وصل إلى الخرطوم وفد مقدمة من الحركة الشعبية قطاع الشمال فصيل مالك عقار في زيارة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، في وقت يرسم فيه مستقبل السودان السياسي في مرحلة ما بعد نظام عمر البشير، خاصة وأن الحركة استبقت عودتها للسودان بزيارة لدولة الإمارات.
والحركة أحد فصيلين بالحركة الشعبية قطاع الشمال، وكانت تحمل السلاح ضد النظام السابق في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهي أحد مكونات الجبهة الثورية المنضوية في تحالف نداء السودان أحد مكونات إعلان قوى الحرية التغيير الذي يقود الحراك الشعبي. والفصيل الآخر بقيادة عبد العزيز الحلو.
ويقود وفد الحركة المتحدث الرسمي باسمها مبارك أردول، وأعلنت الحركة أن وفدا رفيعا منها برئاسة ياسر عرمان نائب رئيسها سيصل البلاد الأسبوع المقبل.
وأعلن أردول -الذي قاد وفد مقدمة العائدين، بعد غياب دام لأكثر من ثماني سنوات- انتهاء الحرب مع المركز، وانخراط قطاع الشمال في مشروع التغيير الذي تنادي به الثورة السودانية.
أحكام قضائية
العائدون من الحركة الشعبية -الذين كانوا في السابق ضمن قوات الحركة الشعبية بجنوب السودان وحملوا السلاح ضد النظام السابق بعد انفصال دولة الجنوب عام 2011- بينهم من صدرَ بحقه حكم غيابي بالإعدام، فهل تجُب العودة ما قبلها، في هذا الظرف الثوري الذي يمور بالسودان؟
الأكاديمي والباحث د. محمد جلال هاشم يقول في إجابته عن سؤال الجزيرة نت أن المجلس العسكري بتركيبته الراهنة لم يصدر قراراً بالعفو عن حملة السلاح، لأن إصدار مثل هذا القرار يعني إطلاق سراح الزعيم القبلي بدارفور موسى هلال رئيس مجلس الصحوة العسكري المعتقل منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017 من قبل قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دلقو “حميدتي” نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي.
يصف د. هشام عودة قيادات قطاع الشمال في هذا الظرف بأنها تهافُت يدل على أن مجموعة عرمان عقار لا تملك قوة عسكرية في الميدان.
مخططات للتدخل
ويضيف الباحث للجزيرة نت أن زيارة قيادة الحركة لدولة الإمارات تعطي إشارات واضحة على أن عودتهم للداخل ترتبط بمخطط للتدخل في الشأن السوداني، تقوده كل من الإمارات والسعودية ومصر.
ويقلل الناشط الحقوقي د. نبيل أديب من احتمال التوقيف القضائي لقيادات قطاع الشمال، ويقول إن عرمان على سبيل المثال محكوم عليه غيابيا، ويفترض لدى عودته أن تُعاد محاكمته، لكن في الجو السائد الآن -الذي يرمي إلى تحقيق السلام- من غير المتوقع ملاحقته.
ويرى د. أديب في عودة عرمان للخرطوم إضافة للتجربة الديمقراطية وقوى الثورة. وحول المصاعب التي قد تعترض نشاط الحركة بالداخل، يقول إن انشقاق الحركة إلى فصيلين سيؤثر سلبا على نشاطها العسكري، لكن هذا الوضع ربما يكون دافعاً لتحول الحركة بشكل كُلي للنشاط السياسي السلمي.
فصيل مهم
د. عبد النبي الطيب النوبي أستاذ الصحافة بجامعة وادي النيل يشدد على أن الحركة الشعبية فصيل مهم في معادلة الحرب والسلام بالسودان، وأن في عودة أحد أجنحتها للداخل دعما كبيرا لعملية التحول الديمقراطي.
ويذكر أن عودة قطاع الشمال بعد إزاحة البشير عن السلطة بمثابة تصحيح لموقف الحركة الشعبية لتحرير السودان (الأم) في معاداة المجلس العسكري بقيادة المشير عبد الرحمن سوار الذهب عقب الانتفاضة ضد نظام الرئيس الأسبق جعفر النميري عام 1985 .
وحول المستقبل السياسي لعرمان باعتباره أبرز الوجوه الشمالية التي التحقت بالعمل المسلح للحركة الشعبية، ويقول النوبي إن عرمان صمد في معارك كثيرة تعرض خلالها للتشويه واغتيال الشخصية، لعل السبب في ذلك يعود لعدائه التقليدي مع الإسلاميين.
ويضيف أستاذ الصحافة أن التجربة السياسية الطويلة لعرمان أهلته ليكون مفاوضاً حاذقاً وكادراً خطابياً مفوهاً، وهذا في حد ذاته -والقول للنوبي- أكسبه أعداء كثيرين داخل وخارج الحركة الشعبية.
دور سالب
من جهته يتخوّف المهندس عمر البكري أبو حراز (الرئيس الأسبق لدار المهندس) من أن تنعكس عودة قيادات الحركة الشعبية بصورة سالبة على ميدان الثورة، عندما تضاف إليه حمولة قطاع الشمال وخلافاته مع أطراف عديدة.
ويتوقع أبو حراز أن يرتبك المشهد مع قدوم العائدين، ما لم يضعوا أياديهم مع تجمع المهنيين ويعملوا داخله ككتلة سياسية واحدة.
يُذكر أن وفد المقدمة التحق فور وصوله الخرطوم بجموع المعتصمين أمام قيادة الجيش، وأعلن أردول ان الحركة الشعبية-شمال ستعمل بجناحين أحدهما في الخارج بقيادة رئيس الحركة مالك عقار، والآخر بالداخل يقود الحراك السلمي بقيادة عرمان نائب رئيس الحركة وأمينها العام إسماعيل خميس جلاب.
المصدر : الجزيرة