هل يكون البريكست آخر محطات قطار تيريزا ماي؟

هل يكون البريكست آخر محطات قطار تيريزا ماي؟

يبدو أن قطار رئاسة الوزراء في بريطانيا سيتوقف لإنزال تيريزا ماي في محطة بريكست، فقد بات واضحا أن السؤال المطروح لم يعد هل ستغادر أم لا؟ بل متى ستغادر، قبل محطة بريكست أم بعدها؟

مؤشرات عديدة تشير إلى أن الحياة السياسية لرئيسة وزراء في بريطانيا -التي حصدت أكبر سلسلة من الهزائم في مجلس العموم- انتهت بحسب معظم المراقبين للساحة السياسية البريطانية.

وقالت تيريزا ماي الأربعاء إنها مستعدة للتخلي عن منصبها مقابل دعم حزبها صفقتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، ليأتي الرد الأول من زعيم المعارضة جيرمي كوربن الذي اتهمها وحزبها بإعلاء المصالح الحزبية على المصالح الوطنية.

وكتب كوربن تدوينة على حسابه بموقع تويتر اعتبر فيها تعهد ماي لنواب حزب المحافظين بالاستقالة إذا صوتوا لصالح صفقتها بأنه دليل واضح على أن “مفاوضاتها الفوضوية” بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كانت تدور حول إدارة الحزب، وليس المبادئ أو المصلحة العامة.

أسباب الفشل
وهناك ثلاثة أسباب -بحسب المحلل السياسي في “تايمز” دانيال فنكلستين- عجلت بما سماها “النهاية المبكرة لرئيسة الوزراء” التي كانت تبدو كما لو أنها ستستمر لسنوات عدة.

ويرى الصحفي البريطاني أن هناك قرارين كبيرين خاطئين اتخذتهما ماي -إضافة إلى شخصيتها السياسية- كانا سببا في فشلها، ويفصل المحلل بأن القرار الأول هو اعتبارها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أمرا لا رجعة فيه مقفلة بذلك على نفسها كل الخيارات الأخرى، وهذا يتناقض مع موقفها الحقيقي الداعم لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

كما يرى الكاتب أن الخطأ الثاني يكمن في اختيارها إجراء انتخابات مبكرة أفقدت حزبها الأغلبية في ظل وجود جيرمي كوربن زعيما قويا للمعارضة.

وإضافة إلى الخطأين السابقين -يضيف فنكلستين- أن شخصيتها السياسية “المنفردة والصامتة” التي تفتقد الكاريزما إضافة إلى تحملها الإهانات هما سبب ثالث لإخفاقها، ويطرح أخيرا سؤالا عما إذا كان يمكن اعتبار ذلك تفانيا استثنائيا أم نقصا شديدا في الإبداع؟

بورصة الترشيحات
ويتصدر وزير الخارجية السابق بوريس جونسون (54 عاما) بورصة المرشحين المحتملين الذين يتوقع أن يعلنوا رسميا عزمهم التقدم للمنافسة على منصب رئيس الوزراء.

ويعد جونسون من أبرز مؤيدي مغادرة الاتحاد الأوروبي، يليه وزير البيئة مايكل غوف البالغ من العمر (51 عاما) وهو مؤيد للمغادرة أيضا، أما الثالث في قائمة الترشيحات فهو وزير الخارجية جيرمي هانت (52 عاما) الذي يوصف بأنه كفاءة هادئة وذو مهارة فعالة في تهدئة حزبه المنقسم، لكنه من مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي، لكن ما يميز هانت أنه مقبول نسبيا من جميع أجنحة الحزب، على خلاف جونسون المثير للجدل والانقسام داخل حزبه وخارجه.

ويبدو أن بريطانيا على مقربة من انتخابات مبكرة، خاصة بعد حديث ماي عن استعدادها للاستقالة، وكذلك في ظل حالة التخبط السياسي وفقدان الثقة بها، وفي ظل انقسام حاد داخل حزب المحافظين وفي البرلمان كذلك عقب فشله في التوافق ليل أمس الأربعاء على خيار واحد يحظى بالأغلبية من الخيارات الثمانية التي طرحت فيما عرف بالتصويت الاسترشادي، حيث رفض البرلمان كل الخيارات البديلة لبريكست.

لكن رئيسة الوزراء رهنت مغادرتها بدعم زملائها خطتها في البرلمان، أما في حال فشلها فإن هذا يعني عدم المغادرة والبقاء في منصب رئيسة الوزراء، وهي النتيجة التي أكدها النائب المحافظ جاكوب موغ الذي قال صراحة إن عدم دعم ماي في خطتها معناه إبقاؤها في منصبها.

الانتخابات
وبحسب القانون البريطاني، فإن السبل التي يمكن من خلالها الإطاحة برئيسة الوزراء هي ثلاثة فقط، الأول تصويت على سحب الثقة بالبرلمان ويجري مرة واحدة فقط، وقد جرى بالفعل وأخفق حزب العمال في ذلك.

أما الثاني فيكون من خلال تصويت داخل حزبها لعزلها، وهو الأمر الذي تم أيضا ونجت منه ماي، وأخيرا بتدخل ملكي مباشر، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يحدث لأن الأعراف الدبلوماسية لم تشهده على مدار 300 عام.

لكن في حال قدم عدد كبير من وزراء حكومة ماي استقالاتهم جنبا إلى جنب مع ضغط الرأي العام فوقتها قد تضطر لمغادرة المنصب.

يشار إلى أن الحكومة البريطانية أعلنت أنها ستعرض الجمعة اتفاقها بشأن بريكست للمرة الثالثة أمام البرلمان، وقالت وزيرة العلاقات مع مجلس العموم أندريا ليدسوم للنواب الذين سبق أن رفضوا النص مرتين في يناير/كانون الثاني الماضي وفي منتصف مارس/آذار الجاري إن “مسودة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستطرح الجمعة”.

ويبقى الأمر مرهونا بموافقة رئيس مجلس العموم جون بيركو على الدعوة إلى تصويت ثالث على النص، إذ لا يمكن مبدئيا إعادة طرح نص غير معدل خلال دورة برلمانية واحدة.

الجزيرة