الجزائر – يبدي الشارع الجزائري إصرارا كبيرا على تحقيق مطالبه برحيل جميع رموز النظام السابق بعد استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، رغم محاولات النظام الانتقالي والمؤسسة العسكرية لاحتواء هذه الاحتجاجات بإطلاق حملة اعتقالات واسعة لرجال أعمال ورموز سياسية على علاقة وطيدة بالنظام السابق بتهم تتعلق بملفات فساد.
وللجمعة الـ11 على التوالي، يتظاهر الجزائريون مجددا، تعبيرا عن تصميمهم على مواصلة حركة الاحتجاج التي بدأت في 22 فبراير الماضي ويتخوفون من تراجعها مع بداية شهر رمضان.
وبعد شهر واحد من استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل الماضي تحت ضغط الشارع وتخلي الجيش عنه بعد 20 عاما من حكم الجزائر، لم تضعف الحركة الاحتجاجية، لكنها لم تحقق أي مطالب أخرى غير هذه الاستقالة منذ ذلك التاريخ.
وما زال المحتجون يطالبون برحيل “النظام” الحاكم بكل رموزه ويرفضون أن يتولى رجال رئيس الدولة السابق، إدارة المرحلة الانتقالية أو تنظيم انتخابات الرئاسة لاختيار خليفته.
وتشمل هذه الرموز رئيس الدولة الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، وهما مسؤولان خدما نظام بوتفليقة وعلى علاقة وطيدة به.
مقابل ذلك، أبدت المؤسسة العسكرية دعما كبيرا للسلطات الانتقالية الحالية ودعت إلى المضي قدما في الإطار الدستوري وتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو.
وفشلت استراتيجية قيادة المؤسسة العسكرية، بتوظيف ورقة محاربة الفساد عبر القضاء، في إقناع الحراك الشعبي بتسليم مأموريته للمؤسسة لاستكمال تفاصيل التغيير في النظام السياسي القائم، وما زالت الشكوك تلف الحملة الواسعة ضد عدد من رموز السلطة بتهم الفساد وتبديد المال العام.
وبات الظهور الإعلامي المتواصل لرئيس أركان الجيش الجنرال قايد صالح واضحا لعيان في الفترة الأخيرة في محاولة لتغليب مسار الانتقال السياسي من بوابة الدستور وليس من بوابة الشارع الجزائري المنتفض.
وخلال الأسبوع أطلق تصريحين، فقد استبعد الثلاثاء الماضي أي حل للأزمة “خارج الدستور”، ودعا الأحزاب والشخصيات إلى تغليب الحوار مع مؤسسات الدولة القائمة وحذر من الوقوع في العنف.
واعتبر الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان المحامي مصطفى بوشاشي، أن الاحتجاجات وصلت إلى “مرحلة حاسمة”، داعيا الشعب إلى مواصلة مسيراته السلمية للوصول إلى “التغيير الحقيقي”.
وفيما يخص ملفات الفساد، شهدت الفترة الأخيرة مثول شخصيات مهمة أمام القضاء بشبهة الفساد، في سلسلة تحقيقات ضد رجال أعمال نافذين ومسؤولين كبار في الدولة، انطلقت مباشرة بعد رحيل بوتفليقة.
ويرى مصطفى بوشاشي أن فتح ملفات الفساد في هذا الوقت بالذات هو “محاولة لصرف اهتمام الرأي العام”. وقال إنه “لا يمكن مكافحة الفساد إلا بعد رحيل النظام برمته”.
ويتخوف المحتجون من أن يتراجع حجم التعبئة مع بدء شهر رمضان الاثنين أو الثلاثاء.
لكن الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدأوا من الآن ينشرون شعار “لن نتوقف في رمضان” ودعوا إلى التفكير في أشكال جديدة للاحتجاج كالتجمعات الليلية وفتح ورش عمل حول الإقترحات للخروج من الأزمة.
وسيكون الاختبار الأول لمدى استمرار التعبئة لدى الجزائريين الثلاثاء بمناسبة المسيرات الأسبوعية التي اعتاد طلاب الجامعات على تنظيمها في كل أنحاء البلاد.
العرب