يرى مراقبون أن فرص توصل حماس واسرائيل إلى تهدئة طويلة المدى، خلال الأيام المقبلة، ما زالت محدودة، في ظل رفض اسرائيل التوقيع على اتفاق تهدئة مكتوب دون معالجة قضية جنودها المحتجزين بالقطاع، وفي ظل رفض مصر التوسط لتوقيع اتفاق طويل المدى.
وتحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن اقتراب توقيع اتفاق تهدئة طويلة المدى بين حماس واسرائيل بعد نجاح بنيامين نتنياهو في الفوز بالانتخابات، ورغبته بإنهاء ملف غزة ضمن خطة الانفصال التي يتبناها ويتشاركها مع الرئيس ترامب ضمن ما يعرف “بصفقة القرن”.
ويرى المحلل السياسي، مخيمر أبو سعدة، في حديث مع “القدس العربي” أنه ما زال المبكر الحديث عن اقتراب تحقيق اتفاق تهدئة طويلة المدى مكتوب بين حماس واسرائيل.
مضيفا: “الوسيط المصري ما زال يرفض الدخول في محاولة تحقيق اتفاقية تهدئة مكتوبة طويلة المدى، وكل ما يقال الآن عن اتفاقات هي تفاهمات شفهية لاعتبارات مصرية بأن لا تتهم بأنها تقوم بفصل قطاع غزة، إضافة إلى أن الرؤية المصرية تقوم على أن توقيع أي تفاهمات طويلة المدى يجب أن تتم من خلال منظمة التحرير الفلسطينية”.
وتابع: “إسرائيل ما زالت لا تريد التوصل إلى اتفاق تهدئة دون أن يكون هناك حل لمشكلة الجنود والجثث المحتجزين لدى حماس”.
وتقول السلطة الفلسطينية إن حماس تسعى لتوقيع اتفاق تهدئة طويل المدى ضمن مساعي فصل القطاع والانخراط بصفقة القرن.
لكن المحلل أبو سعدة قال إنه “يمكن أن يحدث ذلك إذا ما قبلت اسرائيل بتوقيع اتفاق مكتوب مع حماس بوساطة مصرية ودولية، واذا قبلت مصر بالقيام في هذا الدور”.
وأشار أبو سعدة الى ان تهديد الفصائل بالعودة إلى الوسائل الخشنة على الحدود، هي محاولة لدفع إسرائيل للوفاء بالتزاماتها الشفهية التي تم التوصل إليها عقب موجة التصعيد الأخيرة، وما زالت اسرائيل تماطل بتقديمها.
وكانت الفصائل الفلسطينية هددت بالعودة إلى استخدام الوسائل الخشنة على الحدود بعد توقفها عقب تفاهمات حصلت بين الطرفين بواسطة مصرية عقب موجة التصعيد في 25 آذار الماضي.
وبحسب المحلل السياسي، طلال عوكل، الي تحدث لـ”القدس العربي” فإن الظروف لم تنضج بعد لتوقيع اتفاقية تهدئة، مضيفا: “ما زلنا في طور الانتظار لتوقيع اتفاق تهدئة ويبدو أن إسرائيل تتلكأ في الالتزام بالتفاهمات، لذلك الفصائل تهدد بالعودة إلى الوسائل الخشنة مجددا”.
وأضاف أن “اسرائيل تعطي مؤشرات ايجابية كعملية تبريد مؤقت من خلال تقديم بعض التنازلات والتسهيلات كما حصل باتفاق انهاء إضراب الأسرى يوم الاثنين، الذي كانت تقوده حماس داخل سجون الاحتلال”.
ويعتقد أن هذه التنازلات تسمح للوسطاء بممارسة الضغوط على الفصائل لانتظار فترة أطول وتجنب التصعيد حتى تحدد اسرائيل موعد وشكل التهدئة المقبلة.
وتابع: “اسرائيل معنية في تحقيق تهدئة طويلة المدى مع حماس باعتبار أن ذلك يخدم مصالحها الاستراتيجية بضم الضفة الغربية ويخدم توجهات صفقة القرن”.
بينما المحلل السياسي، أكرم عطا الله، يرى “أننا بتنا على وشك توقيع الاتفاق، خاصة أن اسرائيل تريد حل قضية قطاع غزة بتوقيع اتفاق تهدئة طويل المدى يمهد لفصل القطاع”.
ودلل على ذلك بحجم الزيارات للمسؤولين عن ملف التهدئة إلى القطاع خلال الأيام الماضية.
ويعتقد أن المشروع الاسرائيلي بات في تسارع كبير خاصة بعد مجيء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القائم على إخراج قطاع غزة وضم مناطق واسعة بالضفة الغربية، وبعد الانقسام ونشوء نظامين سياسيين مختلفين واحد بالضفة وآخر في غزة يدفع باتجاه الانفصال وتوقيع التهدئة.
وفي السياق، قالت صحيفة هآرتس العبرية، إن إسرائيل وحماس في طريقهما لتنفيذ تفاهمات الهدوء لتكون على المدى الطويل، خاصةً بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل الحكومة الجديدة المتوقع أن يترأسها بنيامين نتنياهو.
وأشارت الصحيفة، إلى تصريحات يحيى السنوار قائد حركة حماس بغزة، والذي تحدث فيها قبل الانتخابات عن تفاصيل التفاهمات مع إسرائيل، برعاية المخابرات المصرية. مبينة أن تلك التصريحات تشير لاستعداد حماس وإسرائيل لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار على مدى طويل، يضمن تحسين الوضع الاقتصادي بغزة.
ووفقا للصحيفة، فإن المشاريع التي ستنفذ في غزة وتحدث عنها السنوار، ستلزم حماس بالامتناع عن أي أعمال “عنف”.
وتقول الصحيفة إن حماس تدرك أن الظروف السياسية قد تغيرت، ما بين قبل الانتخابات، وما بعدها. منوهة إلى أن نتنياهو اجتاز هذه المرحلة بأمان دون الاضطرار لخوض مواجهة عسكرية، وبعد فوزه قلّت الضغوط عليه، وتبين أن الجمهور الإسرائيلي يدعم سياسته تجاه غزة، ولذلك أصبح لديه مساحة أكبر للمناورة.
وأضافت: “هذا الوضع، إلى جانب الضائقة الاقتصادية الشديدة في قطاع غزة، يدفع حماس إلى اتفاق، ومع ذلك، كالمعتاد، يمكن أن تسوء الأمور بسبب حدث أمني، أو خلاف حول محتوى ومضمون الاتفاقيات”.
ورأت الصحيفة أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في أفيغدور ليبرمان الذي يساوم نتنياهو للدخول في الائتلاف الحكومي، على عدد من القضايا، منها قطاع غزة وحماس، مردفة أن الوضع الحالي في تل أبيب قد يمهد الطريق أمام ليبرمان للعودة لوزارة الجيش.
رويترز