توقع مراقبون جزائريون تصاعد المظاهرات المطالبة بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة إذا لم تلب مطالب المحتجين، وسط دعوات لمظاهرات جديدة غدا الأحد.
واعتبر هؤلاء أن هتافات “لا للعهدة الخامسة” التي رددها الجموع في مختلف ولايات الجزائر كانت رسالتها واضحة، متوقعين سحب أحزاب التحالف الرئاسي ملف الترشيح.
ففي مسيرة سلمية، كسروا من خلالها “عرف” منع التجمهر والمسيرات في عاصمة البلاد، ردد المتظاهرات “لا للعهدة الخامسة”، و”بركات.. لا نريد العهدات”، وغير ذلك من الشعارات الرافضة لاستمرار الرئيس بوتفليقة في الحكم لخمس سنوات أخرى.
وأعلنت حركة مواطنة موعدا آخر للاحتجاج غدا، “لمواصلة النضال ودفع الرئيس للعدول عن قرار الترشح لولاية جديدة بعد عشرين سنة من حكم البلاد”.
وتفاعل الجزائريون مع المسيرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأثنى مشاركون على قدرة المحتجين على الحفاظ على سلمية المظاهرة رغم الأعداد الكبيرة التي شاركت فيها”.
توقع الانسحاب
وتوقع الحقوقي والبرلماني السابق مصطفى بوشاشي أن تتراجع أحزاب التحالف الرئاسي التي أعلنت ترشيح بوتفليقة، مشيرا إلى أن الرئيس الحالي لن يبقى ضمن “السباق الذي غيّرت مسيرة أمس معالمه كليا”.
واستبعد بوشاشي في حديث مع الجزيرة نت أن يستمر النظام السياسي في “تعنّته”، متوقعا “أن تسحب الجماعة نفسها ترشيحه ليتمكن الجزائريون إثر ذلك من إجراء انتخابات مفتوحة”.
قال بوشاشي إن “حراك 22 فبراير كان بمبادرة من الشباب والشعب بصفة عامة، وأثبت قدرة الجزائريين على المطالبة بحقوقهم، والسير بطريقة سلمية وهادئة، بعيدا عن التخويف”.
وأرجع البرلماني المستقيل أسباب مظاهرات أمس إلى شعور الشعب بخدش كرامته، “معتبرا أن العهدة الخامسة ما هي إلا نوع من الانتخابات التي ينظمها النظام السياسي لفائدته وفائدة مصلحته”.
أهلية الترشح
واستغرب بوشاشي “ترشيح النظام شخصا لم يكلّم شعبه منذ أكثر من ست سنوات، معتبرا أن بوتفليقة لا يملك أهلية إدارة الشأن العام، وأن انتخابه لعهدة جديدة أشعر الجزائريين بالإحباط”.
وتوقع الحقوقي والبرلماني السابق خيار تأجيل الانتخابات في بلاده، وإعلان شغور منصب الرئيس”، مشيرا إلى أنه رغم ذلك، يبقى احتمال “إيجاد نوع من الفتوى السياسية لتأجيلها بمبرر أن الأوضاع غير مستقرة”.
وعن استمرارية المسيرات المناهضة لترشح الرئيس الحالي، قال المتحدّث “إذا أراد محيط الرئيس الخير للبلاد فعليهم سحب ترشحه في أقرب وقت، أما إذا لم تتم الاستجابة فأتوقع استمرار خروج الشعب للتظاهر حتى يتم الرضوخ لمطالبه”.
لا تمثل الشعب
من جهته، اعتبر الخبير الأمني أحمد ميزاب أن مسيرات 22 فبراير لا تمثل كل الشعب الجزائري، معتبرا أن الآلاف الذين خرجوا للشارع مجرد فئة “معينة، عبّرت عن رأيها في بلد يحترم الحريات ولم يمنعها أحد من ذلك”.
وقال ميزاب -وهو رئيس اللجنة الجزائرية الأفريقية للسلم والمصالحة- أن المظاهرات كانت عفوية وارتجالية، ولم تكن منظمة. وتساءل في حديثه للجزيرة نت عن “سبب غياب الدّاعين لتلك المسيرات”، معتبرا أنهم فضلوا الاختباء في الصفوف الخلفية، أو أنهم لم يحضروا أساسا ليوجّهوا الشباب في احتجاجاته”.
وقال إن من خرجوا أمس للشارع لا يمثلون آراء 18 مليون ناخب جزائري”، مضيفا “الهيئة الناخبة في الجزائر وعاؤها كبير، وأن ما سيفصل بين الإصلاح والمطالب هو الصندوق وليس الشارع”.
وأكّد المتحدث أن المسيرات لن تؤثر على القرار السياسي في البلاد، وأن التغيير في رأيه يكون عبر الصناديق، مشيرا إلى “الشارع ليس قناة صحية لتغيير النظام، ولن يرهن مصير الحياة السياسية في الجزائر بالشارع”.
وأشار إلى أن “الجزائر خاضت مغامرة من قبل، تمخضت عنها حرب أهلية”، “حيث سرقت إرادة الشعب لصالح جماعة معينة، أدخلوا الجزائر في عشرية دموية”.
من جهته، يرى أسامة -وهو طالب حقوق- أن السبب الحقيقي لخروج المتظاهرين “جاء لرد الاعتبار للشعب الجزائري الذي أهينت كرامته، بعد أن أبدى الرئيس الذي حكم البلاد عقدين كاملين نيته لمواصلة قيادة البلاد لمدة أطول”.
واعتبر مراقبون تغطية وكالة الأنباء الجزائرية للمسيرات مؤشرا قويا لحدوث تغيير مرتقب خلال الأيام القليلة القادمة، من قبل النّظام في البلاد.
المصدر : الجزيرة