هل بدأت سماء الشرق الأوسط تتلبّد بغيوم الحرب؟ لقد وضع وقف متوتر لإطلاق النار بين إسرائيل وقوات «حماس» في قطاع غزة حداً لـ 48 ساعة من القتال الشرس بين الجانبين. والآن تتجه مجموعة حاملة طائرات ضاربة أمريكية إلى الخليج العربي مع بعض القاذفات التابعة لسلاح الجو الأمريكي من أجل التصدّي لأنشطة جديدة غير محددة قد تنفّذها القوات الحليفة لإيران.
لقد تمّ رصد التحرك الإيراني يوم الجمعة المنصرم. وبحلول مساء الأحد، كانت حاملات الطائرات التي يُعتقد أنها “يو أس أس أبراهام لينكولن” ومجموعة السفن المرافقة لها في طريقها إلى الخليج. وقد عبرت الآن قناة السويس، في طريقها إلى البحر الأحمر، قبل وصولها إلى ساحل اليمن وسلطنة عُمان في طريقها إلى مضيق هرمز.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين بارزين لم تذكر أسماءهم قولهم إنه ثمة “مخاوف جديدة في الممرات المائية حيث تنشط القوات البحرية الإيرانية”. وبدا وكأنهم يقصدون مضيق هرمز، وهو الممر الضيّق نسبياً بين الخليج العربي والمحيط الهندي الذي يتم من خلاله نقل النفط من المنطقة إلى أسواق الصين والهند وغيرهما من الاقتصادات الآسيوية. ومن شأن أي تدخل يتعلق بتدفق ذلك النفط أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار حتى في الولايات المتحدة. (وقد يعني ذلك أيضاً باب المندب، المضيق بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، الذي يتاخم اليمن، حيث تسيطر القوات الحوثية المدعومة من إيران على العاصمة صنعاء).
وفي بيان لمستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، حذر من أن الهدف من هذا النشر هو بعث “رسالة واضحة وصريحة بأن أي اعتداء على مصالح الولايات المتحدة أو مصالح حلفائها” سيُقابل “بقوة حازمة”.
وقد يتمّ الكشف في الأيام المقبلة عن بعض التفاصيل للإجابة على السؤال التالي: “ما الذي يجري بحق السماء؟” قد تمضي بضعة أيام قبل أن تصل حاملة الطائرات “لينكولن” إلى الخليج أساساً. وإذا كان سيتم نشر القاذفات من قواعد في الولايات المتحدة، فإن وصولها وتشغيلها سيستغرق عدة أيام.
لديّ بعض المعلومات حول الاستخدام المحتمل للتعزيزات القادمة. في عام 2012، أمضيتُ 24 ساعة على متن حاملة الطائرات “لينكولن” خلال عملية نشر سابقة في الخليج. وكنتُ قد غادرتُ بالطائرة من البحرين إلى السفينة التي كانت تبحر ذهاباً وإياباً ضمن مساحة قدرها 30 ميلاً قبالة الساحل الإيراني. وكانت العمليات الجوية التي قامت بها طائرات من طراز “أف-18” متواصلة ليلاً ونهاراً في استعراض للقوة كان يهدف بوضوح إلى إثارة إعجاب آية الله علي خامنئي في طهران. وبالتأكيد أثار ذلك إعجابي أيضاً.
بالإضافة إلى ذلك، زرتُ العام الماضي “قاعدة العُديد الجوية” في قطر حيث تم إطلاق عدد من قاذفات “ب-52” ضدّ أهداف لتنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا. وتمّ تحديث الطائرات منذ عرض فيلم “دكتور سترينغلوف”. وبدلاً من القنابل النووية، كان من بين تلك الموجودة في غرفة القنابل التي سُمح لي بالوقوف فيها، أسلحة منخفضة الانفجار مصممة لاستهداف غرفة واحدة في منزل ما.
ولا يبدو أن هناك صلة بين الأحداث في غزة والمخاوف المفاجئة بشأن الخليج وإيران. فقد اندلعت أحداث غزة بعد أن استهدف مسلحون من حركة «الجهاد الإسلامي» جنوداً إسرائيليين وقوبل ردّ إسرائيل بقيام «حماس» بإطلاق أكثر من 600 صاروخ ضد أهداف مدنية إسرائيلية. ويتردد أن إيران تقدّم بعض الدعم لحركة «الجهاد الإسلامي» ولـ «حماس» أيضاً، لكنها علاقة غريبة، خصوصاً أن إيران دولة شيعية والجماعات الفلسطينية من الطائفة السنّية.
عندما تواجه طهران قوة هائلة، عادة ما تتراجع عن المواجهة، ولكنها قد ترغب مع ذلك في تسجيل موقف. ومن المهم من الناحية الرمزية قيام ناقلة أمريكية بعملياتها من داخل الخليج العربي، على الرغم من أن القادة يفضلون تجنّب الحيّز المحصور للخليج، الذي أصبح أكثر ضيقاً لأن المياه في جهته الجنوبية غير عميقة نسبياً. ومن جهتها، دائماً ما تقوم القوات الإيرانية – وأشدد على كلمة دائماً – وفي هذه الحالة «الحرس الثوري الإسلامي» الخاضع مؤخراً للعقوبات، بمضايقة السفن التابعة للبحرية الأمريكية التي تعبر المضيق.
وتواجه القاذفات الأمريكية المتوجهة إلى الخليج مشكلةً أخرى. فسواء انطلقت من قطر أو من أي قاعدة جوية مماثلة في دولة الإمارات المجاورة، فهي تحتاج إلى الحصول على إذن من البلد المضيف بشأن الأهداف التي تعتزم ضربها. (وهذه ميزة تتمتع بها حاملة طائرات – حيث تشغل مساحة قدرها ستة فدانات ونصف من أراضي ذات سيادة أمريكية).
وإذا ما أضفنا عناصر القلق بشأن التزام إيران بالقيود النووية ومخاوف الفلسطينيين من تعرضهم للخداع في إطار خطة الرئيس ترامب القادمة للسلام في الشرق الأوسط، فقد يكون شهر أيار/مايو شهراً خطيراً.
معهد واشنطن