مع تصاعد الخلاف التجاري بين الصين وأميركا سجلت أسعار النفط ارتفاعا في آسيا، ويرى محللون أن الخلافات بين البلدين تؤثر في الأسعار، وسجل سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود)، المرجع الأميركي للخام تسليم يوليو (تموز)، ارتفاعا قدره 29 سنتا ليبلغ سعره 53,55 دولار في المبادلات الإلكترونية في آسيا.
أما برميل برنت نفط بحر الشمال، المرجع الأوروبي تسليم أغسطس (آب)، فقد ارتفع 18 سنتا إلى 62,47 دولار. وكانت أسعار النفط سجلت تراجعا أمس بسبب حذر المستثمرين في مواجهة الشكوك حول مستقبل الاتفاق بين منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركائها والعلاقات التجارية الأميركية الصينية.
وبحسب وكالات الأنباء “فقد انخفض سعر برميل برنت الاثنين دولارا واحدا”. أما في نيويورك، “فقد خسر برميل النفط الخفيف 73 سنتا”.
وقال بنجامين لو، المحلل في مجموعة “فيليب فيتشرز” في سنغافورة، “إن المخاوف المتزايدة المتعلقة بالطلب وضعف الاقتصاد ستؤثر على الأسعار في الأمد القصير”.
أما ستيفن اينيس، المحلل في مجموعة “فانغارد ماركيتس”، فقد رأى “أن الأسواق لا تزال تحت تأثير العرض المفرط وانخفاض الطلب، وأن هناك مخاوف حقيقية بسبب التباطؤ الصيني وضعف الاتحاد الأوروبي ومعطيات اقتصادية أميركية بدأت تترنح”. وأضاف “التراجع الاقتصادي خطر قائم فعلا”.
ارتفاع احتياطيات السعودية من النفط والغاز
على صعيد متصل رفعت “بي.بي” تقديراتها لاحتياطيات النفط الخام السعودية والأميركية في نهاية العام الماضي بنسبة 12% و22% على الترتيب، وذلك في مراجعتها الإحصائية لقطاع الطاقة العالمي للعام 2019 والتي تُعد مرجعا للصناعة.
ونقلت “رويترز” “أن تقدير احتياطيات النفط السعودية المؤكدة ارتفعت إلى 297.7 مليار برميل في نهاية 2018 من 266.2 مليار برميل في تقرير العام الماضي”.
وجاءت الزيادة بعد أن بدأت السعودية إعلان احتياطيات النفط والغاز وسوائل الغاز الطبيعي بشكل منفصل، حسبما قال سبنسر ديل، كبير اقتصاديي بي.بي في تصريحات للصحافيين.
وقال ديل “إن احتياطيات سوائل الغاز الطبيعي كانت تُذكر سابقا ضمن احتياطيات الغاز، مما أسفر عن تراجع إلى 208.1 تريليون قدم مكعبة من 283.8 تريليون قدم مكعبة في 2017”.
ورفع التقرير تقديرات الاحتياطي النفطي للولايات المتحدة، التي أصبحت أكبر منتج في العالم في 2018، إلى 61.2 مليار برميل من 50 مليار برميل في نهاية 2017.
واستقر إجمالي الاحتياطيات العالمية دون تغير يذكر عند 1729.7 مليار برميل، بما يغطي نحو 50 عاما من الطلب العالمي بمعدلاته الحالية.
الصين لا ترغب في حرب تجارية
وعلى صعيد التوتر التجاري، أعلنت وزارة الخارجية الصينية “أن الحكومة سترد بقوة إذ أصرت الولايات المتحدة على تصعيد توترات التجارة بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه مستعد لفرض المزيد من الرسوم إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في قمة مجموعة العشرين التي تُعقد في يونيو (حزيران).
وكرر ترمب أنه مستعد للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة أوساكا في نهاية يونيو (حزيران)، لكن الصين لم تؤكد الأمر. وقال ترمب الأسبوع الماضي إنه سيتخذ قرارا بعد الاجتماع مع زعماء أكبر اقتصادات عالمية بشأن ما إذا كان سينفذ تهديدا بفرض رسوم على سلع صينية لا تقل قيمتها عن 300 مليار دولار.
وكان الرئيس الأميركي قال “إنه مستعد لفرض جولة أخرى من الرسوم العقابية على واردات صينية إذا لم تحرز المحادثات مع الرئيس الصيني شي في أوساكا تقدما”. ومجددا، لم يتطرق قنغ شوانغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إلى تأكيد اجتماع شي وترمب في مجموعة العشرين، قائلا “إن المعلومات سيتم الإفصاح عنها فور أن تتوافر للوزارة”.
وقال “الصين لا ترغب في خوض حرب تجارية، لكننا لا نشعر بالخوف من خوضها”، مضيفا “أن باب الصين مفتوح أمام المحادثات المبنية على المساواة”، وأضاف “إذا كانت الولايات المتحدة ترغب فقط في تصعيد النزاعات التجارية، سنرد بالتأكيد ونحارب حتى النهاية”.
وتصاعدت التوترات بين واشنطن وبكين بحدة في مايو (أيار) بعد أن اتهمت إدارة ترمب الصين بالنكوص عن تعهدات بإجراء تعديلات هيكلية في الاقتصاد بعد محادثات تجارية امتدت لأشهر.
تحذيرات من نزول النفط دون 40 دولارا
على صعيد متصل، نقلت “رويترز” عن مصدرين مطلعين على بيانات رسمية “إن متوسط إنتاج روسيا النفطي بلغ 11.04 مليون برميل يوميا في الفترة من الأول حتى العاشر من يونيو (حزيران) مقارنة مع 10.87 مليون برميل يوميا في الأيام الثلاثة الأولى من الشهر ذاته”. و”كان الإنتاج في أول ثلاثة أيام من هذا الشهر الأقل منذ منتصف 2016″، وفقا لحسابات رويترز. وامتنعت وزارة الطاقة الروسية عن التعقيب.
وكانت روسيا حذّرت أمس من مخاطر كبيرة لحصول فائض في إنتاج النفط قد يتسبب بخفض أسعار الخام إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل. وقال وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك، خلال لقاء جمعه مع نظيره السعودي خالد الفالح في موسكو، “هناك حقاً مخاطر كبيرة من حدوث فائض في الإنتاج”. وقال “علينا تحليل كل شيء لنتمكن من اتّخاذ قرار متوازن في يوليو (تموز)”، في إشارة إلى اجتماع مهم لتحالف الدول المصدرة للنفط داخل منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وخارجها. وتوقع الوزير السعودي أن ينعقد الاجتماع في فيينا مطلع يوليو (تموز) لاتّخاذ قرار بشأن تمديد اتفاق مرتبط بمستويات الإنتاج.
واتفقت روسيا مع أعضاء أوبك على خفض إنتاج الخام لرفع الأسعار بعد هبوطها في 2014 و2015. حيث وافق تحالف الدول المصدرة للنفط الذي يضم 25 عضواً على خفض الإنتاج بـ1,2 مليون برميل في اليوم اعتباراً من مطلع العام الحالي بعدما تراجعت أسعار النفط أكثر من 30% أواخر العام الماضي.
وقال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف للنواب إن “الأسعار قد تنخفض إلى ما دون 40 دولاراً أو حتى إلى 30 دولاراً للبرميل”، بحسب ما نقلت عنه وكالات أنباء روسية. ورأى نوفاك كذلك إنه “لا يمكن استبعاد سيناريو من هذا النوع”، وأشار، “يعتمد الكثير على الوضع في السوق في الربعين الثاني والثالث، انطلاقاً من ميزان العرض والطلب ووصولاً إلى كيفية تطور الوضع في ظل الظروف الشائكة والحروب التجارية والعقوبات والضغوط على دول عدة”.
وقال الفالح فيما بتعلق باحتمال تراجع الأسعار إلى 30 دولاراً للبرميل “إن العمل جارٍ لاتخاذ خطوات وقائية لتجنب هذا السيناريو”.
وتسبب التراجع الكبير في صادرات إيران وفنزويلا إضافة إلى خفض الإنتاج الذي تم الاتفاق عليه وطبقه تحالف الدول المنتجة للنفط منذ يناير (كانون الثاني)، بخفض الإمدادات.