واشنطن – كشفت الولايات المتحدة أن أنشطة إيران الاستخباراتية والتخريبية لا تزال قائمة في قلب أوروبا وتهدد أمن التكتل بشكل مباشر. ووجه في هذا السياق، وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اتهاماته إيران بالاستمرار في “تنفيذ اغتيالات” في أوروبا. ونقلت مصادر صحافية عن بومبيو قوله إن “إيران لا زالت تسعى لتنفيذ أنشطة اغتيالات في أوروبا”.
واعتبر بومبيو أن “أنشطة طهران تجعل أوروبا ودول الناتو أقل أمنا”، لافتا أنّ بلاده “تبذل كل الجهود لكبح جماح إيران في تنفيذ اغتيالات وعمليات إرهابية”.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي “الناتو”، المنعقد بالعاصمة الأميركية واشنطن.
ويبدو أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي مطلع 2019 على المخابرات الإيرانية لثبوت تورطها في عمليات اغتيال لم تضع حدا لتجاوزات طهران المتواصلة وأنشطتها المشبوهة التي تهدد أمن أوروبا.
وقال مراقبون إن غياب التعاطي الحاسم والحازم للتكتل الأوروبي تجاه تحركات طهران في المنطقة، فتح الطريق أمام المخابرات الإيرانية لتنفيذ عمليات اغتيال وأنشطة تخريبية وتجسس على المعارضين بكل سهولة.
واستفادت إيران خلال أربعين عاما من ثورة 1979 من التعاطي الأوروبي المتسامح مع أنشطتها للاستمرار في تعقب المعارضين والتجسس عليهم، ونفذت عناصر تابعة لها محاولات متعددة لاستهداف معارضين للثورة وخاصة من العناصر الكردية المعارضة.
وكانت فرنسا أحبطت في يونيو الماضي هجوما يستهدف تجمعا سنويا للمعارضة الإيرانية في الخارج، جماعة مجاهدي خلق، شارك فيه الآلاف في ضاحية فليبانت على مشارف العاصمة الفرنسية باريس.
ولم تخف باريس شكوكها أنذاك في أن وزارة الاستخبارات الإيرانية تقف وراء مؤامرة لمهاجمة مؤتمر لجماعة معارضة في المنفى خارج باريس وأنها صادرت أصولا تخص أجهزة الاستخبارات الإيرانية وأخرى لاثنين من المواطنين الإيرانيين.
كما كشف موقع “ذا دايلي بيست” الأميركي بالتزامن مع موجة الاعتقالات ضد إيرانيين في أوروبا، أن عناصر الأجهزة الإيرانية تقوم بخطوات بشكل متزايد عبر أوروبا وأفريقيا، وتستغل بعثاتها الدبلوماسية في الخارج كأدوات لتوظيف القوة بشكل غير معهود منذ تسعينات القرن الماضي.
ويرى مراقبون أن تمسّك أوروبا بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب مخاوفهم من أنشطتها الباليستية، بعد توجيه التهم للاستخبارات الإيرانية بتنفيذ اغتيالات في كل من فرنسا والدنمارك وهولندا، ما يقرّب الموقف الأوروبي أكثر فأكثر من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في بداية المطاف.
وسبق أن وجهت الحكومة الهولندية لطهران اتهامات بالضلوع في جريمتي قتل هولنديين من أصل إيراني في هولندا عامي 2015 و2017، فيما أقرّ الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على إيران بعد انكشاف تورّط أجهزة استخباراتها في تنفيذ عمليات اغتيال.
وأوضحت الحكومة الهولندية أن الضحيتين وهما بحسب الشرطة الهولندية علي معتمد (56 عاماً) وأحمد ملا نيسي (52 عاماً) كانا معارضين للنظام الإيراني، وتعلن بعد ذلك أجهزة الاستخبارات الهولندية أن هولندا طردت موظفين اثنين في السفارة الإيرانية من دون كشف أسباب الطرد.
واحتجت طهران على طرد هذين الدبلوماسيين وهددت لاهاي بـ”الردّ” على هذا “التصرف غير الودي ذي التأثيرات المدمرة”.
كما استدعت الدنمارك أواخر أكتوبر الماضي سفيرها لدى إيران بعدما اتهمت طهران بالتخطيط لـ”اعتداء” على أراضيها أحبطته ضد ثلاثة معارضين إيرانيين.
ويسعى النظام الإيراني، الذي انكشفت معظم شبكاته الإجرامية والاستخباراتية في قلب أوروبا، إلى تنظيم صفوفه من جديد عبر اتخاذ دول البلقان، حديقة خلفية ومحطة رئيسية لاستعادة نشاطه في قلب القارّة. وعلى الرغم من إفشال عديد الدول للمخططات الإيرانية إلا أن التساهل الأوروبي يشجّع الإيرانيين على مواصلة أنشطتهم التخريبية.
وكشف اعتقال السلطات البلغارية لعناصر إيرانية ضمن شبكة لتهريب الأسلحة قبل شهرين، عن وجه جديد من الأنشطة السرية الإيرانية في أوروبا، وأوقف إيرانيان وعدد من البلغار خلال هذه العملية التي سمحت أيضا بالعثور على مطبعة للوثائق المزورة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تتحرك فيها إيران على أراضي بلغاريا التي سبق أن نفذت فيها خلية لحزب الله اللبناني في فبراير2013 عملية تفجير ضد حافلة في مدينة بورغاس على ساحل البحر الأسود.
العرب