قبل أيام قليلة ، إندهش سكان وزوار العاصمة الأميركية واشنطن حينما سمعوا ضجيجا مفزعا ثم رأوا طائرة حربية تحلق فوق رؤوسهم قبل أن تقترب من البيت الأبيض في مشهد نادر لم يألفوه من قبل. لم تكن الطائرة سوى المقاتلة الشبحية إف 35 بي ، تستعرض مهاراتها بطلب من الرئيس ترامب الذي أراد أن يبهر ضيفه الرئيس البولندي بقدراتها الفذة خاصة وأنه يتجه لشرائها.
لكن واقع الأمر أن الرئيس الأميركي أراد أن يبعث بتلك الضجة الهائلة التي ولدها طيران المقاتلة بشكل عمودي فوق رؤوس المتابعين في حديقة البيت الأبيض ، رسالة واضحة تذكر حلفاء واشنطن على بعد آلاف الأميال ، أنه من الأفضل أن تكون صديقا بدلا من أن تصطف مع الأعداء ، كما تذكر خصوم الولايات المتحدة وخاصة إيران أنه من الخطر التمادي في عداء أقوى دولة في العالم.
الرسالة إلى الحلفاء قٌصد بها تركيا وألمانيا ، فتركيا عضو حلف الناتو ، أبرمت صفقة مع روسيا لتسليحها بنظام صواريخ إس-400 المتطور بينما تريد في الوقت ذاته الاحتفاظ بصفقة سابقة أبرمتها مع واشنطن للحصول على طائرة إف 35 وهو ما ترفضه واشنطن ، أما ألمانيا فتتعامل – من وجهة النظر الأميركية – باستخفاف مع التزاماتها المالية تجاه حلف الناتو ، كما تسعى لإمدادات طاقة روسية عبر خط أنابيب غاز تحت بحر البلطيق وهو ما يثير غضب ترامب.
أما الرسالة تجاه الخصوم ، وفي ظل عزم ترمب على مواصلة دبلوماسية السفن الحربية ، فكان من الواضح أنها إيران ، حيث اعتبر خبراء عسكريون أن الضجة المخيفة التي أحدثتها الطائرة بحركتها البطيئة كانت متعمدة بدقة ، ذلك أن تحرك الطائرة واقلاعها عموديا لأعلى ولأسفل ، هو أحد مزاياها التي تجعلها قوة دعم حاسمة من الجو لفرق مشاة البحرية الأميركية “المارينز” حال شن هجوم أرضي ، ومن دون الحاجة لإقلاع الطائرة من حاملة طائرات.
لماذا لا تحتاج أميركا حاملات طائرات في الخليج؟
وبينما يتساءل كثيرون عن سبب عدم وجود حاملة طائرات أميركية في مياه الخليج العربي لفترات طويلة رغم تصاعد نذر التوتر مع إيران منذ شهور طويلة ، يجيب خبراء عسكريون بأن الولايات المتحدة لم تعد في حاجة إلى حاملات طائرات في الخليج سواء لاحتواء إيران أو لمواجهتها ، فالطائرة إف 35 بي تحديدا لديها القدرة على الإقلاع عموديا من فوق سفن الهجوم البرمائية والسفن المخصصة لحمل طائرات الهليوكبتر والتي تسمى “واسب كلاس” ، ومن ثم يصبح بمقدور البحرية الأميركية وفرق المارينز شن هجوم بري وجوي إذا تطلب الأمر من دون الحاجة لاستخدام حاملة طائرات.
وبمعنى آخر ، أصبح لدى الولايات المتحدة وسائل جديدة للسيطرة على طائرات العدو ودعم القوات الحليفة على الأرض ، وبالتالي لم تعد سفن الهجوم البرمائية الأميركية تخشى العمل في مناطق تهديد جوي طالما أن طائرات إف 35 سترافقها أينما ذهبت.
وتتواجد سفينة الهجوم البرمائية “إيسكس” على مقربة من شواطئ إيران في بحر العرب وتحمل فرقة مارينز مكونة من 2100 جندي وعددا من الدبابات والعربات المدرعة ، بالإضافة إلى عدد من طائرات إف 35 والتي تعد جزءا من مجموعة طائرات الهجوم التابعة للمارينز “سكوادرون” والتي نفذت من قبل هجمات ضد مواقع لداعش في أفغانستان ، ويمكنها تدمير أهداف أرضية وجوية وبحرية في إيران عند الحاجة.
ولهذا تسعى البحرية الأميركية لاستكمال تجهيز سفن الهجوم البرمائية التسعة التي تملكها بطائرات إف 35 مما يعطي الولايات المتحدة قوة ردع هائلة و تفوقا جويا إلى جانب حاملات الطائرات الإحدى عشرة العاملة في البحرية الأميركية.
أسرار تفوق إف 35
وفقا لما تنشره مجلات الدفاع المتخصصة في الولايات المتحدة، فإن أهم ما يميز إف 35 التي تنتجها شركة “لوكهيد مارتن” هو قدرتها على التخفي واختراق الدفاعات الجوية المتطورة للعدو وهي قدرة حاسمة لتحقيق نصر أميركي في أي صراع مرتقب ضد أي عدو بما فيها روسيا والصين.
كما أنها طائرة مقاتلة قاذفة متعددة المهام ، يمكنها الاشتباك في الجو ضد طائرات العدو والقيام بدعم جوي للقوات البرية والبحرية فضلا عن قصف أهداف في مناطق بعيدة.
وفي تقرير أصدره معهد ميتشيل للدراسات الجوية والفضائية ، شرح عدد من الجنرالات كيف يمكن دمج الطائرة إف 35 لتعمل إلى جوار الطائرة إف 22 ليكون لهما السيادة في الجو ، فمن بين مزايا الطائرتين قدرتهما على تلقي معلومات وأوامر خلال تحليقهما في الجو لقصف أهداف محددة من مراكز القيادة والعمليات وذلك عبر وسائل اتصالات وأجهزة كمبيوتر فائقة التكنولوجيا ، فضلا عن امكانية تبادل المعلومات بين الطائرات خلال تحليقها وتخزين المعلومات في السحابة الإلكترونية.
وتتميز إف 35 بأحدث نظام في إلكترونيات الطيران ويشمل جهازا لرسم الخرائط الأرضية بدرجة تحديد فائقة ، ونظام استهداف بصري إلكتروني متقدم ، فضلا عن نظام باراكودا للحرب الإلكترونية وأجهزة استشعار عن بعد وتدابير مضادة لافشال استهدافها من خلال اعتمادها على التصوير متعدد الأطياف.
كل هذه النظم تمنح الطيارين القدرة على ادراك كل الاتجاهات بزاوية 360 درجة وهو ما لا يتوافر لأي طائرة أخرى.
المقارنة بين إف 35 و إف 22
رغم تشابه الطائرتين في كثير من الصفات وبعض القدرات إلا أن هناك العديد من الاختلافات حيث إن طائرة إف 22 أغلى سعرا ويصل ثمن انتاج الطائرة الواحدة إلى 150 مليون دولار فضلا عن أموال البحوث التي أنفقت عليها منذ بدأ برنامجها عام 1980 ، ونظرا لسعرها المرتفع ودخولها الخدمة عام 2005 اكتفى البنتاغون في الماضي بإنتاج 200 طائرة بدلا من 700 ، ثم قرر شراء 90 طائرة إف 35 والتي يبلغ ثمن الواحدة منها 90 مليون دولار على أن يتم انتاج 2400 طائرة منها للبحرية وسلاح الجو والمارينز حتى عام 2037 رغم أن تكلفة الرحلة في الساعة الواحدة تصل إلى 67 ألف دولار.
تتميز إف 22 رابتور بميزة مستحيلة هي قدرتها على رصد واستهداف وتدمير أي طائرة معادية قبل أن تراها وذلك بفضل نظام راداري فائق التطور صممته شركة “نورثروب غرومان” وهو نظام مسح إلكتروني يضم 2000 من المستقبلات ، كما يمكن للطائرة إرباك الطائرات المعادية بأجهزة تشويش إلكترونية.
وتتمتع إف 22 وهي أسرع من إف 35 وأكثر قدرة على المناورة ، بقدرتها على إفشال محاولات استهدافها عبر تدابير مضادة ، فإذا استهدفها صاروخ حراري ، أطلقت عددا من المشاعل لتضليل الصاروخ ، وإذا واجهها صاروخ موجه بالرادار ، أطلقت قطعا صغيرة من مواد عاكسة لإرباك الأشعة الرادارية فيبتعد الصاروخ عن ملاحقتها.
وقبل أيام تفاخر الأميركيون بمفاجأة عدد من الطائرات الروسية ومنها طائرات سوخوي 35 المتطورة بعدما اخترقت المجال الجوي الأميركي فوق ولاية ألاسكا ، حيث لم يدرك الطيارون الروس وجود طائرتين من طراز إف 22 إلا بعدما كانتا فوق رؤوسهم لتنسحب الطائرات الروسية بسرعة.
السرعة والحجم
تتميز إف 22 بسرعة تصل إلى 2.25 ماخ أي 1500 ميل في الساعة مقابل 1.6 ماخ هي سرعة إف 35 أي 1200 ميل في الساعة ، كما تستطيع إف 22 التحليق صعودا إلى السماء بسرعة 62 ألف قدم في الدقيقة مقابل 45 ألف قدم لطائرة إف 35
أما من حيث الحجم فإن إف 22 أثقل وزنا وأكبر حجما، طولا وعرضا وارتفاعا كما يشير الجدول أدناه.
التسليح
صٌممت إف 22 للاشتباك والقتال في الجو وهي تستطيع حمل 6 قاذفات صواريخ لاستهداف الطائرات المعادية خارج إطار رؤيتها.
أما إف 35 فهي ذات مهام متعددة وتستطيع حمل كثير من القنابل المتنوعة ومنها صواريخ مضادة للدبابات وذخائر عنقودية وصواريخ موجهة وقنابل تمهيد الطريق أمام القوات الأرضية ، ويصل وزن بعض هذه القنابل إلى 2000 رطل.
وتشير البيانات التالية إلى تفاصيل أكثر دقة لمقارنة أحدث طائرتين في العالم:
إف 35
طائرة مقاتلة متعددة المهام
سعر الطائرة 91 مليون دولار
انتاج: شركة لوكهيد مارتن
الطول 50 قدم
الارتفاع 14 قدم
العرض 35 قدم
السرعة 1.6 ماخ (1200 ميل/ ساعة
أقصى ارتفاع تحلق إليه 65 ألف قدم
أقصى وزن 70 ألف رطل
المدى 1350 ميل
سرعة التحليق ارتفاعا إلى السماء 45 ألف قدم/ دقيقة
تشمل 8 مليون من الأكواد المعقدة
رادار فائق التطور
نظام تشويش للاتصالات
نظام لتبادل وتدفق المعلومات
محرك واحد من نوع برات و ويتني وهو أقوى محرك في صناعة الطيران.
تتشكل الطائرة من 300 ألف قطعة تأتي من 1500 مورد في أماكن مختلفة حول العالم.
تُصنع الطائرة في تكساس وإيطاليا واليابان.
تدرب على قيادتها 400 طيار من 12 بلدا.
إف 22
طائرة سيادة جوية
سعر الطائرة 150 مليون
انتاج: لوكهيد مارتن وبوينغ
الطول 62 قدم
الارتفاع 16 قدم
العرض 44 قدم
السرعة 2.25 ماخ (1500 ميل/ساعة)
أقصى ارتفاع 65 ألف قدم
أقصى وزن 83.5 ألف رطل
المدى 1600 باضافة خزانات وقود
سرعة التحليق ارتفاعا إلى السماء 22 ألف قدم / دقيقة.
رادار الطائرة رابتور يملك امكانية رصد مساحات عرضية صغيرة جدا تصل إلى أقل من ملليمتر مربع
للطائرة محركان من نوع برات و ويتني.
تستمر الطائرة في الخدمة حتى عام 2040
على خلاف جميع الطائرات الأخرى لا يتم بيع هذا النوع لأي دولة في العالم كما أن هناك بعض المواصفات المصنفة “سرية”.
اندبندت