أربع نقاط في موضوع التوتر في الخليج الفارسي:
الأولى، إيران. لا شك بأنها هي التي تقف خلف ضرب ناقلات النفط. لم تكن هنا جرأة إيرانية بل خطوة يأس من الخناق الاقتصادي الأمريكي الذي يوشك على تحطيم اقتصادها ويمس بقدرة النظام على مواجهة مشاكله الداخلية. بتقديري فإن أهداف هذه الخطوة هي جر الولايات المتحدة إلى عملية رد عسكري؛ وخلق تراص إيراني داخلي من جهة، ومن جهة أخرى وضع ترامب أمام اإمكانية الدخول في الانتخابات للرئاسة بينما تكون الولايات المتحدة متورطة في القتال. وكل ذلك على أمل أن يقلص ترامب ربطة الخناق الاقتصادي عن إيران أو تدخل في مفاوضات معه من موقف قوة. الثانية، إرادة ترامب. برأيي ليس للرئيس الأمريكي الآن نية للخروج إلى عملية عسكرية ضد إيران وخدمتها. من اللحظة الأولى يعود ترامب ويكرر بأنه لا يريد الحروب (باستثناء ضد إيران التي في الطريق إلى السلاح النووي). صحيح أن لديه قوة عسكرية ليست لدى أي دولة في العالم اليوم، ولكن صندوق أدوات السياسة لديه هو القوة الاقتصادية الأمريكية العالمية، والتي يستخدمها الآن بوحشية تجاه إيران. أولاً وقبل كل شيء يمنعها من تصدير النفط الذي يشكل أكثر من 80 في المئة من مداخيلها. وبالتالي، في المدى القريب ستكون الخطوات الأمريكية المركزية، فوق كل شيء، شد الخناق الاقتصادي أكثر فأكثر والمس بمراكز الثقل الاقتصادية للحرس الثوري. كما أنه واضح جداً بأن ترامب سيسعى إلى نزع الشرعية عن إيران من خلال العودة المستمرة لعرض أدلة على مسؤوليتها عن العملية، وسيبسط منظومة جمع خاصة لتغطية كاملة لكل الخليج الفارسي وموانئه. والعائق الأساس الذي يقف أمام ترامب هو الانقسام الداخلي العسير الذي يعصف بالمجتمع الأمريكي، حين يكون الحزب الديمقراطي يعارض كل خطوة له ويعد نفسه لانتخابات 2020.
الثالثة، تتعلق بالاتحاد الأوروبي. عندما تخطط إسرائيل لأن تضيف بضعة بيوت في القدس الكبرى، يخرج الاتحاد على الفور بالشجب. والآن، حين تصاب مسارات الإبحار الدولية، يصمت الاتحاد، على الأقل حتى كتابة هذه السطور. يبرز أساساً الرئيس ماكرون الفرنسي، وكأنه أحرق مع نوتردام. بريطانيا، كعادتها التاريخية، وقفت إلى يمين الولايات المتحدة بشكل واضح. أما ألمانيا، التي تقود الاتحاد، فترفض حالياً الاعتراف بأن إيران مذنبة بتخريب الناقلات. ليس هذا فق،ط بل إنها تبحث كل الوقت عن سبيل مالي لتجاوز العقوبات الأمريكية على إيران. من الصعب التصديق، ولكن أوروبا «المتنورة» هي اليوم في معسكر واحد مع إيران الإرهابية ضد الولايات المتحدة.
الرابعة، تتعلق بالنفط. في الماضي كان المس بالإبحار في الخليج الفارسي يرفع أسعار النفط دفعة واحدة. هذا لم يحصل هذه المرة لأن الولايات المتحدة لم تعد متعلقة بنفط الشرق الأوسط. فقد أصبحت المنتج الأكبر في العالم والمصدر الأكبر للنفط زهيد الثمن. مع السعودية، المتعلقة اليوم بالنية الطيبة لترامب، يمكن للولايات المتحدة أن تناور في سوق النفط العالمية بالكميات والأسعار.
بتقديري ستكون التطورات متعلقة بقدر كبير بالقرارات التي يتخذها الإيرانيون الذي يعيشون في معضلة عسيرة في وضع عسير. فهل سيواصلون ضرب الابحار في الخليج، وهل سينفذون التهديدات ويواصلون خرق الاتفاق النووي والمخاطرة بالتأكيد بالعزلة الدولية أم يتخلون عن الكبرياء ويدخلون في حوار مع ترامب؟ اذهب لتعرف روح وعقل خامينئي، الزعيم الروحي الإيراني، وأفكار قادة الحرس الثوري.
القدس العربي