واشنطن بوست: جهل الأميركيين بالتاريخ فضيحة قومية

واشنطن بوست: جهل الأميركيين بالتاريخ فضيحة قومية

أورد الكاتب الأميركي ماكس بوت أن الأميركيين -بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب- جاهلون ليس بتاريخ الشعوب الأخرى فقط، بل أيضا بتاريخ بلادهم نفسها إلى حد مخجل، وحذر من عواقب هذا الجهل على مستقبل أميركا وديمقراطيتها.

وأشار بوت -في مقال له نشرته واشنطن بوست اليوم- إلى انخفاض عدد شهادات البكالوريوس الممنوحة في التاريخ سنويا من 34 ألفا و642 في 2008 إلى 24 ألفا و266 في 2017، في حين شهدت التخصصات الأخرى -مثل علوم الكمبيوتر والهندسة- ارتفاعا بيّنا، مضيفا أن أقل من 2% من الطلاب الجامعيين، وأقل من 1% من الإناث يدرسون مادة التاريخ، مقارنة بأكثر من 6% ونحو 5% على التوالي، في أواخر الستينيات.

مؤسسات التعليم هي السبب
وأوضح أن أقسام التاريخ بالجامعات هي التي تقوم بتقليص المقررات الدراسية وعدد مدرسي التاريخ بسبب انخفاض معدلات الالتحاق، وبلغت الحال بجامعة ويسكنسون إلى إلغاء شعبة التاريخ بأكملها.

وقال الكاتب إن دراسة التاريخ في المدارس الأميركية ضعيفة للغاية؛ لدرجة أن الطلاب يدخلون غالبا الجامعات جاهلين بالماضي، ويغادرونها مثلما دخلوها.

وأورد كثيرا من الأمثلة على جهل الأميركيين بالتاريخ، مستشهدا بنتائج إحدى الدراسات الأكاديمية، إذ ورد أن المزيد من الأميركيين يستطيعون معرفة أن مايكل جاكسون هو مؤلف أغنيته الشهيرة “بيت إت” (Beat it) أكثر من معرفة أن ميثاق الحقوق هو نصوص من التعديلات على الدستور الأميركي، وأن أكثر من ثلث المستطلعين لم يعرفوا “القرن” الذي وقعت فيه الثورة الأميركية، ويعتقد نصفهم أن الحرب الأهلية وإعلان التحرر أو حرب عام 1812 كانت قبل الثورة الأميركية.


ماكس بوت حذر من أن أميركا تخلصت من روايتها الوطنية دون أن تخلق رواية بديلة تحل محلها، تاركة فراغا تملؤه القبلية وعنصرية البيض

جهل ترامب أفدح
وذكر أنه لا توجد حالة لعواقب الجهل التاريخي أفدح من حالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تبنى شعار السياسة الخارجية “أميركا أولا” حتى أصبح تعويذة له على ما يبدو دون أن يدرك أن اللجنة الأميركية الأولى الأصلية التي تبنت هذا الشعار كانت في عام 1940-1941 متعاطفة مع النازيين، كما أنه تبنى سياسة الرسوم الجمركية على ما يبدو دون أن يدرك العواقب الوخيمة لقانون تعرفة سموت-هاولي لعام 1930، الذي أقر رسوما مماثلة.

وقال إن شعارات ترامب غارقة في النوستالجيا (الحنين للماضي)؛ فشعاره “اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” يعني أن يستعيد الأميركيون بعضا من العصر الذهبي المفقود، وهو ما كان ثابتا في التاريخ الغربي منذ أثينا القديمة، لكن ترامب عندما سئل عن التاريخ الذي كانت فيه أميركا عظيمة أجاب: في الأربعينيات والخمسينيات. وعلق بوت بأن ذلك غير صحيح، مشيرا إلى أن الحرائق المتعمدة الضخمة للمصانع، وكذلك المذابح وجرائم القتل والعصابات الإجرامية؛ كانت منتشرة كثيرا بالبلاد آنذاك.

العظمة الحقيقية لأميركا
وأشار إلى أنه إذا كان ترامب حريصا على أن تصبح أميركا عظيمة، فلن يحاول التراجع عن إنجازاتها الأكثر فخرا مثل القوانين التقدمية في مجال الأعمال والتجارة الحرة وحماية البيئة وإقامة حلف الناتو.

وحذر ماكس بوت من أن أميركا تخلصت من روايتها الوطنية دون أن تخلق رواية بديلة تحل محلها، تاركة فراغا تملؤه القبلية وعنصرية البيض.

وناشد أطفال أميركا قائلا: “أيها الأطفال، لا تصبحوا مثل ترامب جاهلين بتاريخ بلادكم، إن جهل المجتمع الأميركي بتاريخه يجعله عرضة للديماغوغيين، ويجعل ديمقراطيته في خطر”.

واختتم مقاله موجها حديثه للأطفال أيضا بألا يقلقوا من دراسة التاريخ، فهي استثمار جيد لأن عائدها المالي أعلى من متوسط عائدات كثير من التخصصات الجذابة الأخرى.

المصدر : واشنطن بوست