في خطوة وصفت بالمريبة، أقدمت القناة الثالثة في التلفزيون الإيراني على بث صور تكشف للمرة الأولى عن إحدى الطرق للالتفاف على العقوبات الأميركية الرامية إلى تصفير تصدير النفط الإيراني، ما أثار ضجة باعتبار الخطوة تتعارض مع مصالح الأمن القومي الإيراني.
وتظهر إحدى الصور ناقلة النفط “سارينا” محملة بمليون برميل من النفط الخام الإيراني وهي ترسو في ميناء جينزهو الصيني، في حين تقدم الأخرى رسما بيانيا عن الطريق الذي سلكته الناقلة من الشواطئ الإيرانية إلى نظيرتها الصينية.
ورغم تعهد إيران بالالتفاف على العقوبات الأميركية التي تعتبرها غير شرعية، فإن مسؤوليها شددوا أكثر من مرة على ضرورة انتهاج سياسة الغموض خشية الإجراءات الأميركية التي سبق أن هددت بفرض عقوبات على كل جهة تشتري النفط الإيراني.
وعقب نشر البرنامج التلفزيوني للصور، وجهت انتقادات شديدة لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني وصل بعضها إلى اتهامها بنشر معلومات تضر بالأمن القومي، وهو ما نفته القناة في بيان لها، قائلة إن المعلومات التي بثتها سبق أن نشرت على موقع صحيفة فايننشال تايمز الأميركية.
ويرى مراقبون إيرانيون أن تبرير القناة غير موفق، لأنه لا ينبغي التمسك بما ينشره الإعلام المعادي دون التحقق من صدقه أو كذبه، خاصة أن إعادة نشر هكذا معلومات قد تضر بالأمن القومي الإيراني بسبب استغلالها من قبل الأميركيين واتخاذها ذريعة لتشديد العقوبات على البلاد.
وكان وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أكد الأسبوع الماضي ضرورة تجنب نشر أي معلومات تتعلق بشراء وبيع النفط لأنها لا تصب في مصلحة البلاد.
تضر بالمصلحة الوطنية
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وفي معرض رده على سؤال الصحفيين -على هامش اجتماع المجلس الوزاري الأسبوعي- اعتبر بث برنامج عن مبيعات النفط الإيراني إلى الصين لا يساهم في المصلحة الوطنية بل سيضر بها، وأضاف “وزير النفط أولى مني بالحديث حول الموضوع وهو یراه غير ملائم للمصالح الوطنية”.
أما وزير النفط فتحدث عن لقاء عقده مع رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمي الإيراني علي عسكري لبحث الموضوع، مؤكدا أن البرنامج يقوض العمل الذي تقوم به وزارته، وأن إعادة نشر تقارير الإعلام الغربي -وبعضه معاد لإيران- أمر “غير لائق”.
وحث الإعلام المحلي على عدم الوقوع في فخ الإعلام الخارجي وبث التقارير فقط حول “أخبار صادرات النفط التي تؤكدها وزارة النفط”.
وردا على سؤال عما إذا كان هناك من يريد استهدافه في الداخل، قال زنغنه إن الموضوع أكبر مما يتصوره البعض.
من جانبه، تساءل النائب في البرلمان الإيراني محمود صادقي عما إذا كان الكشف عن نقل النفط للالتفاف على العقوبات الأميركية يندرج في إطار الإخلال بالأمن القومي.
وشدد عضو كتلة الأمل -المحسوبة على الرئيس حسن روحاني- في البرلمان الإيراني على ضرورة ممارسة هيئة الرقابة على الإذاعة والتلفزيون دورها، وطالب المدعى العام بالتحقيق في القضية.
وفي السياق، وجه نائب رئيس كتلة الأمل بالبرلمان الإيراني انتقادات لاذعة للتلفزيون الرسمي، واصفا الكشف عن طرق الالتفاف على العقوبات بأنها “تتعارض مع المصالح الوطنية وخيانة لإيران وشعبها”، وطالب المجلس الأعلى للأمن القومي بالتدخل ومعاقبة المقصرين.
واتهم نائب رئيس لجنة الشؤون القانونية والقضائية في البرلمان الإيراني، محمد كاظمي، التلفزيون بالعمل على ما يتعارض مع المصالح الوطنية، وعبر عن أمله في ألا يكون بث البرنامج متعمدا، واعتبر أن الأضرار التي قد تلحق بالبلاد جراء مثل هذه البرامج “لا تجبر”.
انتقاد الرئيس
في المقابل، قلل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني مجتبى ذو النور، من أهمية الانتقادات التي وجهت لهيئة التلفزيون، واصفا المعلومات التي تناولها البرنامج بأنها قديمة وسبق أن انتشرت على نطاق واسع في الإعلام المحلي والخارجي.
وأعتبر أن ما نشر مؤخرا مؤشر على عجز العدو في تصفير صادرات النفط الإيراني ويثبت أننا قادرون على بيع نفطنا.
وألقى النائب باللوم على الرئيس حسن روحاني حيث أثار سبل الالتفاف على العقوبات الأميركية بقوله “إن أميركا كشفت إحدى قنواتنا لبيع النفط وبقيت لدينا خمس قنوات أخرى”.
وعجت منصات التواصل الاجتماعي في إيران بتغريدات عن بث الصور، تفاوتت بين من يرى الموضوع اعتياديا ومن يراه ضمن خطة معدة مسبقا للإيحاء بفشل حكومة روحاني في الالتفاف على العقوبات الأميركية.
واعتبر الصحفي بهنام قلي بور في تغريدة على تويتر، أن الكشف عن سبل الالتفاف على العقوبات يأتي في إطار إرسال رسالة للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، مفادها أن الحكومة عاجزة عن بيع النفط وينبغي العودة إلى الطرق التي كانت تنتهج في حقبة الرئيس السابق أحمدي نجاد.
وكانت الولايات المتحدة انسحبت العام الماضي من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى العالمية الكبرى، وأعادت العقوبات على مبيعات النفط المهمة بالنسبة للجمهورية الإسلامية وغيرها من قطاعات الاقتصاد.
المصدر : الجزيرة