في 8 نيسان/أبريل، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إدراج «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية الخاصة بوزارة الخارجية الأمريكية. ويمثّل هذا التصنيف الذي يبدأ سريانه في 15 نيسان/أبريل أحدث تصعيد لحملة “الضغط الأقصى” التي تشنّها الإدارة الأمريكية والتي تستهدف أنشطة إيران الخبيثة. إلا أنها أيضاً خطوة تحمل الكثير من الرسائل إنما القليل من الإيجابيات العملية. فقد سبق وأن تمّ تصنيف «الحرس الثوري» من قِبل سلطات مكافحة انتشار الأسلحة النووية التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية (الأمر التنفيذي رقم 13382) عام 2007، ومن ثم مجدداً إثر انتهاكات لحقوق الإنسان – إلى جانب “قوات التعبئة الشعبية” (“الباسيج”) و”قوات إنفاذ القانون” – بموجب الأمر التنفيذي رقم 13553 عام 2011. وكما يشير بيان الحقائق الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية بشأن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، صنّفت سلطات مكافحة الإرهاب (بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224) «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» على أنه “كيان إرهابي عالمي ذو تصنيف خاص” في عام 2007، كما صنّفت السلطات المذكورة «الحرس الثوري» الإيراني نفسه بموجب الأمر التنفيذي 13224 منظمةً إرهابيةً عام 2017.
وبعبارة أخرى، سبق أن صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية «الحرس الثوري» الإيراني منظمةً إرهابية بشكل رسمي، وتكررت الخطوة في 8 نيسان/أبريل، إنما ضمن قائمة وزارة الخارجية الخاصة بموجب سلطة أخرى، ألا وهي الفقرة 219 من “قانون الهجرة والجنسية”.
إن السلطات الجديدة الوحيدة التي يضيفها تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية الخاص بوزارة الخارجية الأمريكية خارج تلك الموجودة أساساً في الوثائق الرسمية هي:
(1) أن إدراج المنظمات الإرهابية الأجنبية يفرض قيوداً على الهجرة على أفراد المنظمة لمجرد انتمائهم إليها، بحيث يمكن الآن منع أي شخص انتمى ذات مرة إلى «الحرس الثوري» من دخول الولايات المتحدة، و
(2) أن إدراج المنظمات الإرهابية الأجنبية يؤدي إلى فرض حظر جنائي على توفير الدعم المادي أو الموارد بمعرفة مسبقة إلى المنظمة المصنفة.
ويقول مؤيدو تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية إن هذه الخطوة ستحض الدول والشركات التي تدرس فكرة القيام بأعمال تجارية مع إيران على إعادة النظر في الأمر، لأن «الحرس الثوري» الإيراني متجذّر بشكل عميق في الاقتصاد الإيراني. ولكن لا يزال من غير الواضح كيف سيعزز تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية فعلياً خطر العقوبات الحالية المتمثل في ممارسة الأعمال التجارية مع إيران. فلم يتم إدراج «الحرس الثوري» أساساً من قِبل سلطات الخزانة الأمريكية فحسب، بل سبق و أن حظّر الاتحاد الأوروبي أيضاً التعاملات الاقتصادية مع «الحرس الثوري» ككل في عام 2010، ولم يتغير ذلك عند إبرام الاتفاق النووي عام 2015 الذي يُعرف رسمياً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة».
وفي حين كان من شأن تداعيات العقوبات على ممارسة الأعمال التجارية مع «الحرس الثوري» الإيراني أن تكون قد بدأت تتكشف مع التصنيفات السابقة، فإن تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية يعرّض رجال الأعمال لتهم جنائية بسبب توفير الدعم المادي إلى الإرهابيين بموجب القانون الأمريكي (قانون مكافحة الارهاب والتنفيذ الفعلي لعقوبة الاعدام، الباب 18 من مدونة قوانين الولايات المتحدة 2339 ب) إذا أقدموا “عمداً” على مزاولة الأعمال التجارية مع «الحرس الثوري». وبما أن دور «الحرس الثوري» في الاقتصاد الإيراني معروف بغموضه، فقد يكون من الصعب إثبات “توفير الدعم المادي بشكل متعمّد”.
والأمر الأكثر أهمية هو أن مثل هؤلاء الأشخاص سبق وأن تعرضوا لمسؤولية جنائية حتى قبل إدراج المنظمات الإرهابية الأجنبية. فأي شخص يُقدم عمداً على “العمل بالنيابة” عن كيان مصنّف من قبل سلطات الخزانة الأمريكية – كما هو حال «الحرس الثوري» – سيتعرّض لمسؤولية جنائية بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية (الباب 50 من مدونة قوانين الولايات المتحدة المادة 1701 وما يليها). كما يعزز تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية الآن التعرّض لتهمة توفير الدعم المادي إلى جماعة إرهابية، لكن التأثيرات هي نفسها. ولا يمكن تطبيق التعرض للمسؤولية الجنائية بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية إلا إذا كانت هناك صلة إقليمية كافية بالولايات المتحدة. وتشمل المسؤولية الجنائية عن الدعم المادي بموجب تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية إجراءً خاصاً بالأنشطة التي تتجاوز حدود البلاد.
وفي غضون ذلك، لا بدّ من قياس قيمة إدراج المنظمات الإرهابية الأجنبية باعتباره شكل من أشكال الضغط الأقصى وموازنتها مع المخاطر المتزايدة على عدة جبهات.
أولاً، الخطر الذي يهدد القوات العسكرية والدبلوماسية الأمريكية. صحيح أن إيران تقوم بالفعل بمراقبة شديدة للأهداف المحتملة وقد خططت لعمليات اغتيال عدد من المعارضين الإيرانيين في أوروبا، والكثير من الخطوات الأخرى. لكن تصنيف «الحرس الثوري» بكافة أجنحته فيما يتجاوز نطاق «فيلق القدس» فقط) كمنظمة إرهابية أجنبية يعزّز احتمالات قيام الجماعة بتنفيذ هجمات إرهابية أو عسكرية.
ثانياً، هذه هي المرة الأولى التي يتمّ فيها إدراج وكالة تابعة لحكومة أجنبية كمنظمة إرهابية أجنبية. وقد يدفع ذلك حكومات أخرى إلى أن تحذو حذو الولايات المتحدة وتطبق تصنيفاتها المتبادلة على الوكالات الأمريكية أو غيرها من الوكالات الحكومية المتحالفة معها.
ثالثاً، من المؤكد أن الإدراج سيضع الحلفاء المقربين للولايات المتحدة في موقف صعب، وقد يعقّد أي خطوة جماعية تستهدف إيران من شأنها أن تكون أكثر فعاليةً من إدراج «الحرس الثوري» منظمةً إرهابية، على غرار خطوة أمريكية -أوروبية مشتركة تستهدف أنشطة إيران الإرهابية وتلك المرتبطة بالصواريخ الباليستية. وقد يثبت إدراج المنظمات الإرهابية الأجنبية أيضاً أنه عامل يزعزع استقرار العراق، الذي يشتري الطاقة من إيران بحكم الضرورة، مما يقوّض بالتالي هدفاً رئيسياً للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة.
أخيراً، يهدّد إدراج «الحرس الثوري» كمنظمة إرهابية أجنبية إلى زيادة تقويض سلطات العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب. وطالما تُعتبر العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب على أنها خطواتٍ مسيّسة وليست إجراءات تكنوقراطية، فمن الممكن إضعاف هذه السلطات في نظر البلدان في جميع أنحاء العالم – وكذلك في المجتمعات المالية والتجارية ضمن القطاع الخاص.
وعند الإعلان عن إدراج المنظمات الإرهابية الأجنبية، قال الرئيس ترامب: “من شأن هذه الخطوة أن توسّع بشكل كبير نطاق ومقياس حملة الضغط الأقصى التي ننتهجها ضد النظام الإيراني. فهي توضح تماماً مخاطر مزاولة الأعمال مع «الحرس الثوري» الإيراني أو توفير الدعم له. فإذا كنتَ تزاول الأعمال مع «الحرس الثوري»، فأنت تموّل الإرهاب”. وفي الواقع، كانت هذه المخاطر واضحة أساساً. فحين صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية «الحرس الثوري» بموجب سلطات مكافحة الإرهاب عام 2017، صرّح وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين قائلاً: “نحث القطاع الخاص على الإقرار بأن «الحرس الثوري» متغلغل في الكثير من جوانب الاقتصاد الإيراني، ومَنْ يتعامل مع الشركات الخاضعة لسيطرة «الحرس الثوري» يخاطر بالكثير”. لذا فإنّ الرسالة ليست بجديدة ولا يمارس التصنيف الجديد ضغطاً إضافياً يُذكر.