اتفق مسؤولون وخبراء فلسطينيون، على أن تطبيق مخطط الضم الإسرائيلي لمستوطنات الضفة الغربية والأغوار ستكون نتائجه “كارثية” على الفلسطينيين.
وبين هؤلاء في أحاديث متفرقة، أن ضم الأغوار (شمال شرق الضفة الغربية) يعني حرمان الفلسطينيين من مصادر المياه ووفرتها.
كما أن الضم، بحسب الخبراء، يعني خسارة الفلسطينيين لسلتهم الغذائية المتمثلة بالمساحات الزراعية الواسعة في الأغوار، إلى جانب خسارة ثروات البحر الميت.
وكان من المقرر أن تعلن الحكومة الإسرائيلية بدء خطة الضم لمساحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة، الأربعاء (1 يوليو/ تموز الجاري)، بحسب ما أعلنه سابقا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
لكن الغموض، يحيط بموقف نتنياهو، خاصة في ظل الرفض الدولي، وخلافات داخل حكومته وأخرى مع الإدارة الأمريكية حيال المسألة.
الغموض يحيط بموقف نتنياهو، خاصة في ظل الرفض الدولي، وخلافات داخل حكومته وأخرى مع الإدارة الأمريكية حيال ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية
وتشمل الخطة الإسرائيلية ضم غور الأردن، وجميع المستوطنات بالضفة الغربية، فيما تشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم سيصل إلى أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة المحتلة.
وأخيرا قال رئيس سلطة المياه الفلسطينية مازن غنيم في تصريحات متلفزة، إن ضم الأغوار فقط سيؤدي إلى خسارة الفلسطينيين من 560 إلى 600 مليون متر مكعب من المياه إضافة إلى الكثير من الفرص الاقتصادية الضائعة التي لا تقل عن 3.5 مليار دولار.
وأضاف غنيم، “التاريخ يثبت أن المياه هي الأساس في كل المخططات التي قامت عليها دولة الاحتلال، وتوسعت فيما بعد”.
ويستورد الفلسطينيون غالبية حاجتهم من المياه، من إسرائيل التي تسيطر على 90 في المئة من مصادر المياه الجوفية، وتمنع السكان في مناطق أريحا والأغوار من حفر آبار جمع المياه، دون إعطاء أسباب للمنع.
خسارة نهر الأردن والبحر الميت
ويرى المستشار في وحدة دعم المفاوضات الفلسطينية ورئيس سلطة المياه سابقاً شداد العتيلي، أنه في حال تم الضم، “ستكون النتائج كارثية بالنسبة للمياه”.
ويقول العتيلي “سنخسر نحو 250 مليون متر مكعب من المياه هي ضمن حقوقنا المائية في الحوض الشرقي”.
ويضيف أن الضم “سيؤدي كذلك إلى فقدان 100 مليون متر مكعب من المياه شبه المالحة التي كانت ستروي مزارع النخيل في أريحا، وبيت لحم، والخليل”.
وتعتبر المياه الجوفية أهم مصادر المياه التي تزود الفلسطينيين بالمياه، وهي تتواجد ضمن ثلاثة أحواض في الضفة الغربية، هي الحوض الشرقي والشمالي الشرقي، والغربي.
ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للأحواض الثلاثة إلى 700 مليون متر مكعب سنويا.
لكن، وبسبب الاستحواذ الإسرائيلي على المياه الفلسطينية، لا يتجاوز بلغ المعدل العام لكميات المياه المستغلة من قبل الفلسطينيين في الضفة الغربية، حوالي 115 مليون متر مكعب.
ويردف العتيلي “سنخسر أيضا وجودنا كدولة على حوض نهر الأردن، باعتباره مياها دولية، وبالتالي نفقد حقنا كلاعب إقليمي في موضوع المياه”.
ويلفت إلى أن الخسارة الأخرى تتمثل في حرماننا نهائيا من استغلال ما يزيد عن مليار دولار أمريكي سنويا من الموارد المتاحة في البحر الميت”.
ويشير في هذا الصدد إلى أن البحر الميت “غني بالكثير من المعادن، ومخزونات ضخمة من البوتاس والبروم والمغنيسيوم وغيرها”.
ولفلسطين 37 كيلو مترا من شاطئ البحر الميت، احتلت في 1967 بحسب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في تصريح سابق.
وقال عريقات، إن إسرائيل “تتنكر للحقوق الفلسطينية عامة، ولحقها في استغلال واستثمار الموارد الطبيعية والسياحية على البحر الميت”.
ويعد البحر الميت حالة نادرة في العالم، حيث يقع في أخفض نقطة عن مستوى البحر (400 متر تحت مستوى البحر)، ويقصده السياح من مختلف دول العالم للاستجمام والسياحة العلاجية، لملوحة مياه.
ويقول العتيلي، إن “الضم الإسرائيلي سينهي قدرة الفلسطينيين على حفر آبار للوصول إلى المياه الجوفية، كون إسرائيل ستمنع ذلك”.
“الضم الإسرائيلي سينهي قدرة الفلسطينيين على حفر آبار للوصول إلى المياه الجوفية، كون إسرائيل ستمنع ذلك”.
ويضيف أن عملية الضم “ستقتل أي أمل في قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، بعد أن ينهي العملية السلمية”.
خسارة في الإنتاج والتصدير
بدوره يقول رئيس مجلس تنظيم قطاع المياه الفلسطيني (مستقل) محمد سعيد الحميدي، إن “أي تأثير على المياه في الأغوار، يعني انعكاسا مباشرا على الإنتاج الزراعي بالضفة، كون الأغوار هي سلة غذائية لكل المحافظات”.
ويضيف الحميدي، أن منع كميات المياه “سيؤثر سلبا على إنتاج التمور، وبالتالي على قدرة فلسطين التصديرية لها”.
وتعد أراضي الأغوار الفلسطينية من أكثر الأراضي الفلسطينية خصوبة، وتصلح لزراعة النخيل وإنتاج التمور من أنواع جيدة قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
ويحذر الحميدي، من “نوايا إسرائيلية نقل مكب نفايات كيماوية، من منطقة (رامات حوفاف) الصناعية بالنقب (جنوب)، إلى الأغوار، وهو ما سيؤثر على المياه الجوفية للحوض الشرقي”.
ويتابع “إذا حصل الضم، لن تكون هناك أي إجراءات كفيلة بالتخفيف من الأضرار”، مشددا على “الضم مشكلة لا يمكن تخفيفها إلا بمنعها”.
ويشير الحميدي، إلى أن المزارع الفلسطيني “يعاني أصلا من سرقة حصته من المياه، لصالح نظيره الإسرائيلي، وهو ما أثر بالسلب على كميات الإنتاج الزراعي”.
وتقول إحصاءات فلسطينية، إن استهلاك “المستوطن” الإسرائيلي الواحد من المياه في الضفة الغربية تعادل ما يستهلكه 2.5 فلسطيني.
دفع التجمعات البدوية على الهجرة
من جهته يقول خبير المياه الفلسطيني، ومدير جمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين (غير حكومية) عبد الرحمن التميمي، “إذا تم الضم في الأغوار، فإن الزراعة المروية ستتراجع إلى أكثر من 95 في المئة.
ويضيف التميمي، “هذا يهدد الأمن المائي والغذائي الفلسطيني، لأن معظم مناطق الضفة تعتمد على ما تنتجه الزراعة في الأغوار، سواء خضراوات أو غيرها من المنتجات”.
ويردف التميمي “في حال تم الضم، تصبح 270 مليون متر مكعب من حصة فلسطين في نهر الأردن، مياها إسرائيلية، وفق قانون الاحتلال”.
ويتابع أنه في هذه الحالة “سيصبح المزارعون الفلسطينيون زبائن يشترون المياه من إسرائيل في حال وافقت على ذلك”.
ويعتبر الخبير الفلسطيني، أن “المسعى الإسرائيلي الأساسي هو دفع سكان كل التجمعات البدوية على الهجرة، عبر حرمانها من المياه، وبالتالي عدم القدرة على البقاء والصمود”.
ويشدد التميمي على “ضرورة تعزيز صمود سكان الأغوار، وتثبيتهم في أرضهم، معتبرا أن جزءا كبيرا من “المعركة” أساسه ديمغرافي، ويعتمد على تمسك السكان بالأرض.
وتبلغ مساحة منطقة الأغوار نحو 1.6 مليون دونم، ويقطن فيها نحو 13 ألف مستوطن إسرائيلي في 38 مستوطنة، في حين يسكن نحو 65 ألف فلسطيني في 34 تجمعا.
وتعد منطقة الأغوار الشمالية، سلة الغذاء للضفة الغربية، وتسعى إسرائيل إلى تهجير سكانها ومصادرة أراضيهم والاستيلاء عليها، بحسب مسؤولين فلسطينيين.
(الأناضول)