باريس- دعا أكراد سوريا الدول الأوروبية إلى “عدم التخلي عنهم” بعد انتهاء المعارك التي يخوضونها ضد تنظيم الدولة الاسلامية، والمساهمة في نشر قوة دولية في شمال سوريا لحمايتهم من التهديدات التركية، على ضوء اقتراح واشنطن إقامة منطقة آمنة.
وقال ألدار خليل أحد أبرز القياديين الأكراد مساء الأحد، إن “تلك الدول لديها التزامات سياسية وأخلاقية” تجاه الأكراد الذين احتووا، بقتالهم تنظيم الدولة الاسلامية، خطر توسع التهديد الإرهابي إلى أوروبا. وأضاف “إذا لم يفوا بها (التزاماتهم)، فهم يتخلون عنا”.
وتهيمن وحدات حماية الشعب الكردية على تحالف قوات سوريا الديمقراطية العربي الكردي الذي يستعد لإعلان الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية. لكن مع اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يريد الانسحاب من سوريا، تبدو هذه القوات في وضع ضعيف أكثر من أي وقت مضى.
ولم تهدأ خلال الفترة الأخيرة التهديدات التركية بشن هجوم جديد ضد المقاتلين الأكراد انطلاقاً من مدينة منبج (شمال). ومن أجل تهدئة الأجواء، اقترح الرئيس الأميركي الشهر الماضي إنشاء “منطقة آمنة” بعمق 30 كيلومتراً على طول الحدود بين الطرفين.
ورحبت أنقرة بالاقتراح لكنها أصرت في الوقت ذاته على أن تدير تلك المنطقة. إلا أن الأكراد شددوا على رفض أي دور لأنقرة فيها. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية بأنها فرع من حزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً في تركيا منذ عام 1984.
ودعا المسؤول الكردي فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، خصوصاً إلى أن تعمل لصالح نشر قوة دولية في سوريا فور انسحاب القوات الأميركية منها.
وقال خليل “يمكن لفرنسا أن تقدم اقتراحا إلى مجلس الأمن لحمايتنا: يمكنها أن تقترح نشر قوة دولية بيننا وبين الأتراك تكون فرنسا جزءاً منها، أو يمكنها حماية أجوائنا”.
النظام السوري البديل الوحيد
ويتضمن النطاق المقترح لنشر القوة الدولية، الذي قد يمتد على عمق حوالي 30 كيلومتراً في الأراضي السورية، مدناً كبرى تسكنها الأقلية الكردية.
وتابع المسؤول في الإدارة الكردية شبه الذاتية في سوريا القائمة منذ 2011 أن هذه القوة الدولية يمكن أن تكون أشبه بقوات اليونيفل التابعة للأمم المتحدة المنتشرة في جنوب لبنان لتأمين الحدود مع إسرائيل.
لكن الأوروبيون قد تغاضوا بالفعل عن الاقتراح الأميركي بإنشاء “قوة مراقبين” تستبدل الأميركيين في سوريا.
وعلّق مصدر حكومي فرنسي “واشنطن تحاول العثور على حلول للخروج ليست في الواقع حلولاً”، مشيراً إلى أنها تقول “نحن راحلون وأنتم باقون”.
ويضغط دونالد ترامب على الدول الأوروبية لإعادة مئات من مواطنيها الذين يحتجزهم أكراد سوريا بعدما كانوا انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
ورأى خليل أن “الأفضل أن يعودوا إلى بلادهم”، مضيفاً أنهم إذا لم يرجعوا “يمكن تأسيس محكمة دولية أو اثنتين لمحاكمتهم”، بدون أن يستطرد أكثر.
وبحسب المسؤول، ففي ظل غياب منطقة آمنة، يمكن لمنطقة حظر جوي أن تمنع الطيران التركي من دخول شمال شرق سوريا لمساندة عملية برية محتملة. وأوضح “إذا كانت الأجواء محمية، لا يمكن لتركيا القضاء علينا، حتى ولو هاجمتنا”.
واذا لم يساعد الغرب الأكراد على الفوز، ستتجه وحدات حماية الشعب إلى النظام السوري الذي، بدعم من روسيا وإيران، بات يسيطر على ثلثي الأراضي السورية.
الحلّ الأخير
وحذر المسؤول في الإدارة الكردية شبه الذاتية “إذا لم تفعل الدول الأوروبية والولايات المتحدة شيئاً، سنكون مجبرين على التفاهم مع النظام (السوري) ليرسل قوات عسكرية إلى الحدود لحمايتها”.
وسبق للرئيس السوري بشار الأسد العازم على استعادة كافة أراضي بلاده بعد 8 سنوات من حرب هددت في وقت من الأوقات نظامه، أن اقترح ذلك بالفعل.
وقال الأسد الأحد “لا أحد يحمينا سوى دولتنا”. ورأت روسيا من جهتها أن “الحلّ الأمثل هو الحوار مع دمشق”.
وفي حال التوصل إلى تسوية مع دمشق، تنتظر قوات سوريا الديمقراطية أن تواصل إدارة المناطق التي تسيطر عليها والتي تساوي حوالي 30% من مساحة البلاد.
وقال ألدار خليل إن “شرطنا أن تكون العناصر المنتشرة على الحدود متحدّرة من مناطقنا. يكونون مرتبطين إدارياً بالجيش السوري، لكن يكونون وحدات لنا”.
ويقول الأكراد أيضاً إنهم جاهزون لتقديم تنازلات. وأعلن خليل “يمكننا أن نسلّم نسبةً من حقول النفط، وأن نتقاسم العائدات الضريبية، ونقبل أيضاً برفع علم النظام”.
ويرى بعض المراقبين أن النظام يريد استسلاماً غير مشروط من الأكراد الذين هم الآن في موقف ضعيف. وأقرّ مصدر حكومي من باريس أن “الحلّ الأخير الوحيد هو اتفاق بين النظام السوري والأكراد”.
وأضاف المصدر “لكن دمشق تريد استعادة سيادتها ومن هنا أهمية روسيا في اللعبة” وأهمية تسوية سياسية تشمل تركيا.
العرب