تكون الحكومة الائتلافية لا تشمل حزب الشعوب الديموقراطي بداخلها.
وذكر باهتشالي، في تصريحاته الصحفية لصحيفة جمهوريت، بأن “هذه الشروط تُعد خطوطًا حمراء لحزب الحركة القومية ولا يمكن التنازل عليها إطلاقاً”.
حزب الشعوب الديموقراطي
أعن حزب الشعوب الديموقراطي شروطه للتحالف مع جميع الأحزاب البرلمانية شروطه على لسان زعيمه “صلاح الدين ديميرطاش”، في تصريح صحفي ألقاه الأخير البارحة، الجمعة الموافق 12 حزيران/ يونيو، وقال ديميرطاش في تصريحاته المتعلقة بالحكومة الائتلافية “إن شروطنا بسيطة وليست معقدة وأرجو من الجميع أن يقيمها بموضوعية وشفاهية بعيداً عن الأحاسيس الإيدولوجية والحزبية، حتي ننقذ بلدنا من الزعزعة التى تعيشها”.
وبين ديميرطاش، خلال تصريحه الصحفي، بأن شروط حزب الشعوب الديموقراطي للتحالف مع الأحزاب الأخرى لتأسيس حكومة ائتلافية هي كالتالي:
ـ قبول “عملية السلام أو المصالحة الوطنية” والعمل على استمرارها وإيصالها لنتيجة إيجابية.
ـ إن كنا سنتحالف مع حزب العدالة والتنمية، فيجب على أردوغان أن يكف عن التدخل في عمل الحكومة وأن يبقى في منصبه كرئيس دولة ذي “منصب فخري”.
ـ إجراء تعديلات دستورية تتضمن للمواطنين الأكراد حقوقهم الثقافية والاجتماعية والمدنية.
وختم ديميرطاش تصريحاته قائلاً: “هذه هي شروطنا ليست صعبة ويجب على جميع الأحزاب التى ستتحالف معنا أو مع غيرنا أن تأخذها بعين الاعتبار لندعمهم ونسير معهم، وأود أن أقول لكم أنى أدعم المفاوضات والمباحثات الجارية بين حزب الشعوب الديموقراطي وحزب العدالة والتنمية لأني أرى فيها الخير الكبير لإمكانية التوافق على مصالح مشتركة تجمع جميع أطياف البلاد”.
ورأى الكاتب علي بيرام أغلو، الذي كتب مقالة متعلقة بشروط الأحزاب السياسية التركية حول الحكومة الائتلافية في صحيفة يني شفق، بتاريخ 12 حزيران/ يونيو، بأنه حسب الشروط المصرح بها من قبل زعماء الأحزاب الأربعة فإن أكبر توقع ممكن أن يحدث هو تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، وذلك لان حزب الشعب الجمهوري يمكن أن يلين ويقدم بعض التنازلات في شروطه ويتناسب في شروطه الأخيرة، بعد التنازل، مع حزب العدالة والتنمية. كما أنّ من الممكن جداً تحالف حزب العدالة والتنمية والشعوب الديموقراطي لأن شروطهم متوافقة وقريبة من بعضها.
وفي الوقت نفسه أعرب بيرام أوغلو عن عدم اعتقاده بأن حزب العدالة والتنمية سيتخذ هذه الخطوة التي من الممكن أن تثير غضب الكثير من أنصاره بدعوى تركه الأحزاب التركية، حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، والتحالف مع حزب الشعوب الديموقراطي “الكردي”. وأخيراً حسب الشروط المُعلنة، لا يمكن لحزب العدالة والتنمية التحالف مع حزب الحركة القومية أبداً وذلك للشروط “الحمراء” التى أعلنها حزب الحركة القومية بما يخص “عملية السلام”، كما لا يمكن لحزب الحركة القومية التحالف مع حزب الشعب الجمهوري الذي يقترح التحالف مع حزب الشعوب الديموقراطي من خلال تخطي حزب العدالة والتنمية.
التقرير