الحكومة العراقية تحشد سياسيا ولوجستيا لمواجهة احتجاجات الصيف

الحكومة العراقية تحشد سياسيا ولوجستيا لمواجهة احتجاجات الصيف

الاحتجاجات الشعبية بالعراق التي ترتفع وتيرتها في فصل الصيف من كلّ عام بسبب التراجع المسجّل في ذلك الفصل في إسداء الخدمات الحكومية وعلى رأسها التزويد بالماء والكهرباء، يمكن أن تؤدّي إلى خلخلة الحكومة وإسقاطها، ولذلك جاء الاستعداد لها مبكّرا واستثنائيا ومتعدّد الأساليب.

بغداد – اتّخذت الحكومة العراقية سلسلة من الإجراءات الاستباقية لمواجهة احتجاجات شعبية متوقّعة على سوء الخدمات خلال فصل الصيف الذي بات على الأبواب.

ومنذ أعوام يرتبط صيف العراق شديد الحرارة، باحتجاجات واسعة في مناطق الوسط والجنوب على انقطاع الكهرباء ونقص المياه الصالحة للشرب وتردي الخدمات الصحية والبلدية.

ولم تخل التظاهرات في كثير من الأحيان من عنف متبادل من الأجهزة الأمنية والمحتجين سقط بسببه قتلى وجرحى وتضرّرت منشآت عامة، فيما احتل المحتجون صيف سنة 2016 مبنى البرلمان في بغداد بعد أن اقتحموا المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مقر الحكومة وسفارات الدول الكبرى.

وفي البصرة، أحرق المحتجون العام الماضي قنصلية إيران، ومقرات عدد من الأحزاب الموالية لطهران. ويتوقع مراقبون أن تنطلق حركة احتجاج في مناطق مختلفة من العراق مع بدء درجات الحرارة في الارتفاع خلال الصيف.

واستباقا لذلك، أرسل رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، ممثلا فوق العادة للإشراف على استعدادات الأجهزة الخدمية في البصرة، فيما كلف وزيرا سابقا بمتابعة شؤون الخدمات في أطراف بغداد.

ويعتقد عبدالمهدي وفريقه التنفيذي أن هذين الموقعين يمثلان محركا رئيسيا لاحتجاجات واسعة في جنوب ووسط البلاد.

أغلب المدن والمحافظات العراقية تعاني انقطاعا مبرمجا في الكهرباء على الرغم من إنفاق البلاد 40 مليار دولار على هذا الملف منذ 12 عاما ماضيا

وطلب عبدالمهدي من زعيم تحالف الفتح هادي العامري قيادة فريق تنفيذي بصلاحيات واسعة لتحسين أداء المؤسسات الخدمية في البصرة قبيل الصيف بينما منح وزير الشباب السابق عبدالحسين عبطان صلاحيات خاصة لإدارة الشؤون الخدمية في أطراف العاصمة العراقية.

ويحاول عبدالمهدي أن يخفف ضغوط الاحتجاج المتوقع أن توجه نحو الحكومة المركزية بإشراك أطراف سياسية من خارج الحكومة في إدارة الملف التنفيذي، إذ أن العامري وعبطان نائبان في البرلمان يقود الأول تحالفا كبيرا هو الفتح، وينتمي الثاني إلى تيار سياسي مهم يتزعمه عمار الحكيم، فضلا عن ذلك يمثل كل من العامري وعبطان ركنا في تحالفين يتقاسمان الهيمنة على اتجاهات البرلمان العراقي.

ويقول ساسة عراقيون إن عبدالمهدي يحشد الأحزاب السياسية ومجلس النواب إلى جانب الحكومة لمواجهة الاحتجاجات المتوقعة. ويعتقد مراقبون أن الاحتجاجات الصيفية يمكنها إسقاط الحكومة، وهي توقعات لا تستبعدها أطراف سياسية لذلك تبدو الإجراءات الاستباقية استثنائية جدا.

وتصدّر ملف الكهرباء مباحثات المسؤولين العراقيين مع أعضاء وفد سعودي كبير زار العراق الأسبوع الماضي. وأعلنت بغداد توقيع اتفاق مبدئي مع الرياض، ينص على إجراء مباحثات عاجلة بشأن الربط الكهربائي البيني.

وتحاول بغداد توفير طاقة كهربائية إضافية تعزز بها منظومتها الوطنية من دول الجوار لمواجهة ازدياد الطلب المحلي على الطاقة في الصيف. وقالت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، إن إنتاج البلاد من الكهرباء سيرتفع إلى مستوى قياسي عند 18 ألف ميغاواط مقابل 15 ألفا حاليا بحلول الصيف المقبل بعد طرح حلول سعودية لزيادة الإنتاج.

ووقّعت وزارة الكهرباء العراقية، الخميس الماضي، محضر اجتماع للتعاون في مجال الطاقة مع الجانب السعودي، خلال زيارة وفد قادم من الرياض إلى بغداد.

وتعاني أغلب المدن والمحافظات العراقية انقطاعا مبرمجا في الكهرباء على الرغم من إنفاق البلاد 40 مليار دولار على هذا الملف منذ 12 عاما ماضيا، بحسب تقارير حكومية. وأبلغت مصادر دبلوماسية في بغداد “العرب” بأن “ضمان الحصول على كهرباء إضافية من إيران كان سببا رئيسيا في تحديد موعد زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى طهران”.

ووصل عبدالمهدي السبت الى إيران والتقى الرئيس حسن روحاني والمرشد الأعلى علي خامنئي كما أشرف على اجتماعات لجان فنية مشتركة. وأشار كل من عبدالمهدي وروحاني إلى “الربط الكهربائي” لدى التعليق على الملفات التي بحثها رئيس الحكومة العراقية مع المسؤولين الإيرانيين.

وقال عبدالمهدي “جئنا إلى إيران لنتابع حُسنَ تنفيذ ما اتفقنا عليه في بغداد وأن نضيف عليه المزيد من الاتفاقات بما يحقق المزيد من التعاون والتقارب في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وننفذ ما اتفقنا عليه حول شط العرب، إضافة إلى مدّ سكة الحديد بين البصرة والشلامجة، والربط الكهربائي، وتسهيل تأشيرات الدخول للمواطنين والمستثمرين”، داعيا إلى “وضع سقوف لتنفيذ كل ما اتفقنا ونتفق عليه في جميع المجالات”. ويشتري العراق الكهرباء من إيران منذ أعوام كما يشتري منها زيت الغاز اللازم لتشغيل بعض محطاته الكهربائية.

وعادت الولايات المتحدة مجددا إلى تمديد الاستثناء الذي يتمتع به العراق من تنفيذ العقوبات الأميركية على إيران. ويقول مراقبون إن بغداد وواشنطن متناغمتان بشأن تقدير الموقف خلال الصيف في العراق، وهو ما يفسر التسهيلات الأميركية التي تحظى بها بغداد.

العرب