حذرت صحيفة نيويورك تايمز -الصادرة أمس الاثنين- متلقي الإعانات الحكومية من أصحاب الاحتياجات الخاصة، من أن “العم سام ربما لا يكون صديقا وفيا على وسائل التواصل الاجتماعي”.
ولم تشر الصحيفة المرموقة إلى أنها تقصد بالعم سام: الحكومة الأميركية، حيث إن ذلك معروف على نطاق واسع خاصة بين قراء الصحف، إلا أن الكثيرين ممن تحدثت إليهم الجزيرة نت لم يعرفوا شخصية العم سام الحقيقية ولا خلفيته التاريخية.
أصبحت شخصية العم سام رمزا تسويقيا للعديد من المنتجات خلال المئة سنة الأخيرة، لتظهر على أغلفة منتجات غذائية وصولا إلى الترويج لخدمات شركات التأمين.
عنوان لنيويورك تايمز يحذر من أن العم سام ربما لا يكون صديقا وفيا على وسائل التواصل (الجزيرة نت)
إعلانات الجيش
إلا أن العم سام يرتبط أكثر بإعلانات الجيش الأميركي، من خلال صورته الشهيرة وهو يقول “أريدك في الجيش” (I want you for the US Army) في محاولة لجذب المزيد من المتطوعين من الشباب للانضمام للجيش الأميركي.
كما يستخدم لفظ “العم سام” في الكثير من الأغاني، وفي رسومات الكاريكاتير في مئات الصحف الأميركية، ويظهر تمثاله كذلك في عشرات المتاحف، ويتوسط العديد من المدن والقرى في مختلف أنحاء أميركا.
وقال جي فليكيس -وهو سائق شاحنة أميركي من أصول أفريقية ويقيم في منطقة سيلفر سبرينج المتاخمة لواشنطن- إنه لا يعرف هذا الشخص، عندما عرضت عليه الجزيرة نت صورة العم سام، وأضاف “إنه يبدو لي كأحد ملاك العبيد الذين كانوا يستغلون الأفارقة الفقراء ممن لا حول لهم ولا قوة للعمل القسري في مزارعهم في الماضي”.
بينما ذكر دان ديجز -وهو مدرس موسيقي في إحدى مدارس واشنطن الثانوية- أن صورة “العم سام تذكره دوما بحرب فيتنام، عندما اشتدت جهود الحكومة لجذب الشباب للانضمام للجيش”، إلا أن ديجز أقر بعدم معرفته بأصل أو تاريخ شخصية العم سام.
رمز رسمي
وأصدر الكونغرس خلال عام 1961 قانونا أصبح بمقتضاه العم سام رمزا رسميا للولايات المتحدة، ويعترف بما قام به العم سام من خدمة للمجهود الحربي الأميركي عام 1812.
وعلى مدار السنين ظهرت عدة صور مختلفة ومتناقضة للعم سام، إلا أن الأكثر شهرة كان ما رسمه توماس ناست عام 1917 واستخدم لجذب المتطوعين إلى الجيش الأميركي.
وتنتشر مراكز جذب وتوظيف الشباب للانضمام للقوات المسلحة الأميركية خاصة في الولايات الجنوبية التي تنضم نسب عالية من شبابها للجيش.
ويذكر ماتيوس كابتشو -وهو محام في واشنطن تعود أصوله إلى ولاية كارولينا الجنوبية- أنه “خلال سنوات الدراسة الجامعية كنا دوما نشاهد العم سام في ملتقيات التوظيف المختلفة التي كانوا يستغلون فيها صورته لجذب الطلاب للانضمام للجيش”، إلا أنه أضاف أن صورة الرجل كانت سببا كذلك في ابتعاد الكثيرين عن الجيش، إذ كان أيضا رمزا لسطوة الحكومة المركزية.
وعبر كابتشو عن ثقته في أنه يعرف تاريخ العم سام جيدا، ويراه “تاجرا بارعا ورمزا جيدا لدعم الحكومة من جانب المواطنين”.
حضور دائم للعم سام في كل المحافل (غيتي)
ألوان العلم
ونظرا لقوة تأثير صورة العم سام، إذ تتضمن ملابسه ألوان العلم الأميركي ويشير أصبعه بقوة نحو الهدف بحزم وإصرار؛ طبعت الحكومة الأميركية بين عامي 1917 و1918 أربعة ملايين ملصق لتعبئة الشباب لخوض الحرب العالمية الأولى، وتكرر الأمر نفسه أثناء الحرب العالمية الثانية.
وتعترف السيدة لينيه كوين التي تعمل في إحدى المنظمات غير الربحية المعنية بقطاع الصحة العامة في واشنطن، أنها “لم تكن تعرف أن شخصية العم سام تعود لشخصية حقيقية”، فهي تعتقد أن الحكومة اخترعتها كأداة تستغلها عند الحاجة.
وعلى الرغم من شخصنة “العم سام” ليعبر عن الحكومة الأميركية واتساع استخدامه في مختلف الفعاليات السياسية والثقافية وغيرها، فإن مما لفت انتباه الجزيرة نت وجود مدرسة لتعليم قيادة السيارات في مقاطعة مونتغومري بولاية ميريلاند المجاورة لواشنطن العاصمة تحمل اسمه.
وعند سؤال صاحبها عن شخصية العم سام، لم يكن يعرف المالك أي شيء عن تاريخه أو خلفيته أو حتى إذا ما كان شخصية حقيقية أو محض خيال.
أصل العم سام
ومع أن عددا كبيرا من الأميركيين لا يعرفون شخصية العم سام، رغم انتشاره الكبير ووجود الدائم في حياتهم على مختلف الحقب، فإن الثابت أن شخصية الرجل حقيقية.
فخلال الحرب البريطانية الأميركية عام 1812، وعندما تعرض الجيش الأميركي إلى نقص كبير في الإمدادات الغذائية، انبرى أحد الإقطاعيين -واسمه صموئيل ويلسون، أو اختصارا: سام ويلسون- ممن كان يمتلك محلا لتعليب اللحوم، لنجدة الأميركيين سريعا.
فأرسل سام براميل من لحم البقر إلى الجيش، وختمها من الخارج بختم مكون من حرفين في إشارة إلى الحكومة الأميركية الناشئة، “يو إس” (U S).
إلا أن الكثيرين تصوروا أن “يو أس” تشير إلى الحرفين الأولين للعم (Uncle) سام (Sam) مورّد اللحوم. وأصبح العم سام (Uncle Sam) تعبيرا يستعمل كبديل للحكومة الأميركية حتى وقتنا هذا.
الجزيرة