د. سليم محمد الزعنون
حققت المعارضة التركية فوزها الأكثر أهمية منذ تولي حزب العدالة والتنمية للحكم عام 2002، إن فوز إمام اغلو بمنصب عمدة اسطنبول مقابل مرشح الحزب الحاكم بفارق 9%، وارتفاع الفارق بينهما من 18 ألف صوت في انتخابات مارس الماضي إلى 800 ألف صوت في انتخابات الإعادة، يؤشر على تراجع الثقة في النظام السياسي.
على المدى المنظور لا تُشكل نتائج سباق اسطنبول تهديداً للنظام، بالنظر إلى سيطرته المطلقة على الشئون العامة والحكم، لكنها تُشكل تهديداً خطيراً لمستقبله، إذ تُعتبر مؤشر مبدئي على موازين القوى في الشارع، وإمكانية الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة، ليصبح تجسيداً واقعياً لتغيير المسار السياسي لتركيا.
نظراً لذلك فإن مرحلة الصراع على اسطنبول انتهت، ولكن تكمن المشكلة في التحديات التي ستواجه المعارضة في مرحلة ما بعد الفوز، والقدرة على الاستمرار والنجاح، فالحزب الحاكم سيعمل على:
1. بذل جهداً كبيراً في افشال إمام اوغلوا، خاصة أن العدالة والتنمية لا زال يشغل 25 من رؤساء البلديات في اسطنبول البالغ عددهم 39 رئيساً، ويتولى الأغلبية في الجمعية البلدية.
2. محاولة تأخير أو حجب التمويل أو عرقلة المشاريع أو سن قوانين وطنية تقيد حرية حركة إمام أوغلو.
3. محاولة خلق مشاكل قانونية لإمام أوغلو، فقد يتم رفع دعوة قضائية عليه بتهمة إهانة حاكم مقاطعة” أوردو” خلال الحمله الانتخابية.
4. محاول نزع الشرعية عن اتصالات وشركاء أوغلو، وإيجاد أخطاء في حياته الشخصية، وحتى تصويره على أنه خائن.
التحدي الأكبر الذي يواجه المعارضة في مرحلة ما بعد الفوز يتمحور حول القدرة على الإستمرار والنجاح، وتوسيع دائرة التأثير لتشكيل كتلة حرجة تمكنها من تشكيل تحد حقيقي للنظام السياسي في الانتخابات بعد أربع سنوات.
يتمحور ذلك حول قدرة إمام اغلوا على بناء وترسيخ وضعه، والنجاح في تحسين اقتصاد اسطنبول، ليتمكن من تقديم نفسه في الانتخابات الرئاسية بعد أربع سنوات كمنقذ للأمة والدولة.
كذلك قدرته على الإستمرار في توسيع نطاق الوصول، من خلال تعزيز التحالفات التي أنشأها مع التحالف اليميني، والأكراد، والأحزاب الأخرى كحزب السعادة، واليسار الديمقراطي، والشيوعيين، وتعزيز ثقة الساخطين في داخل حزب العدالة والتنمية.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية