تقول الكاتبة حنين حسن إن كلا من الصحفية باتيا أونغار سارغون والابنة الأولى السابقة تشيلسي كلينتون ورئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي شعرن بالحنق تجاه النائبة في الكونغرس إلهان عمر إزاء تصريحاتها بشأن أيباك.
وتوضح في مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني أن هذه الشعور جاء بسبب فضح إلهان لتأثير لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية “أيباك” والجهود والأموال الموظفة للضغط السياسي في صلب السياسة الأميركية.
وتضيف الكاتبة أن كلا من أونغار سارغون وكلينتون وبيلوسي سرعان ما اتهمن إلهان بمعاداة السامية، وأنهن لم يتوانين عن تأجيج الخلاف بشأن موقفها.
وتستدرك بأن إلهان لم تكن قد ذكرت في أي مكان عبارة “المال اليهودي” أو أنها نشرت تغريدة فيها “تعبير مجازي لمعاداة السامية”، بل إنها انتقدت ببساطة إسرائيل بسبب انتهاكاتها اللامتناهية لحقوق الإنسان الفلسطينية وسلب أرزاق الفلسطينيين.
حقيقة واضحة
وتشير الكاتبة إلى أن إلهان عمر كانت تعبر عن حقيقة واضحة، غير أنها اضطرت للاعتذار، وذلك بسبب رد الفعل العنيف والمرعب الذي تبع ذلك، والذي تضمن افتراءات عرقية وتهديدات ضدها.
وبعد بضعة أيام، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مقالا أكدت فيه أن “أيباك تجمع أكثر من 100 مليون دولار سنويا، لتنفقها على محاولات ممارسة الضغط على السياسيين وإرسال أعضاء من الكونغرس في رحلات إلى إسرائيل”.
وتقول الكاتبة إن هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يجري فيها التدقيق والتشكيك بالسياسة الأميركية الإسرائيلية في إطار مناقشات سياسية، ولكنها تعتبر سابقة تقوم بها بمنتهى الشجاعة، أول امرأة مسلمة منتخبة في مجلس النواب الأميركي.
وتوضح الكاتبة أن الأمر وصل إلى درجة أن تربط أونغار سارغون محررة الرأي في مجلة “فوروورد” اليهودية، بين إلهان، المرأة ذات البشرة الداكنة، وبين منظمة “كو كلوكس كلان”.
احتواء النقاش
وتضيف أن المحررة الصهيونية المعروفة تبدو عاجزة عن فهم أنه إذا كان المرء يهوديا فلا يعفيه ذلك من أن يكون عنصريا، وهو ما يجسد إسرائيل، مشيرة أن المحررة لم تسئ بشكل عنيف لإلهان بغاية محاربة معاداة السامية، بل لاحتواء النقاش المطروح حديثا عن إسرائيل.
وتشير الكاتبة إلى أن تشيلسي كلينتون انضمت إلى القافلة مطالبة المسؤولين بعدم السماح “بتمرير مواقف تنم عن معاداة السامية”، وذلك في تغريدة حملت في صلبها قدرا كبيرا من بالتعصب، وذلك في الوقت الذي شاركت فيه باعتبارها “أميركية”، في هجوم أونغار سارغون ضد إلهان عمر.
وقد تسبب ردها في بناء جدار فاصل بين “الأميركيين” “والآخرين”، بما ذلك إلهان عمر، وهي استعارة يتردد صداها ليجسد ما تقوم به إسرائيل في حق الفلسطينيين.
تصريحات عدائية
وتشير الكاتبة إلى أن والدا تشيلسي كلينتون لم يمتنعا عن استخدام عبارات تنم عن الكراهية للإسلام عند التحدث عن المسلمين الأميركيين وكراهية الأميركيين السود أو غير البيض حول العالم.
وتضيف أن الرئيس السابق بيل كلينتون خاطب في 2016 الأميركيين المسلمين في إطار الحملة ضد الإرهاب قائلا إنه “في حال كنتَ مسلما وتحب أميركا والحرية وتكره الإرهاب، ابق هنا وساعدنا على الفوز وصنع مستقبل معا. نحن نريدك أنت”.
من جانبها، قالت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون إن على الولايات المتحدة أن تزود إسرائيل “بتكنولوجيا الدفاع الأكثر تطورا لردع أي تهديدات ووقفها”.
وتضيف الكاتبة أنه لا يجب أن يحاسب أي أحد تشيلسي كلينتون عن جرائم والديها، لكن تغريدتها “بصفتها أميركية” كانت صماء وفيها استعلاء، ومصدرها محاباة وامتياز البيض.
إسكات النساء من غير البيض
وتضيف الكاتبة أن نانسي بيلوسي التي سارعت إلى قمع آراء إلهان بسبب إشارتها إلى أن أيباك توزع الأموال للتحكم في السياسات الأميركية، كانت قد تلقت بدورها 514 ألف دولار على مدار حياتها المهنية من اللوبي المؤيد لإسرائيل، وذلك وفقا لصحيفة غارديان البريطانية.
وتشير الكاتبة إلى أن بيلوسي لطالما كانت جزءا من نظام يرفض الإنصات لمعاناة النساء من غير البيض ويكتم أصواتهن باستمرار، مضيفة أنه ينبغي للمسؤولين المنتخبين أن يكونوا قادرين على انتقاد الدعم المقدم لدولة الفصل العنصري دون أن يعمد أحدهم لوسمهم بمعاداة السامية.
وتضيف الكاتبة أن النساء اللاتي أعلن أنفسهن من النسويات الليبراليات من البيض، على غرار بيلوسي، يطالبن بعرش مبني على شجاعة ونزاهة العديد من النساء الأخريات، معظمهن من غير البيض. وأن قيادة الحزب الديمقراطي فشلت في معاملة إلهان باحترام وكرامة.
هجمات آثمة
من جهتها، أقرت عمر بتأثير اختيارها للكلمات بعد هذه الهجمات الآثمة. ورغم أن النساء الثلاث يعتقدن أنهن قمن بتلقين المرأة السمراء والمتمردة درسا، فإن النائبة ذات الأصول الصومالية، ولحسن الحظ، لا تزال تقف منتصبة القامة وقوية.
وتقول الكاتبة لقد كان التنمر على إلهان عمر قاسيا وقبيحا وكانت النساء من جميع أنحاء العالم شاهدات عليه. ويجب أن تكون النساء الثلاث متواضعات بما يكفي ليعترفن بأن اتهامهن، غير المتناسب مع القيم المكرسة، كان يهدف إلى إلحاق الضرر بالخطاب السياسي لهذه المرأة السمراء، التي تعمل في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب.
وتضيف أن هؤلاء النساء فشلن في الوقوف إلى جانب “أختهن” والتعلم منها، باعتبار أن نسويتهن الإمبريالية في الدفاع عن المصالح الإسرائيلية قد وقفت في طريقهن.
تجدر الإشارة إلى أن الصهيونية لا تعتبر دينا أو عرقا، بل حركة استعمارية وعنصرية تدعي أن اليهود الأوروبيين يجب أن يُطردوا ويستقروا في فلسطين، وهو ما يبيح محو حياة السكان الأصليين وتاريخهم.
وتقول إنه لم يكن يجدر بإلهان أن تعتذر أبدا عن قول الحقيقة. في المقابل، وبفضل ذكائها وشغفها وشجاعتها ونزاهتها، أثارت ذعر النساء من البيض، حيث فقدن احتكارهن للخطاب غير النقدي للانتهاكات الإسرائيلية.
وتختتم بالقول إنه من الواضح أن هناك صوتا شرسا جديدا في المدينة، ومن أجل تلك الشجاعة “نشيد بك يا إلهان عمر”.
المصدر : ميدل إيست آي,الجزيرة