لبنان في حزن مع وفاة عميد الكنيسة المارونية البطريرك نصرالله صفير

لبنان في حزن مع وفاة عميد الكنيسة المارونية البطريرك نصرالله صفير

بيروت – توفي البطريرك الماروني السابق نصرالله بطرس صفير عن عمر 99 عاماً، وفق ما أعلن الصرح البطريركي فجر الأحد، بعدما شكّل خلال توليه منصبه علامة فارقة في تاريخ لبنان ورأس حربة في مواجهة الوجود السوري في لبنان في التسعينات.

ونعى البطريرك الحالي بشارة الراعي في بيان نقلته الوكالة الوطنية وفاة صفير، واصفاً اياه بـ”أيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن”.

وجاء في البيان “الكنيسة المارونية في يتم ولبنان في حزن”.

وكان صفير يرقد منذ أيام في العناية الطبية الفائقة في أحد مستشفيات بيروت بعد تدهور حالته الصحية.

وأوعز الراعي بـ”قرع الأجراس حزناً” في جميع الكنائس وتخصيص صلوات الأحد لراحة نفس صفير.

ونعى الرئيس اللبناني ميشال عون صفير في بيان، وقال “ستفتقده الساحة الوطنية رجلاً صلباً في دفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه”.

وقال رئيس الحكومة سعد الحريري في بيان إن صفير “يترك صفحة مشرقة في تاريخ لبنان”. واعتبر أنه “جسّد بشخصه وبعمله إرثا للقيم الروحية والوطنية، في مرحلة صعبة من تاريخ لبنان ارتفع معها بالصلابة والقدوة والثبات والشجاعة الى مرتبة الرمز الوطني، الذي أسهم بكل تأكيد بتحويل مجرى الأحداث، ونقل لبنان من حالة الى حال”.

ووصف المحلل السياسي اللبناني خيرالله خيرالله صفير بانه إنه رجل الاستقلال غير الناجز الذي عرف “حزب الله” كيف يقضي عليه بعدما ملأ الفراغ الناجم عن الانسحاب العسكري والأمني السوري من لبنان. لعب الاستقلال غير الناجز وخيبات ما بعد الانسحاب السوري، إضافة إلى عوامل أخرى، دورا في استبدال البطريرك صفير في العام 2011 في مرحلة بدا فيها الرجل محبطا جراء ما حل بلبنان.

وانتخب صفير في أبريل 1986 البطريرك السادس والسبعين للموارنة، الطائفة المسيحية الأكبر في لبنان، ثم قدّم استقالته في العام 2011 ليخلفه الكاردينال الحالي بشارة بطرس الراعي.

ولعب صفير دوراً بارزاً في تاريخ لبنان الحديث، لا سيما من خلال معارضته الشديدة للوجود والهيمنة السورية على لبنان ولاحتفاظ حزب الله بسلاحه.

ومنح صفير الغطاء المسيحي لابرام اتفاق الطائف في السعودية عام 1989، الذي وضع حداً للحرب الأهلية (1975-1990) في لبنان، وكان آخر فصولها نزاع دام بين المسيحيين دانه البطريرك بشدة وأكد مراراً أنه أضعفهم في لبنان.

ورفض طيلة فترة توليه منصبه زيارة سوريا على رغم وجود أبرشية مارونية تابعة لسلطته الكنسيّة فيها، حتى أنه لم يرافق البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته لها عام 2001.

وبعد خروج الجيش السوري في العام 2005، إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، لم يتردد صفير في انتقاد حزب الله بشدة لرفضه التخلي عن سلاحه، معتبرا أنه يشكل “حال شاذة” في لبنان، ومؤكداً أن السلاح يجب أن يكون حصراً بيد الدولة.

ولد صفير في ريفون في منطقة كسروان (وسط) في 15 مايو 1920، ودرس اللاهوت في المدرسة الإكليريكية البطريركية المارونية، ثم تابع دروسه اللاهوتية والفلسفية في جامعة القديس يوسف في بيروت.

سيم كاهناً في مايو 1950، ومنحه البابا يوحنا بولس الثاني رتبة الكاردينالية في 1994 تقديراً لخدمته الرعوية ودوره الوطني.

ويُعرف عن صفير تواضعه وتقشّفه في نمط حياته وشغفه برياضة المشي في الطبيعة، وكان ضليعاً باللغتين العربية والفرنسية كما كان يتكلّم الإنكليزية.

العرب