بريطانيا وسيناريوهات البريكست

بريطانيا وسيناريوهات البريكست

تقف المملكة المتحدة على مفترق طرق بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي وتبدو منقسمة بشأن طريقة وشكل العلاقة التي استمرت لأكثر من 48 عاما، ودخلت دوامة من الانقسام، والصراع الحزبي بهذا الشأن حتى بين أجنحة الحزب الواحد.

وتحوّل الأمر إلى نزاع بين البرلمان والحكومة، وخلّف انقساما حادا في الشارع بين متمسك بنتائج استفتاء 2016 التي انتهت بغلبة طفيفة لدعاة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وبين دعاة البقاء في الاتحاد، وباتت تخيم على المشهد خيارات كثيرة.

ما هو البريكست؟
“البريكست” هو تعريب لكلمتين إنجليزيتين اختصرتا في كلمة واحدة “Britain exit” بمعنى الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، والذي تقرر في استفتاء عام صوّت فيه البريطانيون يوم 23 يونيو/حزيران 2016 بنسبة 51.9% لصالح مغادرة بلدهم للنادي الأوروبي الذي انضموا إليه عام 1983.

الموعد المقرر للخروج هو 29 مارس/آذار الحالي قبل أن تطلب المملكة المتحدة رسميا تمديده، ووافق الاتحاد الأوروبي على التمديد المشروط حتى 12 أبريل/نسيان المقبل لإعطاء فرصة لرئيسة الوزراء تريزا ماي لإقناع برلمان بلدها بخطتها للخروج من الاتحاد.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه إذا نجحت رئيسة الوزراء في اقناع برلمان بلدها بالصفقة التي وقعتها مع الاتحاد، فإنه سيمدد لها مدة إضافية حتى 22 مايو/أيار المقبل من أجل إتمام الاتفاق ووضع آليات مريحة لتطبيقه. وفي حال الفشل فإن خيارات الاتحاد ستكون مفتوحة، وسيطلب من بريطانيا وقتها تحديد قرارها النهائي بشكل حاسم.

وتطفو على الساحة العديد من السيناريوهات المتوقعة أبرزها الأربعة التالية:

الخروج دون اتفاق
وهو سيناريو قائم في حال استمرار إخفاق تيريزا ماي في إقناع مجلس العموم باتفاقها، وفي ظل الضعف الذي تعاني منه رئيسة الوزراء وانقسام حزبها، وفي ظل رفض أحزاب المعارضة لخطتها، فإن كل ذلك يجعل هذا السيناريو قائما، ففرصها في إقناع البرلمان ضعيفة، يضاف إلى ذلك معارضة شديدة من حزب العمال ومن الحزب الأيرلندي الوحدوي لاتفاقها الحالي.

إجراء استفتاء ثان
يجري حراك واسع في الشارع البريطاني الذي شهد مظاهرات مليونية للمطالبة بتنظيم استفتاء ثان يُسأل فيه البريطانيون مرة أخرى ما إذا كانوا يريدون البقاء أم مغادرة الاتحاد الأوروبي، مما يعكس وجود دعم شعبي قوي للتصويت الثاني على أساس أنه لن يتم الوفاء بالوعود المقدمة للبريكست.

لكن تصويت مجلس العموم انتهى مؤخرًا بهزيمة كبيرة لهذا الخيار حيث صوت 334 نائبا ضد هذا الخيار مقابل 85 صوتًا معه، كما أنه في حال تنفيذه سيدخل البلاد في أزمة سياسية.

تمديد البقاء في الاتحاد حتى إجراء انتخابات جديدة
وهو الخيار المرجح في ظل عجز رئيسة الوزراء عن الوصول لاتفاق بعد إجراء تصويتين في البرلمان، وفي ظل المطالب داخل حزبها ذاته بضرورة تنحيها، وفي ظل كذلك إصرار حزب العمال المعارض على أن الحل يكون عبر إجراء انتخابات جديدة.

وفي هذه الحالة فإن الاتحاد سيوافق على تمديد مدة بقاء بريطانيا حتى انتهاء الانتخابات وولادة حكومة جديدة، إلا أن هذا الخيار يعني أن تشارك بريطانيا في الانتخابات الأوروبية المحدد موعدها في 23 مايو/أيار المقبل.

إلغاء المادة 50
يعني إلغاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويمكن أن تقدم عليه الحكومة أو يجبرها البرلمان على ذلك، وقد وقع أكثر من 4.5 ملايين شخص على عريضة برلمانية عبر الإنترنت تدعو إلى إنهاء خروج بريطانيا من الاتحاد عن طريق إلغاء إشعار المملكة المتحدة بالمغادرة بموجب المادة 50 من معاهدة لشبونة.

السيناريو المرجح
معظم المراقبين يرجحون خيار إخفاق تيريزا ماي في إقناع البرلمان بصفقتها وبالتالي استقالتها والدعوة لانتخابات عامة، وبالتالي تمديد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي حتى الانتهاء من تلك الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة، والتمكن من معرفة مقاربة تلك القيادة الجديدة بخصوص البريكست.

الخسائر الاقتصادية
وفقا لبنك إنجلترا (البنك المركزي)، فقد أصبح الاقتصاد البريطاني أصغر حاليا بنسبة 2% مما لو لم يتم اختيار خيار الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتبلغ قيمة الناتج الاقتصادي المفقود منذ الاستفتاء 800 مليون جنيه إسترليني (مليار دولار).

الجزيرة