في ظل التصريحات النارية المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران، طرحت الكاتبة كانديس روندو في تقرير بموقع “ورلدبوليتكس ريفيو” الأميركي تساؤلا عن دور المليشيات الموالية لإيران في تعقيد الإستراتيجية الأميركية.
وتشير الكاتبة إلى أن عودة موجة من المقاتلين المنتمين إلى “لواء فاطميون”، وهي مليشيا تدعمها إيران وتتألف من الهزارة الأفغان الذين يقاتلون في سوريا منذ الأيام الأولى للحرب الأهلية، تدل على أن طهران تتوقع نوعا مختلفا تماما من الحرب بالوكالة.
وفي حين انصب معظم التركيز على تداعيات الحرب السورية، وتحديدا على المخاطر التي تشكلها عودة مقاتلي تنظيم الدولة إلى بلدانهم، فقد وقع التغاضي عن الآثار المترتبة عن عودة الآلاف من الوكلاء الإيرانيين من الأراضي السورية إلى بلدهم.
ووفقا لما اقترحه أحد الباحثين الأفغان الذي يدعى أحمد شجاع جمال، في تقرير لمعهد السلام الأميركي، فقد حمل حوالي 50 ألف شخص السلاح في سوريا من أجل الدفاع عن نظام بشار الأسد نيابة عن طهران، مشيرا إلى أن العديد منهم وافقوا على القتال بملء إرادتهم بفضل الرواتب المرتفعة والوعود المغرية بالحصول على الجنسية أو الإقامة في إيران إثر عودتهم من سوريا.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، تدفق مئات المقاتلين المنتمين إلى المليشيات الإيرانية التي تعمل بالوكالة في كل من العراق وسوريا ولبنان إلى إيران، استجابة لطلب قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، للمساعدة في الإغاثة من الفيضانات التي غمرت البلاد ابتداء من شهر مارس/آذار الماضي.
وكان المقاتلون العراقيون التابعون لقوات الحشد الشعبي العراقية المدعومة من إيران أول من لبى النداء، وسرعان ما تبعهم المقاتلون الأفغان من “لواء فاطميون”.
وأضافت الكاتبة أن التدفق المستمر للمليشيات الإيرانية بالوكالة إلى إيران خلال الأسابيع الأخيرة أثار ردود فعل عنيفة. ومع ترسّخ الاحتجاجات ضد الظروف الاقتصادية العصيبة التي اندلعت عام 2018 في شرق إيران، في أذهان العديد من الأشخاص، يشعر البعض بالقلق من أن عودة الوكلاء الإيرانيين إلى الداخل يعكس حالة من عدم الارتياح في طهران بشأن الاحتمال المتزايد لتغيير النظام.
وذكرت الكاتبة أن التوترات السياسية بصدد التصاعد لاسيما بين المتشددين المؤيدين للنظام والعازمين على تحدي الولايات المتحدة من جهة، والشعب الإيراني الخاضع لضغط الحروب الثقافية المحلية المستمرة من جهة أخرى، حيث يحاول رجال الدين المحافظون الحد أو التخلص تماما من أي نفوذ غربي، وفق تعبير الكاتبة.
مخاوف
في الأثناء، أثارت عودة مقاتلي لواء “فاطميون” إلى أفغانستان، وخاصة إلى القرى الواقعة في غرب البلاد قرب الحدود الإيرانية، مخاوف بشأن الدور الذي قد يلعبونه في حال وقّعت الولايات المتحدة صفقة مع طالبان وسحبت المزيد من قواتها خارج البلاد.
وأوردت الكاتبة أن أصحاب النفوذ في أفغانستان سواء كانوا رسميين أو غير رسميين يختلفون حول ما إذا كانت عودة هؤلاء المقاتلين إلى إيران تعتبر بالمسألة الإيجابية أو السلبية.
فمن ناحية، لاحقت قوات الأمن الحكومية الأفغانية مقاتلي لواء “فاطميون” السابقين خشية تسبّبهم في حالة من عدم الاستقرار. ومن ناحية أخرى، فإنه بالنسبة للنخب الشيعية الأفغانية غير التابعة للحكومة والتي تتطلع للدفاع عن مصالحها، قد يكون وجود قدامى المحاربين القادمين من ساحات القتال السورية لمحاربة طالبان أو تنظيم الدولة أو الفصائل الجهادية السنية الأخرى في المرحلة التالية من حرب أفغانستان الأبدية أمرا مفيدا.
ونوهت الكاتبة بأن عودة المقاتلين التابعين للواء “فاطميون” إلى إيران قد لا تشكل تهديدا لاستقرار المنطقة، إذ تُشير إشاعات داخل صفوفهم إلى أنهم يفتقرون إلى الانضباط والوحدة خلال مشاركتهم في الحرب السورية، غير أنه من المؤكد أنهم قد برهنوا على قدرتهم على البقاء.
وأفادت الكاتبة بأنه بينما يناقش الكونغرس مدى مصداقية ادعاءات البيت الأبيض بوجود تهديد وشيك لمصالح الولايات المتحدة من طرف الوكلاء الإيرانيين، سيحاول المشرعون والمسؤولون في إدارة ترامب التأثير في قرار قوات القدس باستدعاء الوكلاء، على غرار لواء “فاطميون”، وإعادة توجيههم.
ومن المؤكد أن مهمتهم التي أعيد تشكيل أهدافها تدل على أن تغيير النظام في إيران لن يكون سهلا، بل من المحتمل أن يكون له آثار غير متوقعة على إستراتيجية الخروج الأميركية في أفغانستان.
الجزيرة