ستسهم الاحتياطات الضخمة من الغاز الطبيعي التي تم اكتشافها مؤخرا في جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط، في تغيير النظام الاقتصادي والإستراتيجي والعسكري في منطقة الشرق الأوسط، كما يسهم في التأثير على العلاقات والروابط التي تجمع المنطقة بالاتحاد الأوروبي.
ويقول تقرير نشره موقع “مودرن دبلوماسي” الأميركي إن التحولات التي طرأت على إنتاج الغاز في منطقة شرق المتوسط بدأت تؤثر على العلاقات الداخلية بين الدول المنتجة للغاز، وتضع إسرائيل في سياق اقتصادي جديد.
ويضيف التقرير أنه ليس من قبيل الصدفة أن يُنظَّم منتدى غاز شرق المتوسط في القاهرة خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، بمشاركة مصر وإيطاليا وقبرص واليونان والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل.
وأورد كاتب التقرير أن هذا الاجتماع يهدف إلى خلق مجموعة متماسكة من الناحية السياسية والإنتاجية، وتجنب السياسات التنافسية المتبعة من قبل المناطق الأخرى المنتجة للغاز.
سوريا ولبنان
وذكر الكاتب أن سوريا ولبنان بدأتا استغلال ثرواتهما الغازية الموجودة على السواحل بطريقة مستقلة، وأن من الواضح أن سوريا ستدعم في المقام الأول الشبكات الروسية والإيرانية للتوجه نحو آسيا الوسطى والصين، في حين سوف يستخدم لبنان مخزون سواحله من أجل إنعاش اقتصاده.
يأتي ذلك في وقت بدأ فيه حقلا الغاز الإسرائيلي “ليفياثان” و”كريش” الإنتاج.
وسيلعب الغاز الطبيعي هناك دورا أساسيا في الاقتصاد الأوروبي وتوازنه الإستراتيجي في حال مروره بخط البلقان وصولا إلى فيينا، أو من خلال الشبكة اليونانية الألبانية وإيطاليا.
وبحسب التقرير، فقد أكد لبنان مشاركته ضمن اتفاقيتي استكشاف وإنتاج مع ائتلاف تقوده شركة توتال، في حين لا تزال النرويج ولبنان تتعاونان في المسائل الفنية والقانونية من خلال برنامج النفط مقابل التنمية، الذي سوف يستمر إلى حدود سنة 2020.
واستكمل لبنان إنشاء شبكة خاصة باستيراد الغاز الطبيعي المسال للإنتاج المحلي للكهرباء الذي يعد من المشاكل الأساسية التي تواجهها البلاد.
مصالح الدول المنتجة
ويقول الكاتب إن مصالح مختلف البلدان المنتجة للغاز في الوقت الراهن تميل إلى التوافق.
ويعتقد أن المخاطر السياسية مقترنة بتكاليف استخلاص عالية نسبيا، في حين لا تزال 36% من موارد الغاز الطبيعي في شرق المتوسط غير مستكشفة وغير مستغلة.
ويشير إلى أن منتدى غاز شرق المتوسط في القاهرة مفتوح للجميع، بما في ذلك الدول الأوروبية، باستثناء تركيا ولبنان.
ونبه إلى وجود خلافات قديمة بين تركيا وقبرص واليونان، كما يوجد نزاع بين تركيا ومصر، حيث لم يوافق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على انقلاب الجيش المصري العسكري عام 2013 والذي أطاح بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب للبلاد.
علاقات متوترة
يعتقد الكاتب في تقريره أن علاقات تركيا وإسرائيل متوترة منذ عملية الرصاص المصبوب في غزة بين سنة 2008 و2009، وقضية سفينة مرمرة سنة 2010.
ويقول إن العلاقة بين البلدين لم تعد إلى طبيعتها على الإطلاق، على الرغم من تقديم إسرائيل اعتذارات لتركيا، وهو ما يبرر جزئيا سيناريو الطاقة الجديد الناشئ في منطقة شرق المتوسط.
ويوضح أن استخراج النفط والغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط يتطلب درجة عالية من التعاون بين جميع الأطراف المعنية، لكن هذه الثروة نفسها تخلق انقسامات جديدة بين الدول وتغذي التوترات القديمة.
ومن الواضح أن هذه التوترات تؤثر أيضا على لبنان، حيث لا يزال العديد من القادة يعتقدون أن المنتدى يستهدف بلدهم بالدرجة الأولى، بحسب الكاتب.
ومع هذه الحكومة الجديدة التي يقودها سعد الحريري، يعتقد لبنان أن باستطاعته إدارة موارد الغاز البحري الخاصة به بشكل مستقل.
ويرى الكاتب أن بعض وزراء حكومة الحريري يعتقدون أن لبنان يمكن أن يصدّر الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خط الغاز العربي الذي يمر من شمال تركيا أو من مصر.
ويختم بالقول “باختصار، يظن لبنان أنه قد تم إقصاؤه، لكنه سيدرك قريبا أن هناك إمكانية لاستغلال موارده بشكل أفضل”.
المصدر : مواقع إلكترونية