سارع العراق لإدانة الاعتداء على السفارة البحرينية في بغداد، ففيما أكد الرئيس العراقي برهم صالح على عمق العلاقات بين بلاده والبحرين أدان وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم اقتحام سفارة المنامة في بلاده مؤكدا على التزام العراق بأمن البعثات الدبلوماسية، ومن بينها سفارة مملكة البحرين. لكن هذه المواقف لم تقنع المراقبين الذين يرون في الرد الحكومي العراقي تعبيرا عن الضعف وليست السيطرة على الوضع، كما أرادت أن تبرزها الحكومة العراقية، إذ يطرح انفلات الميليشيات المرتبطة بإيران تساؤلات كثيرة حول إمكانية تنفيذ هجمات على مواقع أخرى.
بغداد – أجرى العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة اتصالا هاتفيا مع الرئيس العراقي برهم صالح، حيث أعرب عن تقديره لموقف الحكومة العراقية من الاعتداء المرفوض الذي استهدف مبنى سفارة مملكة البحرين في بغداد وما اتخذته من إجراءات لأجل توفير الحماية اللازمة.
وأكد العاهل البحريني اعتزاز المملكة بعمق العلاقات الأخوية مع جمهورية العراق وشعبها الشقيق، والعمل المشترك لأجل المضي بتلك العلاقات لآفاق أرحب على مختلف الأصعدة وعلى كافة المستويات بما يدعم مصالحهما وردع كل من يحاول الإساءة إليها.
من جانبه، أكد الرئيس العراقي برهم صالح حرص بلاده على كل ما فيه خير وتعزيز للعلاقات الأخوية والتاريخية بين مملكة البحرين وجمهورية العراق ، مشددا على أن جمهورية العراق لا يمكن أن تسمح أبدا بالنيل من تلك العلاقات الوثيقة، معربا عن تقديره لمواقف مملكة البحرين الأخوية الداعمة لبلاده في كافة المواقف والظروف.
وأعرب وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم الجمعة خلال اتصال هاتفي مع نظيره البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عن “إدانته لاقتحام” مقر السفارة البحرينية في بغداد مساء الخميس، بحسب بيان من الخارجية العراقية، فيما استدعت المنامة سفيرها للتشاور.
وأكد الحكيم خلال اتصاله بالشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، بحسب بيان الخارجية العراقية، “التزام العراق بأمن البعثات الدبلوماسية، ومنها سفارة مملكة البحرين”، مشددا على أن أحداثا مماثلة “لن تؤثر في مستوى العلاقات أو التمثيل الدبلوماسي بين بغداد والمنامة”.
ومن جهة أخرى، أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن أن القوات الأمنية العراقية ألقت القبض على “54 شخصا من الذين اعتدوا على السفارة”، لافتا إلى أن وزير الداخلية الذي عين قبل أيام زار السفارة وشكل “مجلسا تحقيقيا بحق آمر قوة حماية سفارة البحرين لتقصيره بالواجب”.
وضربت القوات العراقية الجمعة طوقا أمنيا مشددا في محيط مقر السفارة البحرينية، ومنعت أي شخص من الدخول أو التصوير. وتريد الحكومة العراقية أن توحي بأنها مسيطرة على الوضع، لكن المراقبين يتفقون على أن سطوة الميليشيات المدعوة من إيران أكبر من قدرة حكومة عادل عبدالمهدي. ويقول هؤلاء إنه بغض النظر عن الموقف من البحرين فإن الميليشيات المرتبطة بإيران وجدت فرصتها في مهاجمة السفارة البحرينية.
كما أثار حادث اقتحام سفارة البحرين في بغداد العديد من التساؤلات عمّا إذا كان من السهولة مستقبلا مهاجمة مواقع أخرى، في ظل خروج الميليشيات المدعومة من إيران عن سيطرة الحكومة العراقية.
ويعتبر مراقبون أن الرد الحكومي العراقي تعبير عن الضعف أكثر مما هو تعبير عن السيطرة على الوضع.
وكان أكثر من 200 متظاهر قد اقتحموا ساحة السفارة البحرينية في بغداد ونزعوا علم المملكة مساء الخميس احتجاجا على المؤتمر الذي قادته الولايات المتحدة في البحرين بشأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبحسب فيديوهات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أحرق المتظاهرون علم إسرائيل أمام مقر السفارة البحرينية، ورفعوا علمي العراق وفلسطين، هاتفين بشعارات موالية لأحزاب مقربة من إيران.
وتمتلك إيران نفوذا كبيرا في العراق من خلال دعمها للميليشيات الشيعية وأحزاب تدين لها بالولاء وتعد من بين أبرز وكلائها في المنطقة.
وقالت مصادر بالشرطة المحلية لرويترز إن الشرطة أطلقت الرصاص على المتظاهرين لتفريق الحشد، ولم ترد أنباء عن إصابات.
وقال ضابط في الشرطة متمركز قرب السفارة “استخدمنا مكبرات الصوت في سيارات الشرطة للطلب من المتظاهرين ترك المكان”. وأضاف “بعد أن رفضوا اضطرت قوات الشرطة إلى فتح النيران في الهواء لتفريق المتظاهرين”.
وقال متظاهر، عرف نفسه بأنه عضو في جماعات المقاومة الإسلامية -وهو مصطلح كثيرا ما تستخدمه الفصائل الشيعية المدعومة من إيران- إن الهدف من الاحتجاج هو توجيه رسالة قوية.
وأضاف المتظاهر ويدعى أبومرتضى الموسوي “قمنا بإنزال العلم البحريني لإرسال رسالة واضحة إلى كل من شارك في مؤتمر البحرين بأننا نرفض بشدة تطبيع العلاقات مع الاحتلال الصهيوني ولن نتنازل عن دعم الفلسطينيين. نحن مستعدون للقتال من أجل هذه القضية”.
واستدعت البحرين سفيرها في العراق، الخميس، للتشاور عقب الاحتجاجات. وقالت وزارة الخارجية البحرينية، في بيان على موقعها الإلكتروني، “تستنكر وزارة خارجية مملكة البحرين الاعتداء المرفوض الذي استهدف مبنى سفارة مملكة البحرين لدى جمهورية العراق الشقيق من قبل متظاهرين وأدى إلى أعمال تخريبية في مبنى السفارة”.
وأضافت أنها قررت “استدعاء السفير صلاح علي المالكي سفير مملكة البحرين لدى جمهورية العراق للتشاور، وتحمّل الحكومة العراقية المسؤولية التامة لحماية سفارة وقنصلية مملكة البحرين في جمهورية العراق وجميع العاملين فيهما”.
وذكر بيان ثان من وزارة الخارجية البحرينية أن المنامة استدعت أيضا القائم بأعمال سفارة العراق في المنامة الجمعة للاحتجاج “على ما تعرض له مبنى سفارة مملكة البحرين في بغداد من اعتداء وأعمال تخريبية مساء الخميس 27 يونيو 2019 في سلوك غير مسؤول ومرفوض بشدة”.
وأضاف البيان نقلا عن السفير محمد جميل، الوكيل المساعد لشؤون مجلس التعاون والدول العربية بوزارة الخارجية، أن الوزارة “ترحب بالبيانين الصادرين عن الحكومة العراقية ووزارة خارجية جمهورية العراق والرافضين لهذا الاعتداء”. وأكد على أهمية أن تتم محاسبة المتسببين ومنع تكرار مثل هذه الممارسات.
ونددت الحكومة بالاحتجاجات وعبرت عن “أسفها الشديد لقيام عدد من المتظاهرين بالتجاوز على مبنى سفارة مملكة البحرين الشقيقة والقيام بأعمال تخريبية مخالفة للقانون وسلطة الدولة وحصانة البعثات الدبلوماسية”. وقالت في بيان “تؤكد الحكومة العراقية رفضها المطلق لأي عمل يهدد البعثات الدبلوماسية وأمنها وسلامتها وسلامة العاملين فيها”.
وقال النائب بالبرلمان العراقي فائق الشيخ علي، موجها كلامه لسفير البحرين في بغداد، “يؤسفني ما حصل لسفارة دولتكم البحرين في بغداد عاصمة دولتي العراق”. وأضاف “فحينما يكون بلدي ضعيفا وحكومته أضعف منه ويسود فيه الانفلات والتسيب والطائفية في أبشع صورها، يكون الجميع مهددا.. عراقيين وغيرهم من ضيوفه الكرام للأسف!”.
وقال ثامر السبهان، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، إن “ما يحدث لسفارة مملكة البحرين في بغداد أمر مؤسف للغاية”.
وأعربت وزارة الخارجية الإماراتية عن “استنكارها الشديد لاقتحام سفارة مملكة البحرين بغداد في مخالفة صريحة للأعراف والمواثيق الدبلوماسية”، وأدانت “هذا الانتهاك السافر”.
كما دعت أبوظبي “الحكومة العراقية إلى القيام بمسؤولياتها تجاه المحافظة على الالتزامات الدولية الواضحة بموجب المعاهدات الدولية التي تضمن أمن العمل الدبلوماسي”.
العرب