عمل المؤسسات الدينية اجمالاً هو ارشاد المجتمع وتوعيته وزرع المفاهيم الصالحة فيه، اي كل ما ينفعه في حياته عموماً فتنظم حياته المادية والمعنوية، لان الدين وظيفته تقديم افضل وانفع ما في الدنيا وما في الآخرة للمخلوق، حينئذ تكون هذه المؤسسات عوامل مساعدة في تحقيق غاية الفرد سواء شعر بذلك او لم يشعر.
ولأجل هذا كانت هناك مؤسسات خيرية وفكرية وتربوية وتوعوية وغيرها بل حتى المؤسسات السياسية ان كانت ذات طابع ديني.
وهذا الأمر ينطبق على المجمع الفقهي العراقي الذي هو دار للفتوى وتجمع العلماء والمرجعية السنية للمسلمون السنة في العراق
ولقد تم تشكيل المجمع الفقهي من قبل مجموعة من رجال الدين ومفكريه بعد اختتام المؤتمر الخامس لعلماء العراق الذي أنعقد في عمان في نيسان /ابريل عام 2007، ويتخذ من جامع الإمام أبو حنيفة النعمان في بغداد مقرًّا له، ويهتم المجمع باتخاذ مواقف من مشاكل العراق . ويهدف المجمع الى مواجهة الأفكار المتطرفة التكفيرية والطائفية ويتبنى الفهم الوسطي المتوازن للإسلام الذي يجمع بين اتِّباع النصوص وتحقيق مقاصد الشريعة بحيث يراعي مصالح البشر التي لا تتعارض مع النصوص الشرعية كما يجمع بين محكمات الشرع ومقتضيات العصر. كما انه يعمل على تجاوز الصورة السلبية للرمز الديني من خلال تطور وتطوير مستمرين لتجديد الفهم للدين والحياة وذلك بالاستفادة من خبرات العلماء الكبار لزرع المعاني الكبيرة في نفوس الجيل الجديد.
ومن أهداف المجمع الرئيسة توحيد كلمة الشعب العراقي من اجل تفويت الفرصة على أعداء العراق.
المجمع مرجعية شرعية مستقلة لأهل السنة والجماعة, شأنها شأن المرجعيات الدينية في العراق، وهي ليست حكومية ولا من منظمات المجتمع المدني, ويعنى ويهتم بالمؤسسات العلمية الشرعية داخل العراق وخارجه لغرض تحقيق الأهداف المنشودة ضمن حدود الشريعة الإسلامية, مع مدِّ جسور التعاون والتواصل وتبادل الخبرات مع الهيئات والمنظمات والمؤسسات المعنية بهذا التخصص كافة.
ومنذ تأسيسه في عام 2010م، يحظى المجمع الفقهي العراقي بمكانة رفيعة ويتمتع بثقل كبير في المجتمع العراقي نظرا لمواقفه الوطنية والإنسانية النبيلة، فبعد انتصار العراق عسكريّا على تنظيم داعش الإرهابي أطلق المجمع الفقهي العراقي حملة “عراق بلا تطرف” لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي فكريّا، وتوطيد أواصر الوحدة الإسلامية والوطنية بين جميع مكونات الشعب العراقي ونبذ كل أشكال التفرقة والعنف والتطرف.
كما أن المجمع الفقهي العراقي يدعم كل السياسات الرامية إلى محاربة الفساد والمفسدين في العراق.
وفيما يتعلق بموقفه من المشاركة في الانتخابات النيابية في العراق والتي تعد شكل من أشكال العملية السياسية فيه، كان موقف المجمع الفقهي العراقي منها واضحًا ولا لبس فيه.
دعا المجمع الفقهي العراقي، العراقيين الى المشاركة الفاعلة في الانتخابات ولو بنية “تقليل الفساد”، عادا اياها “شهادة لا ينبغي كتمانها”.
وقال المجمع الفقهي العراقي، إنه “انطلاقا من المسؤولية الشرعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وواجب التواصي بالحق والتواصي بالصبر ولتجنب الخسران في الدنيا والآخرة”.
واضاف المجمع أنه “يرى ان الانتخابات شكل من اشكال الشهادة التي ينبغي عدم كتمانها”.
وفي سبيل ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية واحترام المعتقدات والمناسبات الدينية المسيحية في العراق، أجاز المجمع الفقهي العراقي، التهنئة بأعياد رأس السنة الميلادية، وقال المجمع في بيان تلقت شبكة رووداو الإعلامية نسخة منه إنه “يجوز تهنئة غير المسلمين برأس السنة الميلادية وتبادل الهدايا معهم”.
وأضاف أن “المسيحيين اخوة لنا في الوطن والانسانية وقد تعرضوا لبلاءات مثلنا وشوهت صورة ديننا عند الكثير منهم، وحقهم علينا ان نبرهم”.
وفي سبيل ارساء دعائم الحوار والتفاهم بين كافة اطراف وشرائح المجتمع العراقي، عقد أكثر من لقاء بين برهم صالح رئيس جمهورية العراق وأعضاء من المجمع الفقهي العراقي، وقد أكدت تلك اللقاءات على محاربة الفساد والتأكيد على أهمية علماء الدين في ارساء القيم والمبادئ والسلام ونبذ التطرف والمغالاة ومحاربة الفساد مما يعزز الاستقرار والازدهار، وضرورة تغليب لغة الحوار والتقارب بين الاديان والمذاهب لتفويت الفرص أمام الذين يتخذون الدين ستاراً ويسعون الى خراب البلاد والعباد.
كما يحظى المجمع الفقهي العراقي باحترام وتقدير البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية العاملة في العراق، حيث زار عدد من السفراء من مختلف الدول العربية والإسلامية المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء في مقره العام بجامع الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان.حيث كان في استقبالهم الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه وعدد من أعضاء الهيئة العليا في المجمع .
وتبادل الجانبان دور الدعاة وأهميته في الوقت الراهن والتركيز على نوعية الخطاب المعتدل الذي يسهم في نشر المحبة والسلام داخليا وخارجيا وأبدى السفراء دعمهم لمنهج المجمع ومباركتهم لجهوده في نشر العلم والدعوة إلى الله تعالى في بغداد ومحافظات العراق جميعها.
لذا يعتبر المجمع الفقهي العراقي من المؤسسات الحيوية في العراق ولديه الكثير من النشاطات والفعاليات اضافة الى تقديم المساعدات للنازحين واللاجئين، ومنها ارسال وفود دينية الى أماكن وجود النازحين للاطلاع على مشاكلهم وتقديم المساعدات واصدار البيانات والفتاوى إزاء مختلف التطورات والأحداث حيث سبق أن أدان قصف المدن وقتل المدنيين الأبرياء وتهجير الناس طائفيا وانتقد جرائم تنظيم داعش الإرهابي ضد المسلمين وغير المسلمين . كما يتوافد الناس الى المجمع لأخذ الفتاوى الدينية حول مختلف القضايا والمشاكل.
بناء على كل ما تقدم، أضحى من الضروري دعم المجمع الفقهي العراقي؛ لأنه المرجعية الشرعية لأهل السنة والجماعة في العراق. ولدوره في الحفاظ على الهوية الإسلامية. فمن خلاله يمكن لسُنة العراق أن تشكل جماعة واحدة متراصة، وانهاء حالة الانقسامات السُنية الداخلية. ومن خلاله أيضًا يجب على الحكومة العراقية الأخذ بمشورته عند ترشيح مسؤولين في الوقف السني ومنصب مفتي العراق، فهو خير من يمثّل سُنة العراق.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية